الرأي

خطورة مرشح الإجماع

محمد سليم قلالة
  • 2874
  • 17

الاستحقاق الرئاسي القادم في بلادنا، ينبغي أن يكون حقيقيا أولا يكون، إذا أردنا أن نضع حدا فاصلا لليأس السائد لدى فئات واسعة من المجتمع، ونمنع السلبيات المتراكمة من أن تتحول تحوّلا ضارا، ونُمكّن بذرة الأمل الباقية لدى شبابنا من أن تَينع وتُعطي ثمارها، علينا أن نجعل من الحدث القادم مرحلة مفصلية في تاريخ بلادنا، ولكي تكون يبدو أنه علينا أن نتجاوز مشكلة في غاية الخطورة اسمها مرشح الإجماع.

في تقديري تجاوز هذه المشكلة سيمكّننا من تحقيق 5  أهداف ذات أهمية قصوى لكي يكون الاستحقاق القادم حقيقيا:

أولا: سنخرج من تقليد أثبت عدم جدواه في كل مرة، يتمثل في أن الرئيس تختاره الكواليس (مجموعات أفراد) بالتوافق أو التنازل أو تبادل المصالح أو فرض الشروط، ثم يُدعى الشعب لتزكية توافق لم يشارك فيه، فتكون المشاركة إما إخفاقا أو نفاقا أو تجاهلا أو لامبالاة تامة بما يحدث، وهي من أسباب العزوف الرئيسة.

ثانيا: مرشح الإجماع كان في كل مرة يقتل فكرة وجود معارضة حقيقية قوية توضع في موقع المستعد لتتداول على السلطة ببرنامج بديل وقابل للتطبيق، لأن “الإجماع” كان في كل مرة يتمخض عن تحالفات غير طبيعية بين برامج يُفترض أن تكون بديلة لبعضها البعض، ونتيجة لذلك كانت البلاد تُمنع من إمكانية إستراتجية كبيرة تتمثل في قدرتها على تجاوز أية تهديدات طارئة على الأمن القومي، في حالة فشل السلطة القائمة، وقد كدنا نقع في ذلك في ظل غياب معارضة حقيقية.

ثالثا: أن المرشح الفائز ـ بالأغلبيةـ ومن غير إجماع فوقي، على الأقل سيعيد للانتخابات مصداقيتها ويمكّن الرئيس المنتخب من كل الشرعية المطلوبة، ويُلغي كل محاولة لديه لتعليق الفشل ـ إذا حدث ـ  بربع السلطة الذي لم يحصل عليه نتيجة هذا التوافق أو ذاك.

رابعا: سيسمح هذا التحدي من جعل الممارسة الديمقراطية الحقيقية أمرا لا رجعة فيه في بلادنا، خلافا للفكرة الرائجة أننا مهددون في أي وقت من الأوقات لنعود إلى مرحلة ما قبل التعددية. ومن جهة أخرى سنُثبت من خلاله للعالم مدى صلابة الدولة الجزائرية، ومدى قدرتها على مواجهة التحديات التي ستواجهها مستقبلا ببدائل مختلفة (سلطة ـ معارضة).

خامسا: وهو الأهم على الإطلاق سيعيد هذا السلوك الأمل لدى الغالبية ممن فقدوه، في أن تبقى دار لقمان على حالها، وأن لا تغيير في الأفق يمكن أن يفتح الآفاق نحو مستقبل واعد.

ولعل ذلك ـ أي الأمل ـ سيكون هو أكبر إنجاز علينا أن نسعى جاهدين لتحقيقه، لأنه مفتاح استباق كل  المخاطر التي قد نتوقعها أو لا نتوقعها، ذلك أن شعبا لديه أمل لا يمكن أن يُقهر أو يُحكم أو يفشل، أما إذا كان يائسا فهو معرّض لكل المخاطر والهزّات، وعندها لا ينفع معه مرشح الإجماع في شيء.

مقالات ذات صلة