-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الرجال يستنكرون والنساء يتهافتن

دخول المرأة الملاعب.. بين الحرية والتحرر

فاروق كداش
  • 329
  • 0
دخول المرأة الملاعب.. بين الحرية والتحرر

تزعزعت المدرجات، في الآونة الأخيرة، بقرع الكعوب العالية، وهتافات النساء الناعمة، أو لنقل الصامتة.. الرجال جلسوا في مقاعدهم كالعادة. لكن، هذه المرة، افتعلوا ضبط النفس، وتخلقوا بالخلق الحسن، ووضعوا الماتشية والميزوجينية جانبا، لبرهة من الزمن، بدت طويلة لهم. الشروق العربي، تتحرى رأي الجنسين، لنرى ما يدور في خلد الرجل، وما مبتغى المرأة في اقتحام آخر معاقل الرجل.

أثار دخول المرأة إلى الملاعب حفيظة الرجال برمتهم، ولو لم يجهروا بذلك. فلطالما كانت الملاعب المعقل الأخير للتستوسترون، يخرج فيه الرجل ضغطه، ويهدئ من روعه بالصراخ على اللاعب الفلاني، وسب اللاعب العلاني، والهتاف للهداف البارع، والتصفير لمن يقدم لعبا رتيبا ولا يسمو بكرته إلى مستوى تطلعات المشجعين.

وجاءت فرصة للنساء لدخول هذا المكان الخاص جدا، باحتضان الجزائر الألعاب المتوسطية، وأخيرا الشان. ومع أن الكرة ربح وخسارة، هناك من تطير بحضور المرأة، وحملها خسارة فريق بوقرة في النهائي، ونعتت بأنها بومة شؤم على الكرة الجزائرية.

الرجال… المدرجات لنا

لكي لا نتحيز إلى أحد لدواع اجتماعية محضة، سألنا عينتين في هذا الموضوع. وكانت الآراء مختلفة تماما. وهذا منطقي للغاية. فعينتنا الأولى من الرجال والثانية من النساء. حسام، كان حازما: “مكان المرأة ليس في الملاعب، لأن كرة القدم ليست لعبة نسوية، والملعب متنفس للشباب، كي يشجعوا فريقهم بطريقتهم القاسية والحانية في وقت واحد”. وحيد، لم يستلطف هذا الاقتحام في الخصوصية الذكورية: “هناك فرق بين دخول المرأة إلى الملعب في إطار منافسات رياضية متنوعة، مثل ألعاب القوى والجيدو والفروسية.. لكن كرة القدم مثلا، لها صيغة مختلفة لا تحتمل وجود النساء في المدرجات”. فؤاد، يختلف بعض الشيء، فيرى بأن تشجيع المرأة للفريق الوطني في المناسبات القارية والكبيرة لا ضير منه. لكنه، يرفض دخولها في المنافسات المحلية والداربي، وغيرها من الماتشات الساخنة”. ياسين، وهو من مشجعي المولودية، يرفض الأمر. لكن لأسباب يراها منطقية: “المدرجات ليست مكانا تنصح به النساء. فكيف يعقل أن يسمعن كلاما غير لائق أو خادشا للحياء.. وهذا ما يحدث في الملاعب. ووجود المرأة لن يهذب الشباب، وليس من السهل تغيير سلوك عمره عشرات السنين في سنة واحدة”.

المدرجات ولعبة التحرر

النساء انشطرت آراؤهن بين التأييد والمعارضة، ولكل منهن مبررات، فمثلا ياسمين، وهي أم لبنتين، لا تستسيغ أن ترسلهما إلى الملعب للتمتع بمباراة يمكن مشاهدتها عبر التلفاز: “الملعب والمدرجات ليسا للبنات، ولا يجب أن تقتحم المرأة كل المجالات بداعي التحرر والحرية والمساواة.. فلكل لعبته”. وتتابع: “هناك الكثير من الرياضات جمهورها الكبير من النساء، كالكرة الطائرة وألعاب القوى والسباحة”.. سألنا مونيا، وهي شابة في الثانية والعشرين، فكان جوابها حادا بقدر حبها لكرة القدم: “مشاهدة مباراة كرة قدم في الملعب كان حلما من أحلامي، وحققته في الشان. لكنني أعترف بأن للمدرجات رهبة خاصة. ولن تشعر فيها المرأة بالطمأنينة، ولو كانت برفقة حراس غلاظ”. رفيقة، تعترف بأنها تعرضت للسب في إحدى المباريات، التي حضرتها في ملعب نيلسون مانديلا، حين قال لها أحدهم: “عودي إلى المطبخ”.. عبارة استفزتها جدا، فردت بكلام أقسى: “كي تولي انت راجل نولي للكوزينة”.. ولولا تدخل بعض العقلاء لانقلبت الأمور. وهنا، تطرح مريم السؤال: “هل يمكن للمرأة أن تحضر مباراة كرة قدم بمفردها؟” سؤال لن تجيب عنه سوى الأيام. فهل ستهدم حواء آخر معاقل الرجال؟ أم ستصمد رائحة السجائر في المدرحات، أمام عطور شانيل وجيفانشي؟ وهل الملعب حقا مكان آمن للمرأة؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!