درس للجميع!
تعثر المنتخب الجزائري في لقائه الودي أمام غينيا بالشكل الذي شاهدناه جاء ليؤكد حقائق يجب وضعها في الحسبان من طرف الجميع، ويؤكد بأن مهمة الحفاظ على مستوى التشكيلة وإيجاد هوية لعب والتأهل إلى المونديال القادم ستكون صعبة، نظرًا للتطور الذي تعرفه الكرة الإفريقية، والصعوبات التي يجدها كريستيان غوركوف في التأقلم مع المنتخب، والاستقرار حول هوية لعب والتحكم في اللاعبين وفي التعامل مع المحيط ووسائل الإعلام، والضغوطات الشعبية التي ستتزايد دون شك!
منذ التحاقه بالمنتخب الجزائري كان كثير من المتتبعين يتوقعون بأن المدرب سيجد صعوبات في قيادة التشكيلة والحفاظ على توازنها والمستوى الذي بلغته مع سابقه خاليلوزيش الذي رفع سقف العارضة عاليا، وكان البعض يعتقد بأن المنتخب الجزائري أكبر من الناخب الوطني كريستيان غوركوف، خاصة بعد المشاركة في المونديال وتألق اللاعبين في نواديهم الأوروبية، وتصرفات بعضهم في مختلف التربصات والمباريات حين حاول بعض اللاعبين فرض منطقهم على المدرب.
بعد أكثر من سنة منذ إشرافه على التشكيلة الجزائرية لم يتمكن كريستيان غوركوف من التحكم في التشكيلة وفرض منهجه وطريقة لعبه، ووجد صعوبات كبيرة تأكدت في الكثير من الأحيان خاصة أثناء المباراة الودية أمام غينيا، والتي كانت رديئة على كل الأصعدة، تنذر بأيام عصيبة قادمة إذا بقي الحال على ما هو عليه من النواحي الفنية والتكتيكية والانضباطية للاعبين مع ما تقضيه متطلبات اللعب مع منتخب ينتظره الجميع.
اللاعبون من جهتهم رغم تألقهم مع نواديهم وقدراتهم التي لا نشك فيها، إلا أنهم لم يعودوا كما كانوا في عهد خاليلوزيش، وكل واحد فيهم صار يمثل جمهورية قائمة بذاتها فوق أرضية الميدان وخارجه، سعيا من كل واحد منهم بأن يكون هو القائد والنجم المدلل، وهو أمر طبيعي بين عدد من اللاعبين يتقاربون في المستوى والسمعة، ولم يقدر المدرب على التحكم فيهم وفرض منطقه عليهم مثلما كان يفعل خاليلوزيش.
صحيح أن بعض الظروف لم تخدم الناخب الوطني منذ مجيئه بسبب الإصابات المتكررة لحليش وبلكلام وماندي وبن طالب مما حرمه من اللعب بالتشكيلة نفسها كل مرة، لكن الأكيد أنه لم يقدر لحد الآن على فرض شخصيته وطريقة لعبه.
صحيح أيضا أن بعض اللاعبين يملكون قدرات وإمكانات كبيرة لكنهم لم يوظفوها في صالح التشكيلة، وأصابهم الغرور والثقة الزائدة في النفس، وربما لم يتأقلموا مع طريقة لعب الناخب الوطني ويدركون بأن مكانتهم في المنتخب مضمونة مهما كان مستوى أدائهم!
المبارتان الوديتان أمام غينيا والسنغال؛ جاءت في وقتها حتى تستوقفنا لتحمل مسؤولياتنا قبل فوات الأوان حتى ولو اقتضى الأمر التضحية بالمدرب منذ الآن، وتنبيه اللاعبين إلى أنهم لم يصلوا بعد، وبأن التأهل إلى المونديال يقتضي تضحيات وجهود جماعية كبيرة تكون فيها الفرديات في خدمة المنتخب وتحت تصرف المدرب وليس العكس.
صحافتنا وجماهيرنا مطالبة بدورها بأن تقوم بواجبها المهني والإعلامي والداعم للمنتخب دون التشكيك في قدرات اللاعبين والحط من معنوياتهم على مقربة من خوض تصفيات كأس العالم التي ستكون أصعب من سابقتيْها لأن الجميع يريد الإطاحة بالخضر، ولأن الغياب عن مونديال روسيا سيعيد كرتنا سنوات إلى الوراء.