الرأي

دعه يعمل.. دعه يمر

عمار يزلي
  • 1313
  • 5

الدعوة الجزائرية إلى تفعيل آليات الفضاء المغاربي، يبدو أنها جاءت بعد دراسة متأنية لدعوة العاهل المغربي لتفعيل آليات ثنائية من أجل تجاوز الخلافات الثنائية، وخاصة ما نجم عن ذلك من غلق للحدود البرية بين البلدين.. وخندقتها وتسييجها من الجانبين.
دعوة العاهل المغربي، في هذا الظرف بالذات الذي يتميز ببداية تحرك أممي وضغط أمريكي من أجل تقليص قوات المينورصو، لإرغام الطرفين المتنازعين في الصحراء الغربية على القبول بمفاوضات مباشرة، مما يعني أن المعني بالأمر ليس تنظيم البوليساريو، بقدر ما يعني المغرب، الذي لا يريد أن يتعامل مع البوليساريو كمنظمة تمثيلية شرعية، بل تنظيما انفصاليا، لا مفاوضات معه، ويطالب بحكم ذاتي.
تأتي المساعي المغربية أيضا ضمن إستراتيجية الاختراق قبل الاحتراق، وهو المنطق الذي عملت به المملكة من خلال عودتها للاتحاد الإفريقي. غير أن عودة المغرب لم تسمح له بفرض مساره وأجندته السياسية على المنظمة الإفريقية، بفعل ضغط الجزائر وجنوب إفريقيا والدول التي تسير في مسار مبدأ “الحركات التحررية والقضاء على الاستعمار”، ووجد المغرب نفسه محاصَرا محصورا داخل سياج الفضاء الذي خرج منه طواعية وعاد إليه طواعية.
هذه التجربة ترى فيها الجزائر محاولة لاستنساخها من جديد من طرف المغرب، الغرض منه قد يكون التلغيم قبل التقليم، بفرض آليات جديدة ثنائية جزائرية مغربية، تلتفُّ بها على مؤسسة قائمة وهي اتحاد دول المغرب العربي، لهذا سارعت الجزائر، إلى دراسة العرض المغربي، وخرجت بقناعة أن المغرب إذا كان يريد أن يناور، فليناور في ساحة مشترَكة مكشوفة، كما فعل في المنظمة الإفريقية، أما أن يناور أمام العالم بأن يجعل الجزائر طرفا، فهذا ما يرفضه الموقف الرسمي. هذا ما جعل الديبلوماسية الجزائرية تعمل على جرّ طرف اللعب المقابل، لحلبة خماسية، لا لحلبة ثنائية. المغرب العربي بمؤسساته وهياكله، بإمكانه أن يقوم بالعمل الثنائي أيضا، سواء كان ذلك بين المغرب والجزائر أو ما بين ليبيا وموريتانيا.. مسألة الحدود جزءٌ من عدة أجزاء واشتراطات خماسية. حرية التنقل للأشخاص والبضائع، جزء من كثير من الأجزاء التي ينبغي للجميع أن يناقشها ويحلها ضمن هياكل اتحاد المغرب العربي.
في ضوء العرض الجزائري الذي كان بمثابة رد إيجابي رحبت به كثير من الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية، يمكن اختبار نوايا المغرب؛ فإذا كانت نواياه وعرضه جادا، وهذا ما يأمله الموقف الرسمي الجزائري والشعبي أيضا، فإنه سيكون على الطرفين، ضمن اتحاد التكتل الخماسي، أن يفعلا العمل الثنائي بينهما وينشأ آليات ثنائية ضمن عمل اتحاد المغرب العربي الكبير.
لم نسمع إلى حد الآن رد المملكة المغربية، لكن السلطة والشعبين معهما، يأملان أن يتوصل الطرفان.. بل كل الأطراف المغاربية إلى تحسين علاقات حسن الجوار باحترام كل طرف للطرف الآخر.. سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وتأكيد هذا الاحترام والحفاظ عليه إعلاميا وديبلوماسيا وتعاملاتيا وحفظه من كل محاولات هدم أو تلغيم، من أجل إدامة هذه الإذابة الجليدية للتمكين من بناء أسس جديدة أمتن وأوثق.
هذا المطلب ليس مستحيلا، في ظل التحولات العالمية والإقليمية التي تتطلب الاتحاد والانفتاح على البعض والتعامل والتكامل بين الجميع.
يكفي أن تُفتح الحدود بين المغرب والجزائر ليُفتح المغرب العربي كله؛ فالطريق السيار يصل إلى غاية الحدود مع المغرب من جهة الجزائر وكذلك خط القطار الكهربائي والعادي..
الجزائر إذن، جاهزة إن جهزت النية؛ نية التعاون المخلص بين الأطراف.. نية حقيقية.. وليس نيات مبيتة..

مقالات ذات صلة