الرأي

خطر متعاظم يحدق بالأمن القومي العربي

ح.م

الشرق الأوسط تحاصره، أخطر الأزمات، والنظام الرسمي العربي، يلتزم الصمت، وكأن الأمر لا يعنيه، رغم استنشاقه دخان الحرائق، التي اشتعلت شراراتها في كل الاتجاهات.
مفاتيح الأزمات المعقدة لا يملكها النظام الرسمي العربي لأنه لا يملك حضورا في حيثيات الصراع الإقليمي-الدولي الدائر حول العالم العربي. والقوى السياسية ذاتها لا تمتلك استقلالية قراراتها، والكيانات السياسية اللاعبة في الساحة العربية أشبه بكائنات آلية يتم التحكم بحركتها عن بعد، فهي ليست إلا واجهة لحاضناتها.
النظام الرسمي العربي لا يمتلك مختبرا لتحليل الأزمات، فهو غير مخول بمعالجتها، واعتاد الترقب لما تكشف عنه دهاليز مجتمع دولي، خاضع لمصالح القوى الكبرى، وقبوله بصياغات أجندة حلول غير منطقية عاجزة عن احتواء الاضطراب الأمني والسياسي والاقتصادي القائم هنا وهناك. الوجود “البروتوكولي” للنظام الرسمي العربي في خضم أحداث تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، فتح المجال واسعا لتدخلات قوى إقليمية خارجية بلعب دور غير مشروع في حيثيات الصراع القائم في الشرق الأوسط، وتنزع لنفسها استحقاقات وجود غير مشروعة.
فما يجري في بيروت وغزة وبغداد والمنامة وصنعاء ودمشق وطرابلس، مجرد وقت ضائع لا يحسب بحساب الأرقام الإيجابية التي تحقق نتائج النجاح المنتظر من المساعي المستمرة في محاولة لإيجاد حل أبعد من الزمن المستقطع من قبل النظام الرسمي العربي.
فشل النظام الرسمي العربي في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، هو الفشل العربي المعتاد في حسم القضايا الكبرى، فمتى حسم النظام الرسمي العربي أمرا أو حل معضلة؟
فقد فشل النظام العربي في احتواء الأزمة الفلسطينية، منذ البدء، فتواصل فشله في إيجاد حل للمعضلات الغارقة بفوضى الرغبات السياسية إلى حد التطاحن الذي ينذر بالخطر المحدق بمنطقة الشرق الأوسط.
والنظام الرسمي العربي لم يمتلك أدوات سياسية أو دبلوماسية لاحتواء أزمات تعصف به، أزمات تحولت إلى مواجهة معلنة بين قوى إقليمية تمركزت عبر واجهات سياسية في سلطة القرار العربي، وقوى دولية تسعى الآن لمحوها من الوجود.
الصراع الإقليمي – الدولي يتصاعد، والأطراف المتصارعة، تجد في العالم العربي، ساحة مفتوحة لصراعاتها، والنظام الرسمي العربي يخفي، سياسة الاصطفاف الرسمي، في دائرة الصراع، ومازال ممتنعا عن إصدار موقف إزاء ما يجري.
التزام النظام الرسمي العربي بما يقرره المجتمع دولي، الخاضع لمصالح القوى الكبرى، دون شرط الحفاظ على قواعد الأمن القومي، سيجعله طرفا في المواجهة الأمريكية المتصاعدة ضد تركيا وإيران.
وإذ يمر العالم العربي الآن بهذا المنعطف الخطير، سيجد نفسه في مواجهة الخطر المتوقع تفاقمه بين لحظة وأخرى، وهو خطر نسف أركان الوجود “البروتوكولي” لبقايا النظام الرسمي العربي في قلب القضايا المصيرية الكبرى.

مقالات ذات صلة