الجزائر
شباب استفادوا من العفو الرئاسي يصرخون:

دفعنا ثمن جرائمنا.. فلا تعاقبونا مرة أخرى بالبطالة

وهيبة سليماني
  • 2870
  • 5
ح.م

نحو 20 ألف سجين عبر المؤسسات العقابية للوطن، استفادوا مؤخرا من العفو الرئاسي، وهي خطوة حسنة رحب بها الكثير من الحقوقيين، إلا أن الخروج من السجن لدى الكثير من الشباب خاصة هو بداية لمعاناة أخرى وسط مجتمع لا يرحم، فبين النظرة القاسية لهؤلاء، وبين هاجس البطالة سجن آخر أكثر ظلمة وتهميشا وقهرا للنفس.

“لو بقيت على هذا الحال سوف اضطر للانتحار حرقا بالبنزين..هذا ليس تهديدا بل إنه آخر حد لصبري ومعاناتي”، هذه صرخة الشاب فارس عزيزي، من مواليد 1989، الذي استفاد مؤخرا من العفو الرئاسي بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب، فقد وجد نفسه ولظروف أسرية قاسية في الشارع ومن دون عمل، وكان قبل دخوله السجن، قد سعى لإتمام ملف الاستفادة من مشروع مصغر في إطار “لونساج”، ولكنه في النهاية قوبل بالرفض من طرف مسؤول في مؤسسة عمومية، قائلا له “أنت مسبوق قضائيا، لا يمكن لنا أن ندمجك في الحياة العملية”!.

صدمة بقي تأثيرها ساريا في كل جزء من جسد فارس، الذي وحسب ما أكده من خلال زيارته لـ”الشروق”، أن دخوله السجن لأكثر من مرة سببه الانخراط في شجارات لرفضه “الحقرة”.

وكان “حراق” جاب عدة دول أوروبية وأعيد للجزائر، لكن يقول “في بلاد الناس تعيش مثل الكلب، وفِي بلادك إذا توفر العمل تعيش مرتاحا، فحققوا لنا هذه الراحة”.

وحسب الوثائق المتوفرة لدى الشروق، فإن فارس والده ابن شهيد، ورغم ذلك لم تشفع له هذه الخصوصية، لأنه مسبوق قضائيا وهذا ما يؤرقه الْيَوْمَ حيث استغرب كيف أنه قضى عقوبة الحبس عن جنحة ارتكبها، واليوم يعاقب بعدم إدماجه في الحياة العملية.

5 من المائة فقط من المسبوقين قضائيا يدمجون في العمل

في السياق، ناشد رئيس الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية والوقاية من العود، عمار حمديني، الحكومة الجزائرية بأن تتخذ خطوة سياسية صارمة فيما يخص الشباب المسبوقين قضائيا خاصة الذين استفادوا من العفو الرئاسي خلال السنة الجارية وعددهم 20 ألف سجين، وقال إن المسبوقين قضائيا هم أكبر فئة في المجتمع من حيث العدد والتهميش، فهم ينتظرون قرارات صلبة وحقيقية لإدماجهم في العمل.

وأكد المحامي عمار حمديني، أن إدماج المسبوقين قضائيا، غير معترف به في أجندة المسؤولين، خاصة المحليين، وأن الحديث في الخطابات والندوات واللقاءات الصحفية وعبر وسائل الإعلام عن إدماج هؤلاء “مجرد ذَر للرماد في الأعين”، حيث لا تمثل نسبة إدماجهم سوى 5 من المائة وقد تكون منعدمة تماما في بعض الولايات.

وقال حمديني، إن آلاف المساجين يملكون الْيَوْمَ شهادات تكوين في السجون، ورغم ذلك لا يدمجون في المؤسسات والشركات بعد خروجهم، موضحا أن المسؤولين والإطارات الذين يدخلون السجن، يمكن بعد قضاء عقوبتهم، العودة إلى العمل مع منحهم منصبا أقل درجة من الأول، وفيما يخص الوظائف والمهن البسيطة فهي مفتوحة من المفروض، أمام المسبوقين قضائيا، خاصة ذوي الجنح البسيطة.

ودعا المحامي حمديني، المجتمع المدني، إلى التوسط لدى مؤسسات العمل والشركات، لإدماج الشباب الذين خرجوا من السجن، ولَم يجدوا عملا، والدفاع عنهم وأخذ هذه المشكلة ضمن البرنامج المسطر.

واستغرب حمديني، من تولي مصالح خاصة يديرها مسؤولون بالمؤسسات العقابية، مهمة إدماج المسبوقين قضائيا في العمل، حيث أن لدى فئة المسبوقين رفض نفسي لهؤلاء، الذين يذكرونهم بالسجن، والمهمة، حسبه، كان من المفوض أن توكل للمجتمع المدني، والمسؤولين المحليين، مع السعي الدائم لتغيير الذهنيات وتحقيق إدماج فعلي لفئة الشباب المسبوق قضائيا.

مقالات ذات صلة