جواهر
حتى في وجود الرجال

“ذبـﱠﱠـاحات”.. لا يخيفهن الدم ولا يتعبهن السلخ!

سمية سعادة
  • 11435
  • 19
ح.م

هن صنف من النساء لا يخفين وجوههن ساعة نحر الخروف في عيد الأضحى، ولا يسألن من خلف الأبواب “خلاص ولا مزال”، ولا يغلقن آذنهن حتى لا يسمعن صياح الذبيحة وتخبطها، ولا تقشعر أبدانهن من رؤية الدم، بل يواجهن الخروف بكل شجاعة وثبات، وينحرهن بدون خوف أو تردد، ثم يسلخنه بكل احترافية ويقطعنه بعد أن يجف دمه.
والغريب، أن بعضهن يأتين هذه المهمة القاصمة للظهر والمشاعر حتى في وجود رجال في البيت ولكنهم أبدوا في وقت سابق عدم قدرتهم على الذبح والسلخ والتقطيع لسبب من الأسباب، بعضها نفسية وبعضها جسدية، فاضطلعن بدلهم بهذه المهمة وتعودن عليها، بينما لا تجد أخريات بدا من مواجهة الواقع بظروفه القاسية التي تجعل المرأة تتولى كل المهام الموكلة بالرجل الذي غيبه البعد أو الموت.
ومعروف أن الريفيات هن أكثر النساء قدرة على مواجهة المواقف والظروف الصعبة نظرا لطبيعة الريف القاسية التي تجعلهن، بالتعود، قادرات على تحمل المشاق وأعباء الحياة، في هذا السياق، تقول السيدة خيرة عن زوجة أخيها التي تسكن في إحدى مداشر المدية إنها تقوم بسلخ الأضحية باحترافية كبيرة وفي وقت وجيز وهي المهمة التي تخلى عنها أخوها الذي لم تعد تسعفه ظروفه الصحية على أدائها، الأمر الذي جعل خيرة تلجأ إلى بيت أخيها كل عيد أضحى لتتولى زوجته سلخ أضحيتها قبل أضحية أسرتها، وتعود بها إلى البيت في وقت باكر من صبيحة العيد.
وبالنسبة للنساء اللواتي ولدن في أسر تمارس مهنة الجزارة، يعتبر الأمر سهلا ويسيرا لتعلم طريقة تقطيع اللحوم وسلخ الأضحية وحتى الذبح، وغالبا ما يشرعن في تعلم أصول المهنة في سن مبكرة، كما هو الحال مع منيرة التي تسكن في إحدى قرى ميلة، حيث تقول عنها جارتها نورة إنها تعلمت عملية الذبح والسلخ والتقطيع من أبيها الجزار الذي صارت تعينه في عيد الأضحى، حيث تقصد بعض الأسر التي يكون فيها الذكور في سن صغيرة لا تؤهلهم لنحر الأضحية، أو لأن رب البيت لا يعرف طريقة الذبح، ولأنها اكتسبت الخبرة الكافية، فقد أصبحت تنجز كل عملها بسرعة شديدة، حيث تقول نورة إنهم استعانوا بها في أحد الأعياد لسلخ أضحيتهم التي أنهتها في وقت وجيز وأخذت عنها مبلغا من المال.
وحول نفس الموضوع، تقول السيدة هاجر، إن جدة زوجها كانت تقوم بذبح المواشي التي أشرفت على الموت بسبب حادث ما أو بسبب الأمراض التي تصيبها.
ومع انتشار عشرات الفيديوهات على اليوتيوب التي تصور مراحل سلخ الأضحية وتقطيع لحمها، بات في إمكان الكثير من النساء دخول هذا المجال، خاصة الأرامل، أو النساء اللواتي يرغبن في إثبات أنفسهن في أسرهن، من بين هؤلاء سامية التي تقول إنها في العام الماضي، وقبل أيام من عيد الأضحى، وجدت نفسها مشدودة للفيديوهات التي تعلم كيفية السلخ وتقطيع اللحم، لأن زوجها كثيرا ما يقطع اللحم مع الجلد، وكثيرا ما يقطع اللحم بطريقة عشوائية، بحيث يصبح غير ملائم لطريقة الطهي التي ترغب فيها، حيث تقول إنها تابعت أحد الفيديوهات الجزائرية لعدة مرات ووجدت الأمر سهلا لتطبيقه في الواقع، وهو ما تنوي أن تفعله هذه السنة أيضا مع كبش العيد.
في كل مرة، تبرهن المرأة الجزائرية أنها امرأة “فحلة” ولا تستصعب شيئا متى تسلحت بالإرادة وتوفرت فيها الرغبة، ولكن من الضروري أن تنتبه إلى أن الأعمال التي تحتاج إلى جهد كبير يجب أن توكل للرجال لأنهم الأقدر بدنيا عليها، ودخول المرأة هذا المجال، الذبح والسلخ والتقطيع، إذا كان من باب التحدي، فمن شأنه أن يفقدها أنوثتها، ويؤذي صحتها لأنه لديها الكثير من الأشغال المنزلية لتؤديها، أما إذا كان من باب تحمل المسؤولية في غياب الرجل، أو لعلة أصابته فذلك أمر يحتاج إلى تشجيعها والاعتراف بجميل صنيعها.

مقالات ذات صلة