-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نجم الدراما السورية دريد لحام للشروق العربي

دخلت نفقا مظلما لا أرى آخره ولكن باجتهادي وصلت إلى ما أنا عليه الآن

طارق معوش
  • 922
  • 0
دخلت نفقا مظلما لا أرى آخره ولكن باجتهادي وصلت إلى ما أنا عليه الآن
تصوير: عدلان داوود

يعود في عراقته الفنية إلى خمسينيات القرن الماضي، أيام المسرح الجامعي، وعاصر الخطوات الأولى لانطلاق التلفزيون العربي السوري، عام 1960، فكانت له بصماته في الفن السوري، منذ ذلك الحين. واستمر في العطاء مشكّلاً حالة فريدة واستثنائية… إنه الفنان الكبير دريد لحام، الذي حُفرت له في الذاكرة أعمال متنوعة سينمائياً ومسرحياً وتلفزيونياً، إضافة إلى ما أنجزه من أعمال لا تُنسى ضمن إطار « الإسكتش » والأغنية والتقديم، كما كان له دور على الصعيد الإنساني والتوعوي… معه كان لنا هذا اللقاء الخاص، وموفدنا بسوريا.

الشروق: في البداية، نحب أن نطمئن على حالتك الصحية، فكثير من الأخبار التي تم تداولها مؤخرا تشير إلى تعرضك لأزمة صحية؟

– الحمد الله، أنا بصحة جيدة، وكل ما يتم تداوله عن حالتي الصحية ليس له أساس من الصحة، وعندما أسمع عن أخبار تفيد بدخولي المستشفى أضحك.

الشروق: إذن، لماذا تتعمد الاختفاء عن أعين الصحافة والإعلام وعدم توضيح الحقيقة؟

– ببساطة، لأنه لا أحد يريد أن يعرف الحقيقة، وأصبحنا الآن نرى ونشاهد الكثير من المواقع الإلكترونية التي تقوم بنشر العديد من الأخبار المغلوطة، وللأسف هناك الكثير ممن يصدقها.

الشروق: منذ دخولك المجال الفني في عام 1960 وحتى الآن ما الذي تغير في شخصيتك من وجهة نظرك؟

– العزيمة والإصرار أصبحا هما الأهم، خاصة بعد دخولي المجال الفني، واترك لي الحديث كي أكشف لك لماذا أصبحت أقوى، ففي عام 1959 تخرجت من الجامعة، وعملت مدرس كيمياء بالجامعة، وبعد عام واحد فقط افتتح التلفزيون السوري، وطلبوا منى تقديم عمل تلفزيوني. وبالفعل، قدمت عملا، ولكن للأسف لم يعجب الجمهور، بل وطالبوا إدارة التلفزيون بعدم عرض الحلقات المقبلة. وهذه الفترة كانت نقطة تحول بالنسبة إلي، عندما أصررت على استكمال المشوار. وبالفعل، قدمت شخصية جديدة نابعة من البيئة الدمشقية الريفية، ولاقت نجاحات كثيرة.

الشروق: وماذا عن أصعب موقف تعرضت له منذ دخولك المجال الفني حتى الآن؟

– أصعب موقف تعرضت له عندما قررت أن أترك مهنتي الأساسية، وهي التعليم بالجامعة السورية والتفرغ للفنون، وهو أمر لم يكن سهلاً، فشعرت بعد هذا القرار بأنني دخلت نفقا مظلما، لا أرى آخره، ولكن باجتهادي وإصراري على النجاح وصلت إلى ما أنا عليه الآن.

لا يوجد في قاموس الفن فنان نمبر وان، كلنا فنانون وكل فنان له طريقته الخاصة

الشروق: تشهد الساحة الفنية كما متزايدا من الوجوه الجديدة، كيف ترى هذه الظاهرة؟

– بكل تأكيد، هو أمر إيجابي، في سورية يوجد معهد دراما يخرج سنويا 15- 20 طالبا وطالبة. وبالتأكيد، سيكون في كل تجربة وجوه جديدة، تغني الساحة وتثري الحركة الفنية، ولولا وجود هذا المعهد ما كانت الساحة الفنية السورية تعيش هذه الطفرة من الدراما. فمثلا أنتجت سوريا على ضوء ذلك 30 عملا تلفزيونيا بفضل هذه العناصر الفعالة.

الشروق: هل تتابع تجارب الجيل الجديد؟

– متابعتي مقتصرة على الشاشة.. حقيقة لا تواصل بيننا.

الشروق: هل من أسماء تستوقفك؟

– نعم، ثمة أسماء تجربتهم مؤثرة ومثيرة، مثل باسم ياخور ونضال سيجري وعبد المنعم.. في رأيي، هؤلاء فنانون مجتهدون مخلصون تماما لكل الشخصيات التي يؤدونها على الشاشة.

الشروق: ما النصيحة التي تقدمها إلى أي فنان يعتبر نفسه نمبر وان في الإيرادات؟

– أولا، لا يوجد في قاموس الفن فنان نمبر وان، كلنا فنانون وكل فنان له طريقته الخاصة في تقديم فنه، تمثيل أو غناء.. ونصيحتي إلى أي فنان يعتبر نفسه نمبر وان أن يترك الناس تقيمك ولا تقيم نفسك، دائما أتذكر جملة لنابليون عندما كان مدعوا إلى أحد المحافل، وجلس على أول كرسي عند الباب، فجروا إليه وقالوا تفضل اجلس على المنصة، فرد قائلا: المكان الذي يجلس فيه نابليون هو المنصة.

قيمتك ليست في المكان، لكن قيمتك في داخلك، اترك الناس تقيمك.. جذوري وتاريخي وذكرياتي وأحلامي في سوريا وإذا خرجت منها أموت

الشروق: لماذا تصر على الإقامة في سوريا بالرغم من بعض المشاكل التي تحيطها ولم تنتقل للعيش في بلد آخر؟

– أنا من أنصار مقولة أن الشجرة لو انتزعت من جذورها تموت، وها أنا تلك الشجرة فجذوري وتاريخي وذكرياتي وأحلامي في ذلك البلد، وإذا خرجت منها أموت، وما يصير للشعب السوري سوف يصير علي أيضا..

الشروق: ولكن موقفك هذا قد يحرج بعض الفنانين الذين فضلوا العيش خارج البلد إلى حين انتهاء الأزمة السورية؟

– أنا لم أضع أحدا في موقف محرج، ولكن هم من يضعون أنفسهم في تلك المواقف. فنحن الفنانين علينا أن نقف بجوار بلدنا في تلك المحنة ولا نستسلم، ونصبر كشعب، حتى تمر تلك الأزمة وتعود سوريا وأهلها من جديد.

الشروق: ما الفائدة التي تعود على الشعوب العربية من خلال انتقاء فنانين سفراء للأمم المتحدة؟

– المنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة التي يهتم جزء منها بالشأنين، الإنساني (اليونسيف) والثقافي (اليونسكو)، لكي تكون فاعلة في المجتمع، تعيّن شخصاً له أثر في مجتمعه سفيراً ليساعدها في القيام بمهماتها، فتختار أحياناً نجماً رياضياً أو فناناً أو كاتباً… وقد ساعدت اليونسيف بقوة في ما يتعلق بملف الطفولة من المغرب إلى المشرق العربي.

الشروق: هناك مجموعة من النجوم العرب استقالوا بعد فترة من مناصبهم كسفراء وكنت أوّلهم؟

– هذه المنظمات لا تريد وجهاً وطنياً للسفير، وإنما تفضل وجهاً لا ملامح وطنية فيه بالمطلق، يساعدها في تنفيذ مهماتها من دون أن يكون له موقف وطني، فقلت لهم إن كنتم تخيّرونني بين جوازي الديبلوماسي وخياري الوطني، فجوابي أنني لا أريد جواز سفركم هذا وأعدته إليهم، لتنتهي علاقتي معهم بعد عمل امتد على مدى سبع سنوات.

الفن متعة للنظر والسمع وإذا تسلل إلى العقل وشكل متعة عقلية فذلك أفضل

الشروق: في رأيك عطاء الفنان على الصعيد الإنساني، هل يرتبط بأنشطة المنظمات الدولية؟

– لا يرتبط بها أبداً، إذ يمكن للفنان أن يكون فاعلاً في أي ميدان إنساني، سواء أكان سفيراً أم لا.

الشروق: في ضوء المتغيرات الحاصلة اليوم في المنطقة ماذا يتطلب من الفنان والفن عموماً؟

– لا يستطيع الفن أن يكون شرطياً يجبرك على تصرف أو يمنعك من تصرف. الفن يزرع فكرة، والفن أصلاً متعة للنظر والسمع وإذا استطاع أن يتسلل إلى العقل ويشكل متعة عقلية، فذلك أفضل، لكنه يزرع فكرة فلا نقدر أن نقول إن الفن يستطيع تغيير شيء في المرحلة التي انطلق فيها.

الشروق: ولكن، ألا يجب أن يكون الفن مرآة عاكسة على الأقل لما يحدث اليوم؟

– ليس فقط مرآة، يجب أن يكون صادقاً طبعاً. وبالتالي، من الممكن أن نطلق عليه مرآة! لكن يجب أن يكون أيضاً في داخله منارة للمستقبل. أما أن يكون مرآة فقط، فنحن كلنا نرى ونشاهد ما يجري، أما الفن فمهمته أن يتقدم على مسألة المرآة بأن يكون منارة أيضاً لما يمكن.

الشروق: هل ورث أحد أحفادك السبعة الفن منك؟ – أبداً، وقبلهم أولادي الثلاثة… فلم يكن من بينهم من يهوى مجال الفن.

الشروق: هل حلمت بأن يكون أحدهم فناناً؟

– لا أحلم بذلك، ولكن إذا وجدت أحدهم يميل إلى الفن، أشجعه على ذلك، لأن على الابن أن يتحمل مسؤولية خياراته، ولكن إذا أجبرته فسأتحمل عندها مسؤولية فشله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!