-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في التكفل بهم وتطوير مهاراتهم

ذوو الهمم.. حاجيات اقتصادية

وهيبة سليماني
  • 3083
  • 0
ذوو الهمم.. حاجيات اقتصادية
أرشيف

يأتي يوم 3 ديسمبر من كل سنة، ليعيد لذوي الاحتياجات الخاصة بمناسبة اليوم العالمي الخاص بهم، المصادف لهذا التاريخ، الأمل في إيجاد التفاتة حقيقية، تنهي بتجسيد الكثير من المطالب وحل المشاكل التي تقف حاجزا دون إدماجهم في المجتمع الجزائري، كأفراد فاعلين يتمتعون بكل الحقوق، ويقفزون فوق الحواجز التي أوجدتها إعاقتهم.. الكراسي المتحركة، الممرات في مداخل المؤسسات والمرافق العمومية، والإدماج المدرسي والمهني، واستغلال الرقمنة، والمنحة، جملة المشاكل التي يراها حوالي 7 ملايين معاق في الجزائر، لا تزال غير مجسدة على أرض الواقع بشكل يرضى على الأقل النسبة الأكبر منهم.

15 بالمائة من الجزائريين معاقون.. والعزلة تطال أغلبهم
وفي هذا الموضوع، قالت عتيقة معمري رئيسة الفدرالية الجزائرية لذوي الاحتياجات الخاصة، لـ”الشروق”، إن واقع المعاقين في الجزائر لم يتغير رغم ارتفاع أعداد ضحايا حوادث المرور، والعمل دون تامين، وأطفال التوحد، ومشاركات المجتمع المدني، حسبها، باقتراحاته، والتعامل مع وزارة التضامن.
وأكدت أن هناك عدة تقارير للفدرالية لم تأخذ بعين الاعتبار، وذلك في وجود 15 بالمائة من الجزائريين مصابين بمختلف الإعاقات، وأغلبهم محرمون من المشاركة في المرافق العمومية، فيما تتخبط عائلاتهم وحدها مع مصاعب الحياة معهم، قائلة: “البلدان المتطورة رغم كل الظواهر الاجتماعية لديها مصالح الخدمات وآليات التكفل بذوي الاحتياجات الخاصة، القانون وحده لا يكفي”.
وعلقت معمري: “كم بعث فينا المعاق القطري غانم المفتاح الأمل، وتمنيت لو كانت لدينا إمكانيات تسهل لنا الحياة، وتجعلنا مثله، فقد كان بذرة أمل من خلال مونديال كاس العالم لكرة القدم”.
وأشارت عتيقة معمري، إلى أن مشكل الكراسي المتحركة بالنسبة للمعاقين حركيا، موجود حتى اخل المستشفيات، حيث إذا اضطرت إدارة المصلحة الاستشفائية لمستشفى بن عكنون، إخلاء أحد الأسرة يضطر المعاق إلى شراء الكرسي المتحرك بـ 2 ملايين سنتيم ونصف، وذلك لأن الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء “لكناص”، تشترط تقديم بطاقة المعوق قبل منح الكراسي المتحركة، وهي عملية يقوم بها المعاق بعد خروجه من المستشفى وتحتاج إلى وقت.

المطلوب استغلال التجارة والتعاملات الرقمية لخدمة المعاق في بيته
واستغربت رئيسة الفدرالية الجزائرية لذوي الاحتياجات الخاصة، معمري، من التأخر في استغلال التكنولوجيا والرقمية لخدمة المعاقين، من خلال التجارة الالكترونية بهدف توصيل الاحتياجات إلى مقرات سكناتهم، ودفع الفواتير، والتعبير عن الانشغالات الخاصة بهم، وقالت إن رفع قيمة المنحة الشهرية لهم لا تكفي لوحدها، ما دام هناك عراقيل موجودة على ارض الواقع، أولها الممرات الموجودة في مداخل المؤسسات العمومية والخاصة، التي ترى الموجودة منها غير خاضعة لمقاييس مضبوطة معترف بها.
وأوضحت معمري، أن وسائل النقل المشكل الذي يجعل من ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة مهمشة، غير مدمجة في المجتمع، حيث لا يوجد مصاعد متحركة تتمثل في قطعة حديدية تتحرك بشكل أوتوماتيكي.

حلول تبدأ من المحيط.. والإحصاء هو الحل
وتطرقت، أمس، عتيقة معمري خلال يوم دراسي برياض الفتح بالعاصمة، إلى جملة المشاكل التي يتخبط فيها ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعت إلى قرارات حاسمة لتغيير وضعية المعاقين في الجزائر، بداية من دراسة المحيط من خلال معرفة القدرات الاجتماعية ووضعية الإعاقة إلى المشاركة الاجتماعية، والعادات والتقليد الخاصة بكل منطقة، والظروف الاقتصادية والطبيعة الجغرافية والسكانية للوسط المتواجد فيه المعاق.
وأوضحت رئيسة فدرالية ذوي الاحتياجات الخاصة، أن إحصاء المعاقين في الجزائر يحتاج إلى عملية إحصائية خاصة خارج الإحصاء العام لسنة 2022، حيث تأخذ حسبها، بعين الاعتبار أسئلة الاستبيان، التي تتعلق خصيصا بكل المشاكل والعراقيل وطبيعة العجز الخاص بالذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت عتيقة معمري، إن الإحصاء الذي خصص له غلاف مالي 11 مليار سنة 2011، تعطل لأسباب ما، ومن الضروري تجسيده على ارض الواقع.
وفي ذات السياق، أكد الخبير في التنمية الاقتصادية، عبد الرحمان هادف، أن إحصاء المعاقين في الجزائر، من خلال مخطط إحصائي عام يتطرق إلى كل نقطة متعلقة بهذه الفئة، من شانه تسهيل عملية إدماج هؤلاء في التعليم والشغل، والتعامل مع خصوصية كل إعاقة.

التشغيل بعيدا عن النظرة التضامنية.. خدمة اقتصادية واجتماعية
ودعا الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الرحمان هادف، إلى مشاركة ذوي الهمم في التنمية الاقتصادية، بداية من إدماج 1بالمائة منهم في مناصب عمل، مع تغيير الإجراء التضامني، الذي يطبع حسبه، التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا الإطار، حيث أن استغلال قدرات هؤلاء ومواهبهم، في الشغل وبعض المهن، والصناعات الحرفية، يعطي للاقتصاد الجزائري دفعا من طرف شريحة المعاقين الذين أصبحت أعدادهم تتزايد كل سنة.
وقال الدكتور هادف: “يجب أن نغير اليوم المقاربة، لا ننظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة من طابع اجتماعي تضامني، نتذكرهم إلا في المناسبات.. حالات كثيرة كانت حاملة للإعاقة أصبحت اليوم فاعلة في المجتمع”، مضيفا أن بناء الاقتصاد الوطني، يأتي بإشراك ذوي الهمم حيث يتحقق الحل الاقتصادي والاجتماعي معا.

تغيير نظرة المجتمع من تغيير الهياكل القاعدية
وفي ذات السياق، قالت أستاذة علم الاجتماع بجامعة تيبازة، صليحة بوماجن، لـ “الشروق”، إن الإدماج الاجتماعي، وعدم التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بنظرة دونية، أو عدم القبول، يبدأ من الهياكل القاعدية لهذه الفئة، فمثلا بحسبها، أبواب العمارات والسكنات التي تدخل في إطار المشاريع العمومية، لا تتناسب مع المعاقين حركيا، فهي تحافظ دائما على نفس المقاييس، وقد لا تتسع للكرسي المتحرك.
ويتعلق الأمر حسبها، أيضا بالسلالم، ووسائل النقل، حيث ترى أن نظرة المجتمع السلبية لهذه الفئة يمكن أن تتغير من خلال تخطي المعاقين للعراقيل التي تقف أمامهم، ولا تتناسب مع طبيعة العجز الموجود لديهم.

متى يبدأ تكوين المرافقين الاجتماعيين لمساعدة المعاقين؟
واستفسرت المختصة في علم الاجتماع، صليحة بوماجن، عن غياب المرافقين الاجتماعيين الذين من المفروض يكونون في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يعيشون بمفردهم، أو في عائلة عاجزة على التكفل بهم.
ومن جهته، قالت رئيسة الفدرالية الجزائرية لذوي الاحتياجات الخاصة، عتيقة معمري، إن المرافقين الاجتماعيين، حلول غير موجودة في أجندة اللقاءات والمؤتمرات التي حضرتها، وعلقت قائلة: “كأن هذه الأمور غير مطروحة في المجتمع، وأعطت مثال على ابن فلاح من ولاية شرق الجزائر، وهو أحد أبنائه الذين يعيشون في فقر وحاجة، جاء للعاصمة ليعمل في ورشة بناء وسقط من أعلى بناية قيد التشييد، فأصبح معاقا حركيا، حيث احتار الوالد في كيفية التكفل به وخدمته إلى درجة التذمر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!