دعم مطلق للإرهاب
نشكّ في أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وهو يدين عمليات الدهس والطعن التي يقوم بها فلسطينيون وفلسطينيات في مقتبل العمر، لم يطّلع على أشرطة الفيديو الكثيرة التي تُظهِر بوضوح كيف يقوم الجنود والشرطة الصهاينة بإعدام الشبان والشابات الفلسطينيين بدم بارد، برغم إمكانية السيطرة على الكثير منهم.
منذ أسابيع، تمّ بث فيديو على الأنترنت لشابّةٍ من فلسطينيي 48 وهي تتعرّض لرصاص الاحتلال في محطة مسافرين بمدينة الناصرة المحتلة، وبرّر الاحتلالُ حينها جريمته بأنها كانت “تنوي” طعن مستوطنين، قبل أن يتبيّن لاحقاً أنها لم تكن تحمل أيّ سكين.
الأمرُ نفسُه تكرّر في مواضعَ عديدةٍ، آخرها ما حدث قبل يومين فقط من إطلاق الرصاص على طفلتين في الـ16 والـ14 من عمريهما، برغم أن الجنود الصهاينة كانوا قادرين على السيطرة على الطفلتين بسهولة، وقد أستشهدت الأولى على الفور، وأصيبت الثانية بجراح خطيرة.
مثل هذا الصّلف والاحتقار للحياة البشرية والإمعان في الإعدام الميداني للفلسطينيين ببرودة دم، هو الذي يؤجّج الأوضاع في القدس وباقي مدن الضفة المحتلة ويجعل عمليات الطعن والدهس تتصاعد؛ إذ لا يُعقل أن يرى الفلسطينيون كيف “يفضّل” الصهاينة إطلاق الرصاص على طفلة من مسافة بضعة أمتار، عوض انتهاج أساليب أخرى، ولا يهُبّون للثأر لها والقيام بعمليات طعن ودهس للمحتلين.
كان الأولى بكيري قبل أن يدين عمليات الشباب الفلسطيني من الجنسين، أن يدين رخصة قيادة الاحتلال لجنوده بإطلاق النار فوراً على الفلسطينيين ولو كانوا يحملون حجراً أو زجاجة حارقة، أليس هذا القرارُ الذي صدر في سبتمبر الماضي هو قمّة الاستهانة بالحياة البشرية؟ من قال لكيري إن دماء الصهاينة المحتلين غالية ودماء الفلسطينيين رخيصة؟
هذا المنطق العنصري والدعم الأمريكي المطلق للإرهاب الصهيوني، هو الذي يغذي النقمة في نفوس الفلسطينيين، حتى أطفالهم، ويدفعهم إلى طعن المستوطنين وجنود الاحتلال بسكاكين المطبخ، بل بالمقصّات أيضا، وكذا شحن نفوس آلاف العرب والمسلمين ودفعهم إلى الالتحاق بتنظيمات متطرّفة وتنفيذ عمليات دموية في الغرب، فما لم يُدحَر الاحتلالُ في فلسطين وبقي الظلمُ الصهيوني قائماً وتغوّل الاحتلال وأمعن في استباحة الأقصى ودماء الفلسطينيين، فلن ننتظر أن ينتهي التطرّف والتشدّد في الشرق الأوسط.
هذه الحقيقة قيلت لأمريكا آلاف المرات، لكنها تصرّ في كل مرة على إتّباع سياسة النعامة، والانحياز السافر إلى الاحتلال، والتنكّر لحقوق الفلسطينيين، حتى وعد أوباما فور انتخابه منذ 7 سنوات بقيام الدولة الفلسطينية “قريباً“، لم يتحقق وعهدته الثانية تشرف على نهايتها، برغم أنها ستقوم على 22 بالمائة فقط من فلسطين التاريخية مقابل 78 بالمائة للاحتلال، هل بعد هذا يليق بكيري أن يتحدّث عما يسميه “الإرهاب الفلسطيني” بالسكاكين والمقصّات والسيارات، ولا يتحدث عن الإرهاب الصهيوني بأحدث الأسلحة الأمريكية؟ هل نسي كيري جرائم الصهاينة في غزة؟
قالها بن مهيدي يوما للمستعمِر الفرنسي الذي أعاب عليه استعمال قِفف المتفجِّرات: “أعطونا دباباتكم وطائراتكم ومدافعكم وسنعطيكم قِففنا“، إذن امنحوا للفلسطينيين الطائرات والدبابات والفوسفور الأبيض وأحدثَ الأسلحة الأمريكية التي تُرتكب بها مجازرُ حرب في غزة، وسيعطيكم الشباب والشابات في فلسطين سكاكينهم ومقصّاتهم وسياراتهم التي تتهمونها بـ“الإرهاب“!