-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رابطة للأبطال وروابط للخصام

رابطة للأبطال وروابط للخصام

يُنفق الملايين من الجزائريين، بسخاء، من أجل الاشتراك في القنوات الرياضية، التي تقدم لهم المباريات الأوروبية الكبرى، وعلى وجهه الخصوص مباريات منافسة رابطة أبطال أوربا، التي شهدت دخول المتنافسين على لقبها في الأسبوع الأخير، مرحلة متقدمة، مع بقاء أقوياء القارة العجوز.

فقد تابع الجزائريون، وعددهم حسب إحصاءات رسمية يفوق خمسة ملايين عاشق لكرة القدم، مباريات كروية سافرت بهم في كل بلاد أوربا، من كييف الأوكرانية إلى لشبونة البرتغالية، مرورا بروما ولندن وباريس ولاغونتواز وغيرها من المدن الأوروبية.. وتمتعوا بالمباريات المثيرة، وأيضا بالمنشآت الجميلة، خاصة بالأداء الجماهيري الحضاري والراقي، الذي جعل أنصار كييف يتقبلون هزيمة ناديهم من مانشستر سيتي بثلاثية، بروح رياضية، وأنصار روما وأرسنال وغنت وأندهوفن وجوفنتوس يقبلون تعثر أنديتهم على أرضهم، وأمام أنظارهم، من دون أن نسمع عن مناصرين اقتحموا مقرات تدريب فرقهم المحترفة، أو اتهامات إلى لاعبيهم وإلى الحكام، كما يحدث عندنا، حيث تعفن الوضع إلى درجة، دحرجة مباراة ودية بأبعاد اجتماعية وسياسية بين المنتخبين الجزائري والفلسطيني، إلى حافة التصفير على النشيد الوطني، قسما، الذي كان دائما الجامع الوحيد بين الجزائريين في ميادين الكرة، حيث يقسمون بصوت واحد، بالنازلات الماحقات، والدماء الزاكيات الطاهرات التي سالت كالأودية، والبنود اللامعات الخافقات، والجبال الشامخات الشاهقات في الأوراس والونشريس، بأن يثوروا في وجه الاستبداد لأجل حياة في العز، أو شهادة، قسم دوّى في خيخون وأم درمان والبرازيل.

عندما أطلّت الفضائيات الغربية والمشرقية، على الجزائريين، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كان لسان حالنا ألا يغرق الأفراد والجماعات، في التقليد الأعمى لأبطال “تي آف 1 أو كنال بلوس أو الآم.بي.سي”، حتى لا يدخلوا جحر الرذيلة التي تدعو لها بعض البرامج والأفلام، فتحرك رجال دين وأولياء، لأجل كبح فوضى المشاهدة، وفضّل آخرون العودة إلى زمن الشاشة الوحيدة التابعة للدولة، حتى يستريحوا، بسدّ الباب في وجه الريح الفضائية العاتية، والآن بعد أن دخلت الريح من أبواب “مواقع التواصل الاجتماعي”، وعجزنا فعلا عن تقديم البديل، صرنا نطالب بتقليد بعض النماذج القادمة من كييف وروما في عالم الكرة.. حيث يبقى الولاء للبلد وللنادي واحترام الآخر حتى ولو غلبك على أرضك بالضربة القاضية، فوق كل اعتبار.

ما يحدث هذه الأيام في ملاعبنا من فضائح، يتورط فيها اللاعب والمسيّر والتقني والجمهور، في غريس بمعسكر وبجاية وتاجنانت وغيرها حيث يتهم الجميع، “الجميع” من حكام ورابطة منظمة، وتُلعب نصف المنافسة من دون جمهور، يجعلنا نتساءل عن جدوى متابعة مباريات كرة عالمية، يصرف عليها رب الأسرة مبلغا يقارب 50 ألف دينار جزائري، قد يقتطعه من خبزه ومن دوائه، لتتوقف حاله عند الانبهار بما يشاهده، والتعليق عليه في المقاهي والجامعات ومقرات العمل، وحتى في المساجد، حيث يكاد يخطف الحديث عن عالم الكرة الأوروبي كل الألباب، بينما لا تبقى في بلادنا سوى الأعصاب؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ماهر عدنان قنديل

    أنا أتفق تماماً مع النتيجة التي خرج بها الأستاذ "عبد الناصر" في كون جماهيرنا لم تستفد من متابعتها للمباريات الأوروبية.. حيث لا يزال عدم الإنضباط سائداً في مدرجاتنا في الكثير من الأحيان.. أما عن التصفير على النشيد الوطني أظن أنه جريمة في حق الوطن.. نحن نشاهد في بعض الملاعب العالمية أن الجماهير تحترم حتى نشيد منافسيها وتقف صامتة بإحترام أمامها.. لكن في نفس الوقت فيما يخص مباراة فلسطين، رغم سلبية التصفير على النشيد، أظن أننا لا يجب أن نتغاضى على الدور الذي مثله الحضور الجماهيري في إنجاح هذا العرس..