-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خليدة.. نادية.. والآخرون

خليدة.. نادية.. والآخرون

خلال احتفالية تكريم الفنانة وردة الجزائرية، جلست السياسية لويزة حنون، زعيمة حزب العمال، على نفس الكرسي وفي نفس القاعة التي دشنتها وزيرة الثقافة السابقة نادية لعبيدي، منذ شهرين فقط، ليس عشقا في الطرب من السيدة لويزة، التي لم نعرف لها أي ميول فني للأغنية العربية أو حتى الروسية التي أخذت منها ربما أشعارا وشعارات في تكوينها السياسي من دون أن تتذوق روائع تشايكوفسكي و… وفي الوقت نفسه، غابت السيدة نادية لعبيدي وسابقتها خليدة تومي، وكأنهما انسحبتا من الساحة الثقافية، بعد أن حملتا الحقيبة لبضعة أشهر بالنسبة إلى الأولى، وبضع سنوات بالنسبة إلى الثانية، أو ربما لم تنضما أصلا إلى الساحة الثقافية وإنما حملتا الحقيبة الثقافية وما كان فيها أي شيء مرتبط بالثقافة.

قالت السيدة خليدة تومي مرة، عندما كانت تنعم بكرسي الوزارة، إنها تعيش للثقافة ولا تتصوّر نفسها من دون نشاط ثقافي. وقالت أيضا إنها هي من أقنعت الدول العربية بأن تعتمد مدينة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، ثم خلفتها السيدة نادية لعبيدي وقالت أيضا إنها امرأة لا ترى نفسها تحيا بهواء آخر غير الثقافة.. ومع ذلك، ما إن أنهيت مهامهما حتى طلقتا الثقافة ومشتقاتها بالخلع، كما يطلق كل الوزراء بالثلاث أي مجال يزعمون أنهأوكسجينهمعندما يتسيّدون عليه، كما يطلق الولاة وكبار المسؤولين كل ما له علاقة بالوطن، بما في ذلك الوقوف للنشيد الوطني وزيارة مقبرة الشهداء وقراءة قسما، بمجرد أن يجدوا أنفسهم خارج الخدمة، وهم الذين يرمون غيرهم بالخيانة إن غابوا عن المواعيد الوطنية عندما كانوايحيون ويقتلونعلى وزن نمرود سيدنا إبراهيم عليه السلام. 

في الولايات المتحدة الأمريكية، كل الرؤساء السابقين ما زالوا ينشطون لصالح بلادهم، وفي مجالاتهم، وربما بأكثر حماس وإخلاص، فجيمي كارتر يعصر خبرته في قضية الشرق الأوسط، وبيل كيلنتون، يتابع التحرك الاقتصادي، وبوش الابن يقدم دروسا مجانية لكبار المسؤولين. وعلى وزنهم يساعد كبار الوزراء السابقين من خلفهم، في جو يوحي بأن الدولة فعلا لا تزول بزوال الرجال، بل حتى الرجال لا يزولون إلا عندما تنتهي حياتهم، بينما ينتهي العمل وحتى الوطنية عندنا، بمجرد أن تنتزع الحقيبة من هذه أو الكرسي من هذا.

روى لنا مرة إمام جامع الأمير عبد القادر بقسنطينة قصة شاب صيني أعجبته فتاة بالمدينة، فتقدم للزواج منها، فاشترط عليه والدها اعتناق الإسلام، فقام الرعية الصيني بكل الإجراءات الإدارية، وضرب موعدا مع إمام الجامع ليشهر إسلامه أمام الملإ خلال صلاة الجمعة، ولكن في الفترة التي سبقت إشهاره الإسلام، قررت عائلة الفتاة تغيير رأيها، فاعتذرت عن قبول عرض الزواج، وانتظر إمام الجامع ومعه المصلون، هذا الصيني، ليعتنق الإسلام، ولكنه اعتذر هو أيضا عن دخول دين الله، لأن الإسلام بالنسبة إليه هو وثيقة يصل بها إلى هذه الفتاة. وواضح، للأسف، أن الكثير من مسؤولينا ينظرون إلى الوطنية على أنها وثيقة أو حقيبة تمنحهم الجاه والتسلط، وبمجرد أن تُنهى مهامهم يكفرون بما كانوا يزعمون.. أنه قمة الإمان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ساكورا

    ان اقتضت الضرورة سيقفون ضد مصلحة وطنهم في سبيل الأمة