-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مالا يقال

خمس رسائل مشفرة!

خمس رسائل مشفرة!

من يقرأ تصريحات المسؤولين الجزائريين حول السفير الأمريكي أو »الحراڤة« أو يتوقف عند »لوائح المساندة« في التلفزة، أو تحرك إتحاد الكتاب خارج القانون، أو شاهد »مهزلة ليلة الفنك« يخرج بسؤال واحد: من يقف وراء الإساءة للجزائر: هل هي السلطة أم الأحزاب أم الإعلام الرسمي؟ 

لأنه يتحدث بالعربية!

 يخيل لي أن تصريحات وزير خارجيتنا حول السفير الأمريكي الحالي تحمل الكثير من التضليل الإعلامي، فالموقف من السفير الأمريكي جاء بعد المناظرة التي أجراها مع الدكتور محمد لعقاب باللغة العربية، وهي المناظرة التي حاولت وسائل الإعلام الرسمية تجاهلها، بالرغم من أنها حدث الموسم الثقافي. لو أن السفير الأمريكي تحدث بغير العربية أو كانت المناظرة مع مثقف أو إعلامي فرنكوفيلي، لربما تحولت إلى أكثر من حدث موسمي. لو أن السلطات الجزائرية كانت تريد »تنبيه« السفراء الذين يتدخلون في الشأن الجزائري من أمريكا وفرنسا وبريطانيا، لتحركت قبل هذا العام. ما يؤسف له أن اللوم يوجه للسفير الأمريكي لأنه يحترم المثقفين باللغة العربية، ويتحدث بالعربية، ويدافع عن بلده، دون أن يلجأ إلى استخدام سلطاته كممثل لدولة عظمى، أو يتعامل مع المسؤولين الجزائريين مثلما كان يتعامل معهم من سبقوه من السفراء.  لو كانت وزارة الداخلية تراقب علاقة الأحزاب بالسفراء الأجانب، وكذلك علاقة المجتمع المدني بهم، لكان لها رأي آخر.  لست ممن يدافع عن أمريكا أو سفيرها وإنما أتساءل: هل المشكلة مع السفير أم مع اللغة العربية التي يفضّل الحديث بها؟ لو كان لنا وزراء وسفراء يتحدثون بلغتهم الوطنية، في مستوى السفير الأمريكي، لاعتبرت الموقف منه »عاديا«، أما أن تصبح الفرنسية لغة الجزائر، في الصين وموسكو فهذا لعمري مؤشر على أن الموقف ليس من السفير وإنما من تمسكه بالحديث باللغة العربية.  هل سمعت حزبا أو صحفا أو أطرافا في السلطة أدانت المواقف الأمريكية »المعادية للعرب أو أدانت المواقف الصهيونية من الشعب الفلسطيني«.  لا أظن أن هناك من تجرأ و أدان وجود المدمرة الأمريكية »كول« في السواحل اللبنانية ولكنه يجرؤ على »الحديث في الصحافة« عن تجاوزات سفير لا يجرؤ أن يبلغه رسميا بهذه التجاوزات.   حراڤة أم بحارة »دون بحرية«! وإذا تمعنا في موقف الوزراء من »الحراڤة« نكتشف مدى الاستخفاف والإسفاف إزاء شباب يملكون »روح المغامرة«، ويتدربون على ركوب الزوارق »ليلا« حتى يتركوا بلاا يتمنوا ألا يموتوا فيه، ويفضلون الموت في البحر.  اليأس وصل إلى حد »الانتحار« ولكنه تحول عند »الحراڤة« إلى مغامرة، كان يفترض أن تفكر السلطة في إدماجهم في البحرية الجزائرية، لا أن تدخلهم السجون أو تعاقبهم، وإذا تأملنا في المحاكمات نتساءل: هل هناك قانون يمنع أحدا من المغامرة في البحر؟  لو أن السلطة تفكر في حل مشاكل المواطنين، وفي مقدمتهم »ظاهرة الحراڤة« لبادرت إلى إصدار قوانين جديدة، وليس من حقها أن تكيّف قوانين قديمة حول ظاهرة جديدة. المؤكد أن »هذا الجيش« من الشباب يحتاج إلى سلطة تقنعه بـ »حقه« في الحياة في وطنه، وليس في وضعه أمام خيارين أحلاهما مر: الانتحار أو الهجرة غير الشرعية؟  ليلة المهزلة! ومن تابع »اليتيمة« على المباشر وهي تقدم نتائج »جائزة الفنك« يشعر بألم كبير، فالتلفزة التي منحت الفضائيات العربية أفضل المذيعين والمذيعات، وأفضل الصحفيين والصحفيات، تلجأ إلى »استيراد مذيعة« ليلة واحدة، لتنشيط حصة على المباشر، وتسيء إلى المكرّمين من الجزائريين والعرب!  لو كنا، في بلد يحترم نفسه، لأوقفنا البث المباشر للحصة. لا أستطيع أن أصف ما جرى سوى بـ (المهزلة) التي حولت الفنانين إلى »أقزام« وبطالين جاؤوا ليشكوا للسلطة ظلم السلطة بحضور السلطة.  من حق السيد حمراوي أن ينشئ جائزة باسمه، وهو مشكور، ولكن ليس من حق حمراوي المدير العام للتلفز ة ألا يسعى إلى تطوير الأداء التلفزيوني للمنشطات الجزائريات، وإتاحة الفرصة لجيل جديد.  يبدو أن التلفزة عادت إلى »مرحلة الحزب الواحد« بالرغم من أن التنشيط المباشر، في عهد الحزب الواحد، لم يرق إلى مستوى »الإساءة« إلى الحضور والمشاهدين. والدليل أنها أرادت أن تخلق رأيا عاما لمساندة بوتفليقة لتجديد العهدة، فحولت التلفزة إلى »حيّز« للمطالبة بالاعتداء على الدستور، وليس لدعم الديمقراطية في الجزائر.  حتى إتحاد الكتاب! لا أعرف إذا كانت خليدة مسعودي اطّلعت على قرار العدالة بإلغاء مؤتمر اتحاد الكتاب الجزائريين، الذي انعقد أسبوعين قبل المؤتمر العادي، في سكيكدة، في دورة استثنائية، بعد أن سحب المجلس الوطني ثقته من عز الدين ميهوبي، ولأن بعض الولاة ما يزالون يعتدون على القوانين لصالح »أنسابهم«، فقد موّل والي سكيكدة المؤتمر، وتم تعيين رئيس جديد للاتحاد، ولكن العدالة وضعت حدا للمهزلة وأعادت القرار لأصحابه، فاضطر البعض إلى محاولة أخرى للاعتداء على قرار العدالة. وبالرغم من أن هناك متابعة لبعض القيادات التي وضعت اتحاد الكتاب خارج القانون، إلا أن المفاجأة هي أن وزارة الثقافة بعثت بوفد منه، إلى »الإسكندرية«، وبرئيس »اتحاد جديد«!فهل صار الاستهتار بأحكام العدالة يمارس حتى من قبل »المحسوبين« على الأدب أم أن هناك »تأويلات جديدة« لقرارات العدالة.  المؤكد أن من ترأّسوا »الاتحاد الجديد« ورّطوا وزارة الثقافة في الإساءة إلى العدالة، لأنهم سافروا تحت غطاء الوزارة.  »أحزاب »نعم« وجمعيات »ويي«! والاعتقاد السائد عندي هو أن »المليار« الذي سيعطى لمن يترشح لرئاسيات 2009 كأرنب مع الرئيس بوتفليقة هو الذي ربما ينقذ (التعددية) من »الأحادية«. لكن السؤال: بعد أن بهدل التلفزيون الأحزاب بتقديم ولائها المسبق للرئيس، وبعد أن تحول المجتمع المدني إلى »أحزاب فسيفسائية« لـ »الموالاة«، هل يقبل بوتفليقة أن يكون رئيسا معينا »رغم أنفه«؟ والمفارقة أن من سيقوم بتعيينه هذه المرة ليسوا أصحاب القبعات الخضراء، وإنما »أصحاب الشيتة« على حد تعبير أحمد بن بلة، في أول لقاء له في التلفزيون الجزائري، وهل يحق لأي مواطن كان أن يلغي التعددية أو يتحدث باسمنا.  ما أثار استغرابي أن الاستخفاف بمنصب الرئيس وصل إلى مستوى السجون. فقد سلّم أحد المساجين للصحافة »رسالة مساندة« لبوتفليقة للترشح لعهدة ثالثة، بالرغم من أن المسجون ليس له حق الانتخاب أو التصويت. ومثل هذا السلوك يبرز كيف تريد أطراف في السلطة وخارجها تقزيم »الدولة«، والاعتداء على القانون. والقانون يجبر السلطة على احترامه، فالحملة الانتخابية المسبقة التي تديرها الأحزاب والجمعيات عبر التلفزة تسيء إلى الرئيس، ولا تخدم البلاد. ولو كان هناك مستشارون حقيقيون بالرئاسة، لطلبوا من بوتفليقة الاقتداء بنظيره الروسي بوتين ليكون درسا من الجزائر إلى البلدان التي تنتهج الديمقراطية. أعتقد أن الدرس الأول جاءنا من موريتانيا من رجال الدبابات وأخشى أن يأتي من دولة أخرى، ونتحول إلى »مثل« في تزوير الانتخابات التي علمنا إياها حزب أحمد أويحيى، وصارت تلاحقنا »كشيطان أخرص«. ربما يكون من السابق لأوانه التكهن بمن يترشح في السابق مع رئيس معين مسبقا، خارج (رباعين وسعدي ولويزة حنون) وربما رؤساء أحزاب أخرى، ولكن المؤكد أن العرس لن يكون مثل بقية الرئاسيات لأن النتيجة لا تحتاج إلى التكهن أو التحليل. لقد كنا نعتقد أن الجزائر فيها شعب يستطيع أن يختار أي فرد منه لأن يكون رئيسا له، لكن تصريحات الرئيس أحمد بن بلة، جعلتنا نعتقد أن الجزائر فيها رئيس واحد يصلح لإدارتها أما البقية فمجرد أرقام.وقد لا يشاطرني البعض هذا الرأي ولكن حين يغيّر دستور من أجل أن يبقى شخص في الحكم فهذا يعني أنه علينا أن نقرأ الفاتحة على مستقبل الجزائر الذي صار يرهن إلى الأشخاص، وليس إلى برامج ومشاريع. ما أحوجنا إلى مصارحة أنفسنا بالحقيقة التي يعجز الساسة عن قولها وهي أن البلاد مقبلة على مرحلة يصعب التكهن بنتائجها، إذا لم نتدارك الأمر، ونسترجع ما فقدنا من وقت في خطابات لا تسمن ولا تغني من جوع. الخوف ألا يبقى صوت في الجزائر يرتفع ضد عبادة الأشخاص، بعد صوت المناضل عبد الحميد مهري.  والخوف الأكبر هو أن نرهن جيلا من الشباب إلى مستقبل مجهول، وأن نتشبت بوهم اسمه »الزعامة«. لست ضد تغيير الدستور من أجل حماية البلاد من هزّات جديدة محتملة ولكنني لن أكون في صف من يدير ظهره للمستقبل، لأن مستقبله خلفه. ولست ممن يساند الأشخاص أو يؤمن بوراثة الوطنية عبر الدم، وإنما من يؤمن بالوطن كخيار استراتيجي لمستقبل العباد. وهذا لا يتأتّى بغير البرامج والأفكار وليس »بالماضي« أو »بالأشخاص«.  

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!