جواهر
مصلحة الطب الشرعي غصّت ب"المضروبات" و"المكسورات":

دماء بدل الورود في عيد المرأة!

جواهر الشروق
  • 7459
  • 24
ح.م

في الوقت الذي كانت تستعد الكثير من الجزائريات لتلقي التهاني والهدايا بمناسبة عيد المرأة، كانت نساء أخريات يتلقين “الركلات” و”اللكمات” والضربات الموجعة، عيد المرأة بالنسبة لهؤلاء النسوة ما هو إلاّ يوم تعيس يذكّرهن كل عام بضعفهن وسطوة من حولهن.

“جواهر الشروق” زارت مصلحة الطب الشرعي بسطيف، ونقلت لكم قصص بعض النساء اللواتي غصّت بهن القاعة في يوم يحتفل فيه العالم بعيدهن، إنهن نساء استقبلن “العيد” بالدماء والدموع والإهانات، بدل الورود والهدايا والتهاني.

عندما يتجبّر الأخ

تقافزت نحوها النظرات من كل صوب، رغم أن كل المتواجدات في القاعة “مضروبات” و”مكسروات الجناح”، و ارتسمت علامات الاستفهام على وجوههن، ترى ما بها هذه الفتاة التي اتكأت برأسها على الجدار، وتسمّرت عيناها في الجدار المقابل، وعلى وجهها الشاحب المتخشب ما يروي قصة حزينة؟، وسرعان ما كشفت لنا المرأة التي كانت تجلس بجانبها وتحضنها بذراعها ما حدث لها قبل يومين من عيد المرأة، إذ أنها صعدت إلى بيت أخيها الذي يسكن في الطابق الأعلى وطلبت من زوجته أن تخفّض صوت الراديو الذي كان مرتفعا، مذكّرة إياها بأنه لا يجوز هذا يوم الجمعة، انزعجت زوجة أخيها من هذا الطلب، وكشّرت عن أنيابها وتحدتها إن كانت تستطيع أن تدخل إلى بيتها وتخفض من الراديو، سمع أخوها ما دار بين زوجته وأخته التي انهال عليها بالضرب المبرح، وعندما تدخّل أحد إخوته لإنقاذها من بين يديه وقدميه كسر ذراعه، ولم يفلتها إلاّ بعد أن كادت روحها تفارق جسدها، تضامنت العائلة مع الفتاة وقرّرت أن تعرضها على طبيب شرعي للاقتصاص من الأخ الذي ماتت الرحمة في قلبه، زوجة أبيها التي رافقتها قالت لنا أن الفتاة فقدت القدرة على الكلام من شدة الصدمة التي تعرضت لها، وحاولنا أن نكلمها ونخفف من ألمها و لكنها كانت تسمع دون أن تجيب، سألناها عن اسمها فقالت بصوت واهن، خافت بالكاد يسمع “أحلام” ونزلت دمعة من عينها وكأنها نهر من الجراح.

زوج ديوث وزوجة صابرة

عندما غادرت أحلام قاعة الطب الشرعي وهي تستند على ذراعي أبيها وزوجته، اقتربت منا سيدة منقبة وحاولت أن تعرف ما جرى للفتاة و بعد أخبرناها عن التفاصيل، سألناها عن سبب مجيئها إلى مصلحة الطب الشرعي، فانفجرت بأحزانها وكأنها تبحث عمن تروي له عن خيبة أملها مع زوج ديوث تعدى كل حدود الله، فهذا” الحيوان الناطق” كما تسميه، لم يترك شيئا حرّمه الله إلاّ و أتاه، لدرجة أنه أراد أن يعرضها على صديقه الذي اصطحبه معه إلى البيت، وعندما رفضت أن تسايره أوسعها ضربا فقرّرت أن تترك البيت وتشتكي لأهلها لأول مرة عن هذا الرجل الذي يخفي بطشه وسوء أخلاقه خلف وجه بشوش وكلام لبق، تقول هذه السيدة إنها أصبحت “زبونة” دائمة عند مصلحة الطب الشرعي، فقبل 10 أيام فقط حرّرت لها المصلحة شهادة طبية تثبت اعتداءه عليها بسكين في مكانين مختلفين من جسدها بسبب خليلته التي أفسدت أخلاقه وصارت تحرّضه عليها، “صبرت على الحياة الضنكى، البائسة التي لم تتغير منذ 10 سنوات، صبرت على بطشه وجبروته، ولكن لن أرضى أن يحولني إلى عاهرة”، هكذا قالت هذه السيدة التي لم تكن تقطع حديثها عن زوجها إلا لتدعو عليه “اللهم أرني فيه عجائب قدرتك”،”اللهم أقبض روحه على أكبر معصية”، ورغم عظم المشكلة التي تعاني منها هذه المنقبّة، إلاّ أنها لم تفقد ثقتها في الله وظلت تردد “إن تنصروا الله ينصركم”.

 هدية نهاية الخدمة..

في الكرسي المقابل كانت تجلس امرأة ريفية تبدو في العقد السادس، بدا على وجهها أثار ضرب عنيف، قبل أن نسألها تم استدعاؤها إلى غرفة الطبيب، فيما سردت علينا إحدى السيدات “المضروبات” بعض التفاصيل حول هذه المرأة التي ضيّعت أجمل سنوات عمرها من أجل عائلة زوجها و فتحت قلبها و بيتها لهم، وفي الأخير قدّم لها ابن شقيقة زوجها”هدية” نهاية الخدمة في شكل اعتداء عنيف تسبّب في تورم وجهها.

في الكراسي الأخرى، جلست فتاة كسرت يدها من طرف زوجتي عميها اللتين انهالتا بالضرب عليها بعد عودتها من الدراسة، و جلست فتاة أخرى تروي تفاصيل اعتداء جارتها عليها هي و أختها بسبب شجار بين الأطفال، حالات كثيرة بعضها متشابهة ولم تترك أثرا نفسيا كبيرا على صاحباتها كما بدا لنا من طريقة كلامهن، وبعضها الآخر تركت أخاديد في القلب لا يمكن أن تندمل مهما طال عليها الزمن.

مقالات ذات صلة