الرأي

راك شاد السماء؟

جمال لعلامي
  • 1331
  • 1

حكاية “زبر” المنحة السياحية، أصبحت لا تثير الاهتمام، لأنه لا فرق بين 130 أورو و117 أورو، فكلاهما بقشيش لا يكفي إلا لشراء الشكولاطة والحلوى للأطفال.. لكن الملفت هو استمرار انهيار الدينار بطريقة مخيفة، تنبئ بالأخطر على الصعيد الاقتصادي والمالي، وتحديدا على القدرة الشرائية للجزائريين، وتأثيره أيضا وبشكل مباشر على التضخم والأسعار!
الأحسن للجميع، لو تلغى هذه “المحنة”، حتى يرتاح الفرطاس من حكّان الرّاس، وتتوقف إهانة بعض الأعوان في شبابيك البنوك للمواطنين، ولا أعتقد أن هناك من لم ير “فنطزة” و”تعنتير” ذلك العون بشبّاك البنك العمومي على مستوى مطار هواري بومدين، وكيف يتصرّف باستفزاز وجفاف مع المسافرين، وكأنه يعطيهم من جيبه ذلك البقشيش مرّة واحدة في السنة!
ماذا علينا أن ننتظر من نظام بنكي، مازال يطلب من معشر المسافرين إيداع جوازات سفرهم، قبل أسبوع على الأقلّ، من أجل “الاستفادة” من هذه المسمّاة زورا وبهتانا منحة سياحية، لا تعادل سوى العشر أو أقلّ مقارنة بما تمنحه البنوك في الكثير من البلدان، بما فيها الجارة، وبعض الدول التي كنـّا “نضحك عليها”، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم!
هذه التصرفات والبيروقراطية، هي التي سمّمت بارونات “الدوفيز”، وحوّلت “السكوار” من سوق مواز أو خارج عن القانون، إلى بورصة تعبرها الملايين من الأورو والدولار ومختلف العملات الأجنبية، وهذا وحده يكفي للانتحار بآخر شعرة في رأس آخر فرطاس يُصادفه الباحث عن تبديل العملة بشوارع العاصمة أو غيرها من الولايات!
هل يُعقل أن تعرف العملة “ندرة” بالبنوك الرسمية، العمومية والخاصة، ولا تختفي لا بالليل ولا بالنهار، ولا طوال الفصول الأربعة، من أزقة السكوار ومختلف أسواق العملة بمناطق الجزائر العميقة؟ وكيف يُمكن تفسير تأجيل أو منع فتح “أكشاك التبديل” بطريقة قانونية ورسمية مثلما هي الحال بأغلب البلدان، في الوقت الذي يفتح سماسرة معروفون محلاتهم للتغيير في عزّ الظهيرة؟
لا تسألوا عن قيمة المنحة السياحية، بل علينا أن نسأل عن إهمال الأسكرام والعوانة وكانستال وسكيكدة و”يما قوراية” وتموشنت ومستغانم وتنس وتيكجدة وحمام المسخوطين، وغيرها من المعاقل السياحية، التي كان بالإمكان جلب السياح إليها وإدخال العملة، لكن طرد السياح المحليين قبل الأجانب، بسبب سوء الاستقبال وقلة المرافق و”التغنانت”، فعل فعلته فينا!
المشكلة أعمق من المنحة ومن 117 أورو، والحلّ قد يكون ولو جزئيا ومرحليا في إعادة النظر في المنظومة البنكية والمصرفية، وتحرير البنوك من البيروقراطية ومحاربة العقليات البائدة التي جعلت العون البنكي بالمطار يعتقد أنه “راه شادّ السماء”!

مقالات ذات صلة