الشروق العربي
التشهير بزنا المحارم عبر الإنترنت

دعوة إلى الرذيلة ونشر الفساد في ثوب نصيحة

نسيبة علال
  • 10664
  • 8
ح.م

لطالما كانت التحرشات والاعتداءات الجنسية، التي تحصل داخل الأسر الجزائرية، طابوها، يحظر الحديث حوله، إلا في اللقاءات النسائية المغلقة بالغة الثقة، غير أن الفضاءات الإلكترونية الكثيرة المفتوحة أمام شكاوى ورسائل المتواصلات عبر مواقع التواصل الاجتماعية، قد أسقطت كل حصون الفضيلة وبراقع الحياء التي كانت تمنع إفشاء ما يحدث في البيوت الجزائرية من قصص مرعبة ومقرفة لزنا المحارم.

بعيدا عن قصص المختلات وحتى المختلين عقليا، والعاجزين الذين يتعرضون للاعتداءات والتحرشات من قبل أفراد من أسرهم، تكشف القصص الواقعية التي تنتشر يوميا وبشكل رهيب يزداد جرأة تدريجيا، عن حالات لا تحصى لفتيات يانعات عاقلات ولسيدات وقورات، عانين، ولا يزلن يعانين من ظاهرة زنا المحارم.

أكتم الخيانة.. ضميري يؤنبني

كتبت إحداهن في رسالة مجهولة إلى إحدى الصفحات النسائية الناشطة على فايسبوك، أنها اكتشفت أن علاقة محرمة تربط زوجة أخيها الذي يسافر للعمل في حقول النفط بالجنوب، بأخ آخر لها، قائلة: “منذ شهرين تقريبا، لاحظت أن أخي الأصغر يعامل زوجة أخيه بلطف مبالغ فيه، ودلال زائد، إلى درجة الشك.. تابعت الموضوع، واكتشفت أنه يتردد على غرفتها خلسة، في غياب زوجها. لا يمكنني مواجهة أحد بالأمر، ولا أطيق كتمانه مزيدا من الوقت، ماذا أفعل؟..”. وكتبت أخرى، على إحدى المجموعات: “صعقت وأنا أشاهد جارتنا تتعرض للتحرش من والد زوجها، في باحة المنزل، تمكنت من أن أصور المشهد من نافذة غرفتي الصغيرة، ولكنني لا أعلم كيف علي أن أتصرف؟..”.

والكثير من القصص المشابهة التي تغزو مواقع التواصل الاجتماعي، يطلب فيها ناشروها المساعدة، أو على الأقل هم يتخلصون من عبء هذا السر وهم يلقونه إلى أشخاص غرباء. تقول الأخصائية الاجتماعية والنفسانية، كريمة رويبي، إن مثل هذه القصص التي تبدو بريئة للبعض، ومغلفة بالفضيلة والعفاف، هي وبشكل غير مباشر، تحرض على انتشار الظاهرة، وتخفف من وطأتها على مسامع الناس، لذلك من الخطإ تداول هذه القصص على مواقع التواصل، والأصح إما كشفها أمام القانون، أو الاحتكام إلى إمام أو شخص حكيم.

التشهير بزنا المحارم دعوة صريحة إلى الرذيلة

في منشور يتحدث عن الاعتداءات الجنسية في المجتمع الجزائري، سردت إحدى السيدات قصتها الحزينة في تعليق، تحول هذا الأخير في ما بعد إلى منشور مؤثر يكتسح المجموعات النسوية، الغرض الظاهري منه أنه يخفف من الآثار النفسية للفتيات اللواتي تعرضن للتحرشات والاعتداء، تقول: “مذ بلغت السادسة من عمري، انتقل عمي ذو 19 سنة حينها، للعيش في منزلنا القريب من الجامعة، ومذ ذلك الحين وهو يتحرش بي جنسيا، ثم أصبح يجبرني على الرذيلة ويهددني…”. وروت السيدة الكثير من التفاصيل المخزية، ثم أردفت: “.. لكن القدر شاء أن يستر علي الله بزواج، أنجبت 3 أطفال، ولكنني لا أزال أشعر بالخزي، رغم أنني أعيش حياة هادئة، وأنبذ عمي كثيرا وأدعو عليه بالسوء كلما خطر بذهني..”. في نظر المجتمع، قضية هذه المرأة هي مثال حي لستر الله، أو للحظ المزهر، ما دامت لم تحمل من علاقة زنا، ولم تتعرض للفضيحة، لكن في نظر الشرع الأمر مخالف تماما، حسب الإمام سمير جواد: “من ناحية السكوت والتستر على ما تعرضت له هذه السيدة في الماضي، فهي مذنبة، وقد كتبت عند الله زانية، أما من ناحية نشر قصتها على لجمهور المتابعين، فإنها تقترف ذنبا أقبح، وهو الجهر بالمعصية، واستسهالها.. فالتشهير بالمعاصي، والمساعدة على استساغة الناس لها خاصة مرضى القلوب الذين تعج بهم مواقع الإنترنت، معصية وكبيرة، يجب التوقف عن العمل بها”.

مقالات ذات صلة