-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دماء‮ ‬المصريين‮ ‬تتفرق‮ ‬بين‮ “‬البلطجية‮”‬

حسين لقرع
  • 3375
  • 2
دماء‮ ‬المصريين‮ ‬تتفرق‮ ‬بين‮ “‬البلطجية‮”‬

بعد وقوع مذبحة “المنصة” بساعات، عقد وزير الداخلية المصري ندوة صحفية، ليس لإعلان استقالته من باب تحمُّل المسؤولية عما حدث من جريمةٍ ضد الإنسانية، بل لتحميل الإخوان كل المسؤولية من خلال”الهجوم” على جسر 6 أكتوبر، قصد “افتعال المواجهة مع الشرطة لاستثمار ضحاياهم‮ ‬سياسياً‮ ‬لتحسين‮ ‬موقعهم‮ ‬التفاوضي‮”.‬

 

أكثر من ذلك، برّأ الوزير ساحة الشرطة من المجزرة، ولم يشعر بأي خجل وهو يقول بكل صلف واستفزاز إنها “لم تطلق رصاصة واحدة على المصريين في تاريخها؟”، وترك الانطباعَ بأن “البلطجية” هم الذين أطلقوا الرصاص الحي والخرطوش “رصاص صيد الطيور أو الشوذم” على رؤوس وصدور آلاف المتظاهرين العزل، ليتملص الوزيرُ بذلك من أي مسؤولية عن سيلان دماء أبناء وطنه، ويفرّقها بين “بلطجية” مجهولين، وكأن هؤلاء القتلة قد جاؤوا من كوكب آخر، وليسوا من فلول مبارك وعناصر الأمن السري وكل المأجورين الحاقدين الذين وجدوا الفرصة مناسبة للانتقام من ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮ ‬وقتل‮ ‬المئات‮ ‬بدم‮ ‬بارد‮ ‬وبحماية‮ ‬كاملة‮ ‬من‮ ‬النظام‮ ‬الانقلابي‮ ‬وكأن‮ ‬الأمر‮ ‬يتعلق‮ ‬ببعوض‮ ‬مزعج‮ ‬عديم‮ ‬القيمة‮ ‬وليس‮ ‬بأرواح‮ ‬بشرية‮.‬

ويصل الاستخفافُ بأرواح الناس إلى ذروته حينما ترفض فضائيات التحريض والفتنة تغطية المذبحة، وتعود ساعات بعد نهاية مظاهرات “التفويض”، إلى برامجها الترفيهية، من غناء ورقص ومسلسلات.. وكأنها تتشفى في الضحايا، كما يمتنع الوزيرُ عن الترحّم عليهم، وعن توجيه التعازي لعائلاتهم، ويتوعّد المتظاهرين بالمزيد من المذابح في كلمة ألقاها بكلية الشرطة، من خلال التلويح لهم بأن موعد فض اعتصاميْ “رابعة” و”النهضة” قد بات قريباً، ما ينذر بوقوع مجازر مهولة غير مسبوقة في تاريخ مصر ضد مواطنين ذنبهم الوحيد أنهم مارسوا حقهم القانوني في التظاهر‮ ‬سلمياً‮ ‬احتجاجاً‮ ‬على‮ ‬عزل‮ ‬رئيسهم‮ ‬المنتخب‮. ‬

 يحدث كل هذا في ظل صمت دولي مفضوح يدل على الرضا عما يحدث في مصر من مجازر ضد الأبرياء العزل، ويقدم دليلاً إضافياً على أن الانقلاب تمّ فعلاً بمباركة أمريكية غربية صهيونية في إطار مؤامرة عالمية لإنهاء حكم الإسلاميين في مختلف الدول وإيصال العلمانيين إلى السلطة‮ ‬على‮ ‬ظهور‮ ‬الدبابات،‮ ‬ولا‮ ‬نعتقد‮ ‬أن‮ ‬ما‮ ‬يحدث‮ ‬هذه‮ ‬الأيام‮ ‬في‮ ‬تونس‮ ‬وتركيا‮ ‬وحتى‮ ‬في‮ ‬ليبيا‮ ‬من‮ ‬هجمات‮ ‬على‮ ‬مقرات‮ ‬الإخوان،‮ ‬هو‮ ‬محض‮ ‬صُدف‮ ‬بريئة‮.‬

وحينما يمتنع العالم عن إدانة هذه المذابح بحق متظاهرين مسالمين، أو يدين “العنف وسقوط الضحايا” باحتشام ودون تحميل الانقلابيين المسؤولية، أو يساوي الاتحادُ الأوربي بين الضحية والجلاد من خلال دعوة “كل الأطراف إلى الامتناع عن العنف؟”، فإن هذه المواقف الخجولة والمرتبِكة‮ ‬لا‮ ‬يُمكن‮ ‬أن‮ ‬تُفهم‮ ‬إلا‮ ‬في‮ ‬سياق‮ ‬تواطؤ‮ ‬الغرب‮ ‬المنافق‮ ‬مع‮ ‬الانقلابيين‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬الشرعية‮ ‬الشعبية‮.‬

بقي أن نقول إن هذه المجازر الوحشية المتكررة تدل على مدى تخبّط الانقلابيين وارتباكهم، وأن كل قطرة دم تُراق تصب في مصلحة الإخوان بالدرجة الأولى، وستوضح الصورة بمرور الوقت للكثير من المصريين المغرر بهم من الذين شاركوا في مظاهرات 30 يونيو، وستؤكد أنهم أخطأوا التقدير‮ ‬حينما‮ ‬خرجوا‮ ‬عن‮ ‬الشرعية‮ ‬وساعدوا‮ ‬الفلول‮ ‬على‮ ‬استعادة‮ ‬السلطة،‮ ‬بانقلابٍ‮ ‬عسكري‮ ‬ماكر‮ ‬اتخذ‮ ‬مظاهراتِهم‮ ‬غطاءً‮ ‬له،‮ ‬للعودة‮ ‬إلى‮ ‬الحكم‮ ‬والقبض‮ ‬على‮ ‬زمام‮ ‬الأمور‮ ‬بيدٍ‮ ‬من‮ ‬حديد‮. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • بشير منصورية

    مهما طال الليل سياتي الصبح اليس الصبح بقريب
    ان مع العسر يسر الشرعية ثنها غالي ونفيس
    ان اعظم اية في القران اية الكرسي - سورة البقرة-
    شكرا لك على اهتمامك بقضايا الامة والانسانية

  • الجزائرية

    حينما ينفجر الجنون و ينطلق الرصاص الحي باتجاه المتظاهرين العزل ال لا يجب أن يختفي صوت الحكمة و الرحمةو العقل أمام أرواح المواطنين . لقد سلمنا بعنجهية الفلول و بعضا من الجيش المصري و الإعلام المخزي لكن أن يصرح الشيخ حجازي و بعناد على ضرورة بقاء المعتصمين فهذا كذلك نوع من تحمل مسؤولية ما يحدث للأبرياء العزل...إن المعتصمين يفوتون فرصة تاريخية لخصومهم لو قبلوا بالمشاركة في الحياة السياسية و بدِؤوا من جديد ليلقنوا درسا لمن ساعد على إفشال مشروعهم إن كانوا فعلا صادقين و لهم في رسولهم الكريم الأسوة الح