الرأي

خدمة بلا عمل

عمار يزلي
  • 2841
  • 7

لأننا نلاحظ أنه لا فينا ولا منا ولا معنا أحد يقر ويؤمن بأن الأمور تمشي على قدم (فما بالك… على قدم وساق! حتى كرة القدم، تمشي على سوق!)، فالكل يقول إنه لا أحد في مكانه! لا أحد يقوم بعمله المنوط به! قد يقوم بعمل غيره لكن عمله لا يقوم به غيره! وهذه هي المعضلة عندنا! السبب، أنا وجدنا أنفسنا نعمل بدون علم! وأحيانا حتى بدون اختيار وأحيانا أخرى جبرا وقسرا وفي أحايين أخرى، لأننا لم نجد غيره، وفي كل الأحيان.. أننا لم نجده ولا غيره!.. التي هي البطالة “المقنعة” التي لا تقنع أحدا! التشغيل والتوظيف قبل الثمانينات كان يتم بطريقة شعبوية! المصنع الذي يشغل نظريا لدى صانعه الغربي الذي يحسب لكل فلس، مائة عامل، شغلنا نحن فيه ألفا! (الله يجازي الحسنة بعشرة ونحن جازينا السيئة بمائة!).

العمل في السبعينات كان بهدف امتصاص البطالة وليس من أجل الإنتاج! كان يراد أن يكون لكل جزائري منصب عمل، أي له “خلصة” تأتيه حتى ولو لم “يعمل”! لهذا صرنا نقول عند خروجنا للعمل “راني رايح للخدمة”، وليس “راني راني رايح نخدم!” (لأننا عادة ما نذهب إلى العمل لنستريح!.. من ضجيج البيت والذراري، وتقرقيج المرأة!). وهذا ما جعل اليوم الجزائري يفكر بأنه مدفوع له أجرته الشهرية فقط لأنه جزائري! أما العمل فشيء آخر! لهذا لا يفكر في أنه مدفوع له أجرته لكي يعمل! فالأجر لا يكفيه أولا، لأن الراتب هو مجرد “بريم الجنسية”.. أما الخلصة فلا وجود لها، لهذا فهو لا يعمل، وإن عمل فهو يرى أنه “يدير فيك بليزير فقط!”: أستخرج لك وثيقة، أنا أصنع فيك جميلا! ثم إن هذا العمل: مش خدمتي”! تنصل حتى من المهمة أحيانا، وأحيانا تنصل بطريقة أخرى: ما راهش هنا.. خرج.. غير درك كان هنا.. عنده اجتماع.. ارجع نهار الحد.. إلخ..!

نمت على التفكير في هذه المتاعب التي لا تنتهي، لأجد نفسي مكلفا بتعيين مسؤولين على قطاعي الخدماتي الولائي: عينت ضريرا مكلفا بمراقبة الأسعار وآخر أخرس وأصم للحوار مع الشباب، وثالثا أعرج مقطوع الذراع والساق مسؤولا عن مختلف أنواع الرياضات، وعينت رابعا مشوها إثر حادث سيارة، “شفني” فعينته على رأس جمعية جمال المدينة! ثم عينت أربعة آخرين بنفس الطريقة، لأجد نفسي بعد سنة أعيش رعبا: الكل عين من تحته بما هو أدهى وأمر..

وأفيق من نومي وأنا لا زلت.. أنوم.. 

مقالات ذات صلة