الرأي

خطاب فتح الأعتاب

عمار يزلي
  • 585
  • 0

خطاب رئيس الجمهورية للولاة في لقائهم الثاني مع الحكومة بعد مضي سنة عن انعقاد اللقاء الأول، هو خطاب تقييمي لمسيرة عام وأيضا مسيرة 3 سنوات منذ انتخابه رئيسا للجمهورية. خطاب تقييمي لما مضى ورسم لخطة وفتح أعتاب ما سيأتي بدءا من 2023، والتي يعول عليها لإكمال مسيرة تعزيز النمو الشامل واستكمال ترسانة القوانين العضوية وتعديلها ومراجعتها بما في ذلك قانون البلديات والجماعات المحلية، وهو القانون الذي سيرى النور قبل نهاية السنة حسب سير الأمور والتي تبدأ بتأسيس لجنة المراجعة التي قد يعلن عنها قريبا بمرسوم تنفيذي أو رئاسي.

خطاب رئيس الجمهورية أمام الولاة والحكومة جاء مباشرة بعد تعديل حكومي ولكن أيضا بعد حركة واسعة في سلك الولاة أفضت إلى تنحية نحو 16 واليا و3 ولاة منتدبين.

التعديل الحكومي والحركة في سلك الولاة، جاء نتيجة حركة تقييمية لأداء الوزراء والولاة كما دأب رئيس الجمهورية على قوله وفعله؛ فالولاة الذين تم الاستغناء عنهم فيما يبدو من خلال خطاب الرئيس، لم يتمكنوا من الإقلاع الاقتصادي والتنمية في ولاياتهم، لأنهم ببساطة لم يتمكنوا من الإقلاع عن السلوكيات القديمة والعقليات السابقة المتمثلة في التخوف غير المبرر من أخذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بالإقلاع التنموي بعقلية جديدة ضمن الجزائر الجديدة كما يقول الرئيس، إذ جاء على لسانه أنه لا يزال هناك من الولاة من يستمع إلى لوبي الاستيراد وتخويفهم من الإمضاء خشية أن يجد المسؤول يوما نفسه في سجن الحراش. رد وتوضيح أفحم وأفهم وألهم كل من يريد أن يعمل بذهنية الصالح العامّ أن الوالي هو الرجل الأول في الولاية وقد استعاد كل سلطته بعد سنوات التسعينيات التي جردته من بعضها وحولته إلى كبش فداء. كما أفهم الولاة أنهم محميون من الرسائل المجهولة ومن أي تحقيق محلي وكل شكوك بشأن الفساد سيكون مركزيا وليس خاضعا للابتزاز المحلي.

رئيس الجمهورية أكد بالمناسبة على جملة من الحقائق التي لم يعُد أي جاحد قادرا على إنكارها، وهي تطور الصادرات خارج المحروقات والتي وصلت إلى نحو 5 مليار دولار ومنها الحديد والإسمنت الذي كان إلى وقت قريب يستورد. كما نوه بنمو القطاع الفلاحي ولكنه أصر في ذات الوقت موجها الكلام لوزير الفلاحة على أن تكون سنة 2023 سنة للاكتفاء الذاتي في المجال الفلاحي ومنها خاصة مجال الحبوب وأيضا اللحوم الحمراء. لقد كان صارما في هذا الصدد، إذ أشار إلى أن الولاة مطالبون بأن يكونوا في كل مكان وفي كل قطاع بما في ذلك الزراعي، وأن يتم تحديد المسؤوليات وضمان العدالة والسير العقلانية والإنسانية في التعامل مع الاستثمار والمستثمرين وتهيئة كل الظروف لخلق مناخ صحي تكون الولاية ومعها المجالس المحلية قادرة على التحرك الذاتي وعدم انتظار الدولة للتدخل وتطعيم الميزانية المحلية إلا في حالات خاصة مع نحو ألف بلدية من ضمن أكثر من 1500 لا تزال بحاجة إلى إعانة الخزينة، وهذا في انتظار نهوض هذه البلديات على قدميها عبر حركة ونشاط منتخبيها لجلب المشاريع والاستثمارات. ينطبق هذا على المدارس الابتدائية في هذه البلديات التي يتعين على المركزية الحكومية أن تأخذ أعباءها على عاتقها ولا تبقى مرتبطة بميزانية البلدية التي لا تكفي حتى لأعباء أخرى للتسيير والتجهيز وتسيير بعض القطاعات الاجتماعية البسيطة.

خطاب الرئيس بقدر ما كان تقييميا، كان حادا وصارما في توجيه البوصلة.. بوصلة الربان عبر منظار القبطان.

مقالات ذات صلة