جواهر
اللقاء الأول كيف يكون؟

خلال فترة الخطوبة لا حق لك أيها الرجل!

جواهر الشروق
  • 30839
  • 0
ح.م

وصلتني رسائل عديدة تطلب تناول معايير إختيار شريك الحياة وكيفية تحديد إن كان الطرف الآخر مناسبا أم لا، وما هي سبل التوفيق في المعايير بين الرغبات الدينية والدنيوية أثناء الإختيار، وما هي الموضوعات التي يتم تناولها والتحدث فيها لتحديد مدى تناسبهما كشريكا حياة، وكيف نستغل فترة الخطبة للتعارف الأمثل بالعقل دون ترك العواطف تتحكم في سير الأمور.

فالزواج سكن ومودة، ومسئولية، وهو تنظيم للحياة، وهو ارتباطات عائلية، كما هو استمتاع وحب ومشاركة، ولابد أن يكون هذا كله في ذهن من أراد الزواج وعقد العزم لذلك، فإن تحقق بعضها فزواجه ليس ناجحاً مائة بالمائة، وإن تحققت جميعها فالسعادة ستكون عنوان البيت وشعاره.

فالسكن والمودة يكمنان في هدوء النفس الذي يشعر به الزوجان، وفي صبر الزوج على زوجته، وفي هدوء المرأة ورقتها مع زوجها، وفي الدفء والحنان الذي يشعر به كلاهما تجاه الآخر.

والمسئولية تظهر واضحة جلية عندما يجد العروسان نفسيهما في منزل واحد، كما أن الزواج ارتباط عائلي وهو من صميم أهدافه وغاياته ومن أهم فوائده، فالرجل لا يرتبط بزوجته فحسب – والعكس صحيح – بل يتزوج معها أباها وأمها وأعمامها وأخوالها وأخوتها وأخواتها وجميع أفراد العائلة خاصة المقربين منها، وأقصد هنا العلاقة الحميمة الجديدة التي تنشأ بين أسرتين نتيجة هذا الزواج، لذلك : فتخيروا لنطفكم فإن العرق دساس”.

 هل استدين لأتزوج؟

وفي الخطوة الأولى وهي مجرد التفكير في الزواج من قبل الشاب فقد عايشنا كثيراً مشكلات بعض الشباب الذي تقدم لخطبة فتاة وهو لا يملك سوى راتبه، فإذا به يضطر للإستدانة ليشتري الشبكة، ثم يستدين ليعقد عليها، وبعد العقد بأشهر بدأت المشاكل نتيجة هذا الموقف، حيث مرت فترة الخطبة وشهور من العقد وهو مازال خالي اليدين، لا شقة ولا متاع رغم دينه وخلقه وحسن سيرته إذ لم يكن يريد التسلية فعلاً، إنما أراد الزواج وهو لا يملك مالاً كافياً، وكانت النتيجة الانفصال حيث صمم والدي الفتاة على طلاق ابنتهم رغم أن الشاب قد استدان وأجر شقة الزوجية، الذي يريد أن يتزوج وليس معه من المال ما يكفي ويضطر للاستدانة لشراء ما يحتاج إليه بالتقسيط، وهذا يفقده حلاوة الزواج ومتعته لسنوات طويلة حتى يسدد ما عليه من ديون وأقساط، وربما حدثت المشكلات بينه وبين زوجته والتي ستشعر منه بالبخل، بينما هو يدافع عن نفسه بضيق ذات اليد، وربما مرضت زوجته أو ابنه ولم يستطيع شراء الأدوية أو دفع مصاريف المستشفى بسبب الأقساط التي تقضي على ما يملك أولاً بأول.

لذلك على الشباب ألا يجعلوا من خشية الفتنة ذريعة لأن يتقدم لخطبة فتاة وهو لا يملك حجرة يسكنها فضلاً عن أعباء الزواج الأخرى، ويؤكد ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”. والباءة هي القدرة على تحمل تكاليف الزواج وتبعاته.

لكن إن هو تقدم لفتاة وقبل والدها به وهو فقير، أي سيتم الزواج على هذا الحال وبدون ديون فيجب أن يتوكل على بركة الله، وهذا دور أهل الفتاة في تخفيف العبء المالي على الشاب الذي يرون فيه الدين والخلق.

كيف أختار؟

اختيار شريك الحياة يكون على أسس وقواعد تحكمها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وإحتياجات الواقع، ولا تحكمها الأذواق والأمزجة الشخصية، فنجد الكثير من الشباب يشترط أن تكون زوجته بيضاء البشرة، أو بطول ووزن معين، أو من يريد شعراً أصفراً ناعماً طويلاً، وعيون خضر وغير ذلك، فنحن ننادي ونستصرخ الشباب والفتيات بأن معيار الشكل قد يزول، والفتاة الجميلة قد تكون قبيحة الأخلاق والصفات، والشاب الوسيم الغني قد يكون أنانياً بخيلاً.

ومن أراد أن يبني زواجه على الأسس الصحيحة فليسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تزوجوا النساء لحسنهن ، فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ، ولكن تزوجوهن على الدين ، ولأمة خرماء ( أي مشقوقة الأنف والأذن)  ذات دين أفضل”.

ويضع النبي صلى الله عليه وسلم تحديداً للمرأة الصالحة وأنها الجميلة المطيعة البارة الأمينة فيقول: ” خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك”.

ومن أرادت الاختيار السليم فعليها أيضاً بذي الدين والشرف والمروءة والخلق الحسن، فإن عاشرها عاشرها بالمعروف، وإن سرحها سرحها بإحسان، وقد قال رسول الله: ” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”.

لذلك على الفتاة أن تحسن إختيار زوجها وفقاً لهذه المعايير، فلن يتحمل أذى زوجها إن آذاها ألا هي وحدها، ولن ينفعها حسنه وماله إن لم يرض الله فيها ويحسن عشرتها وإن أساءت هي له، فالأقل وسامة قد يبر أمك في حين أن الوسيم الجميل قد يمنعك عنها، والفقير قد يبارك الله لها معه في القليل أو يغنيه يوماً في الوقت الذي تكون فيه فتاة أخرى غيرها مهانة من الغني الذي تزوجته لماله، ولا يهينها إلا بسبب غناه وماله حتى إنه يعاملها كأنها خادمه عنده، وربما أقل من ذلك.

اللقاء الأول

ويأتي اللقاء الأول بعد الإختيار ويكون لقاء تعارف شخصيات، ولقاء الرؤية الشرعية، والنظر لمن أراد الشاب التقدم إليها ن هدى الإسلام فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما”. والأفضل ألا تشعر الفتاة بهذا النظر، بل ويجب ألا تشعر أن هناك من يراها قبل أن يتقدم لخطبتها لئلا تشعر بالضيق والحزن إن رفضها الخاطب أو لم يسترح عند النظر إليها.

وأن علمت الفتاة أن الشاب يريدها فعليها ألا تتكلف في شيء، وعليها ألا تنسى ابتسامتها اللطيفة خلال اللقاء الأول، فهناك من قابلت شاباً بتجهم فظن من ذلك رفضها وذهب ولم يعد ، وهنا فالإرتياح بين الطرفين عامل مهم، ولا مانع إن كان أحد الطرفين يريد مقابلة أخرى أن تتم حتى يتأكد من القبول.

خلال الخطبة لا حقوق لك أيها الخاطب!

والخطبة وعد بالزواج فقط، وليس زواجاً، فلا يحق للرجل أن يدخل بيت أهل خطيبته متى يشاء، وليس له الحق في أن ينفرد بها، أو أن يطلب منها ما يرفضه أهلها، لذلك يجب أن يتفهم الخطيب هذه الأمور حتى لا تحدث مشكلات بينه وبين أسرة خطيبته.

وعلى الشاب أن يجتهد في كسب أسرة زوجته، كأن يناديهم بأحب الأسماء إليهم وأن ينادي والدتها بأمي لا حماتي، وأن يتفنن في اللباقة مع أبيها واحترامه لأن ذلك يضع له رصيداً عنده قد يحتاجه يوماً، والأخوة الشباب للعروس يحتاجون للمصاحبة والتودد.

وخلال فترة الخطبة يدرس كل طرف شريك حياته، بحيث يلاحظ أفعال الطرف الآخر وأقواله وتصرفاته وما يقال عنه، وعلى الشاب أن ينظر للطريقة التي تتحدث بها الفتاة مع والديها، وأخوتها الذكور خاصة، فإن كانت لا تحترمهم فبالتالي لن تحترم زوجها مع أول مشكلة تحدث بينهما.

كذلك البيوت تختلف عاداتها وتقاليدها وأعرافها واهتماماتها، والشخصيات تتباين من بيت إلى بيت، فعندك أهل الخطيب قد تكون الكلمة للأب والأم لا تناقش أو تعترض، لكن في بيت خطيبته قد يختلف الوضع وتكون للأم كلمة مسموعة، وهنا فعليه أن ينتبه ألا يعال أهل عروسته بمعاييره هو فالناس مختلفون وهذا أمر طبيعي، ومن الأفضل عموماً ألا تطول فترة الخطبة لأن ذلك ليس من هدي رسول الله في الزواج، كما قد يكون ذلك سبباً في تنامي الغيرة عند أهل العروس خصوصاً الذكور منهم وبالتالي قد تحدث مشاكل كثيرة.

فيما نتحدث؟

وخلال جلسات فترة الخطبة يجب على العروسان أن يتحدثا في الأسباب التي ترغبهما في الزواج والأهداف منه، وما الوسائل التي تساعدهما على تحقيق هذه الأهداف، وماذا يحب كل طرف في الحياة وماذا يكره، وما الصفات الشخصية لكليهما سواء الصفات الإيجابية أو الصفات السلبية، كما يجب أن يتحدثا في مرجع حل المشكلات إن حدثت لا قدر الله بينهما مستقبلً، وطبعاً تكن هذه الحوارات على جلسات متعددة وبشكل ودي غير رسمي بين محبوبين لا بين متهم وقاض، وخلال الجلسات يجب أن يحتفظ كل طرف بالابتسامة والكلمات الرقيقة وأن يكونا صريحين.

وبعض الفتيات يتكلفن الحياء خلال الخطبة وهذا ليس مطلوباً بالشكل غير المرغوب فيه، فعليها أن تبادل خطيبها الحديث حتى يتعارفا، وعليها أن تبتسم دوماً حتى لا ينفر منها أو يظنها كئيبة، وعلى العروس أن تدافع عن خطيبها ولا تتركه لأهلها ينالون منه كيفما يشاءوا إلا أن كان سيء الخلق، كذلك عليها أن تتوقع فسخ الخطبة بين الحين والآخر، لكن عليها ألا يكون السبب منها.

كما ننصحها بألا تطلب هدية من خطيبها حتى ولو بالتلميح، وعليها أن تتعرف عليه جيداً وأن تعرف ما يحب وما يكره وما هي صفاته والأسلوب الذي يحب أن تتعامل به معه، وما هي نقاط قوته وما نقاط ضعفه.

مقالات ذات صلة