الرأي

“خليه يتمرمد”!

قادة بن عمار
  • 3930
  • 9

غريب جدا أن ينخرط الأمين العام لاتحاد الفلاحين في حملة مقاطعة أضحية العيد بحجة تركها حتى تنخفض الأسعار، لدرجة أنه هو من أطلق تلك الحملة تحت عنوان “خليها ترخص”، وهو بهذا يبرر سلوك السلطة التي عجزت عن المراقبة وضبط الأسعار وباتت اليوم تنخرط في حراك اجتماعي وشعبي كان لابد أن تعثر له على حلول لا أن تتبناه!
عندما تستولي السلطة على دور الشعب، وتصبح جزءا من المشكلة فهي بالتالي، تتخلى عن وظيفتها في العثور على حل، لذلك أخفقت في ضبط سوق السيارات، بل وفاقمت الأزمة أكثر حين أسست لاحتكار جديد كما فشلت أيضا في ضبط أسعار الخضر والفواكه، ودفعت الجزائريين لشراء البطاطا مثلا بـ90 دينارا قبل أسبوع واحد من عيد الأضحى!
ربما كان الوزير الأول أحمد أويحيى أكثر وضوحا حين سئل عن سبب ارتفاع الأسعار، وتحديدا ما تعلق باللحوم البيضاء فأجاب قائلا إن السوق تخضع لقانون العرض والطلب “فالمواطن هو الذي يحدد السعر وهو الذي يرفعه حين يشجع السوق الموازية”، وبالتالي فعليه أن يدفع ثمن أفعاله!..أو بشكل آخر: “خليه يتمرمد”!
لا بل إن أويحيى لم يجد حرجا وهو يقول للمواطنين: “الله يكون في عون أصحاب المدخول الضعيف”، مع علمه أن الحكومة التي تخطط لرفع الأسعار ولرفع الدعم عن المواد الأساسية لا تريد بالمقابل ممارسة “رفع” ثالث، وهو رفع الأجور!
أويحيى يحاسب المواطنين على تشجيع السوق الموازية ولا يحاسب مصالح وزارة التجارة مثلا على إخفاقها في القضاء على تلك السوق مع توفير مناصب شغل للبائعين فيها، تماما مثلما لا يمكن لجميع مصالح الرقابة أن توقف غول السماسرة وجشعهم بل هي تغض الطرف عن شكاوى المواطنين وتتلذذ بهذه الفوضى العارمة!
يبقى السؤال: من للمواطن المسكين؟ والجواب، لا أحد، فالأحزاب السياسية، سواء تلك التي في الموالاة أو في المعارضة تزعم أنها متفقة كليا على تشخيص الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وإن كان الأمر صحيحا فذلك ليس له سوى معنى واحد، أنهم اتفقوا على راس الشعب!
كما أن حال النقابات لا يبدو أفضل من حال الأحزاب، فالنقابة التي تسمي نفسها الأكبر انخرطت في معادلة السلطة منذ سنوات فباتت تدافع عن رجال الأعمال بدلا عن العمال أما ما تبقى من النقابات المستقلة فقد تم تخويفهم بسلاح سحب الاعتماد مثلما تم في قطاع التربية قبل أسابيع، فأضحت حركتهم محدودة وإضراباتهم معدودة.. وعليه، لم يعد أمام هذا المواطن سوى تكرار دعاء أويحيى: الله يكون في عوننا.. مع اختلاف في النيّة طبعا!

مقالات ذات صلة