الرأي

خطوط الاختراق لحَراك الجزائر

رشيد ولد بوسيافة
  • 1900
  • 6
ح.م

لا يمكن لبرنامج واحد على قناة أجنبية ولو كانت “فرانس 5” أن يشوّه حَراك الجزائريين الذين خرجوا قبل أكثر من عام رفضا للعهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومعها منظومة الحكم القائمة على الفساد، فالجزائريون الذين خرجوا في كل المدن بالملايين لا يمكن أن يمثلهم حفنة من الشبان الذين يعاقرون الخمر ويطالبون بالحرية الجنسية في بلدٍ محافظ.

ما حدث هو تشويهٌ للحراك، ومحاولة سطو مفضوحة على واحدة من أروع صفحات التاريخ المعاصر للجزائر، بالإدعاء أن الحراك الذي أبهر العالم بتنظيمه وحضاريته وسلميته ووعيه، كان من صُنع مجموعة من الشّباب المنحرف الذي يعاقر الخمر في الدّهاليز ويحلم بجزائر خالية من قيم العفّة والحياء والتماسك الأسري.

لكن الانطباع الأبرز الذي تركه روبورتاج “Algerie Mon Amour” هو أن اختراق الحَراك من جماعات مشبوهة كان أمرا واقعا، وأن العملية كانت أقرب ما تكون إلى نموذج الرّبيع العربي في بعض البلدان، حيث تم إعداد شباب تحت إشراف مؤسسات أجنبية وتمكينهم من السّفر إلى الخارج ضمن برامج تكوينية لتمكينهم من قيادة الحشود والتأثير في الجماهير.

ومن حقنا أن نتساءل الآن، بل نطالب بالتحقيق في ماضي الشباب الذين ظهروا في الروبورتاج وهم ينظّرون للحراك، ويشرحون للعالم كيف خرج الجزائريون رفضا لمنظومة الحكم الفاسدة، علما أن أحد الشباب – والأكيد ليس وحده – الذين ظهروا في الروبورتاج كان ضمن برامج اكتشاف المواهب مثل “Young Arab Voices” و”Young Maghreb Voices” بين سنتي 2015 و2017.

 وما خلفية مؤتمرات “Hammamet Confence”، التي تنظم سنويا في تونس، ويحضرها عددٌ كبير من الشباب الجزائري؟ وهل تنشط المؤسسات الثقافية الأجنبية في الجزائر في إطار ثقافي لغوي بحت؟ أم أن الأمر يتجاوزه نحو قضايا أخرى لا تتماشى مع طبيعة المجتمع المحافظ للجزائر مثل “Eauqlity Diversity and  Inclusion” التي تعترف بـ”المثلية”؟

من حقنا أن نتساءل عن طبيعة عمل المؤسسات الأجنبية في الجزائر، وعن الطريقة التي يتمّ اختيارُ القادة والمؤثرين من الشباب، ودعمهم ماديا ومعنويا وتوجيههم بطريقةٍ لا تخدم ثقافة وطنهم وتماسكه ووحدته؟ ومن حقنا أن نتساءل كذلك عن خلفيات السكوت عن الكثير من أنشطة الجمعيات المشبوهة والمرتبطة بالخارج بما فيها تلك المرتبطة بالماسونية؟

إنّ الجزائريين الذين خرجوا في الحَراك لا يمكن أن تكون هذه أفكارهم، لأنهم لم يخرجوا للمطالبة بالاعتراف بالعلاقة الجنسية خارج إطار الزواج، ولا للمطالبة بكسر الطابوهات وتمرّد المرأة عن قيود المجتمع المحافظ!

مقالات ذات صلة