الرأي

دفاعا عن الأئمة!

قادة بن عمار
  • 5712
  • 11

فجأة تذكّرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أنّ للمسجد دورا كبيرا في حياة الجزائريين، ففرضت على الأئمة تقديم درسين ثابتين في الأسبوع بين صلاتي المغرب والعشاء، من أجل مناقشة مختلف الجوانب المعيشية للمواطن، والرد على أسئلته والتكفل بانشغالاته، والحقيقة أن الأمر ليس بدعة، ولا اختراعا جديدا، بل كان مُتبعا من طرف كثير من المساجد، ولم يكن بحاجة إلى تعليمة وزارية، لكن القضية هنا، ومثلما يعرف الجميع، لها علاقة مباشرة بالتوقيت، حيث لا غرابة أنها تأتي قبل أسابيع قليلة من تنظيم الانتخابات التي تشكّل هاجسا كبيرا للسلطة، تبحث من خلاله هذه الأخيرة عن توظيف الجميع في سبيل إنقاذ رقبتها من حبل المشنقة!

 

الوزارة التي ظلمت الأئمة كثيرا، وتحرشت بهم في أكثر من مناسبة، كما بهدلت الكثير منهم ومسحت بكرامتهم الأرض، فقط لأنهم تجرؤوا وفكروا في إنشاء نقابة، ناهيك عن التشكيك في وطنيتهم بسبب “خلاف فقهي بحت” حول الوقوف للنشيد الوطني تارة أو الترحم على بعض الرموز بدقائق   صمت تارة أخرى، ها هي اليوم تتذكر بأن لهذه الفئة المهمشة دورا تعبويا حاسما في سبيل تجنيد الإنس والجان والعمل على إنجاح الامتحان!

هل تدرك السلطة أنه باختطاف المساجد وتحويلها الأئمة لمجرّد لعبة في يديها، وتوظيفهم بحسب الأجندة السياسية، فهي تساهم بشكل مباشر في إفقاد منصب الإمام احترامه المتبقي؟ لماذا شهد أكثر من مسجد في ولايات داخلية ومناطق نائية، كانت حتى وقت قريب تمثل الحصن المنيع والأخير للأئمة والمساجد، انقلابات خطيرة للدرجة التي قام فيها بعض المصلين بإغلاق المساجد حتى لا يؤمهم فيها فلان وعلان من الباحثين عن المنافع الشخصية والمتمسكين بالدنيا، والمقربين من السلطات المحلية؟

ألم تتحول معظم خطب الجمعة إلى استنساخ من مواقع الإنترنت، لا اجتهاد ولا روح فيها، بسبب تخوف الأئمة من أي كلام زائد أو فتوى متحررة من رقابة السلطة، فيكون دفع ثمنها غاليا؟ كم من إمام تم نحره بمقصلة قانون العقوبات في الوقت الذي كان فيه الجميع منشغلا بالنضال في سبيل حرية الصحفيين والكتّاب والمثقفين؟ وحدهم الأئمة، لا بواكي لهم، ولا جمعيات تدافع عنهم، ولا هيئات وطنية أو دولية تحميهم، بل تحولوا إلى رهينة في يد لجان المساجد، ومختطفين من طرف المديريات التي تحولت إلى مخافر أمنية لتسجيل أخطاء وعثرات الأئمة عن طريق التقارير السرية، وهناك العديد من الأئمة الذين تم حرمانهم حتى من أبسط حقوقهم المتمثلة في السكنات الوظيفية، فتشردوا رفقة عائلاتهم وباتوا نزلاء عند فلان وعلان من أهل الخير، فأي دولة هذه التي تهين أئمتها وعلماءها وترفع من شأن المغنيين فيها ولاعبي الكرة؟!

 

مقالات ذات صلة