الرأي

“رجولة” مع وقف التنفيذ؟

لا جدال في أن ما قامت به مجموعة ما يسمى بالتحالف، في حربها على الحوثيين، وتمكّنها من إنشاء قوة، جمعت عشر دول إسلامية، سيلقى الإجماع، لأن منح فسحة من “الفوضى” للحوثيين سيجعل كل المنظمات المتطرفة، بمختلف مذاهبها، تتجرأ على التفكير في قيادة البلاد، ولا جدال في أن الانتقال من القول إلى الفعل واستعمال السلاح الحربي، الذي صرفت عليه هاته الدول ملايير الدولارات وبقي للزينة أو لقمع الشعوب، هو خطوة قمع كبيرة، تؤكد لمختلف المنظمات، أن لكل مخطئ جزاء وعقابا.

ولا جدال في أن ما حدث عام 2006 عندما أدّب حزب الله اللبناني الصهاينة، كان رسالة من إيران إلى أهل المنطقة وإلى الكيان الإسرائيلي، فجاء ردّ التحالف الآن، ليس على الحوثيين وإنما على الإيرانيين الذين أحسّوا منذ نجاح ثورتهم الإسلامية، بأنهم وحدهم في المنطقة، بعد أن تمكنت “كمشة” من الإسرائيليين من العيث في الأرض فسادا، فدخلوا لبنان وسوريا والعراق والبحرين وحتى اليمن، وهي من البلاد التي لا شيعة فيها، لأن المذهب الزيدي الذي ينتمي إليه الحوثيون لا علاقة له بالجعفرية والاثني عشرية، فهو لا يعترف بعصمة أهل البيت، ولا بالغيبة والتقية، ولا بتوارث الإمامة، ويترضى تابعوه على الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين، ومع ذلك وطئت أقدام إيران صنعاء وعدن، ووصل الحوثيون الذين نقلوا عن إيران الشعار الشهير الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، إلى مقاليد الحكم، وأجبروا عشر دول كاملة على حربهم، وقد لا يقدرون. 

أخيرا تمتع المصريون بمشاهدة طائرات بلدهم الحربية، التي تقاعدت عن الخدمة منذ حرب العبور عام 1973، وهي تقصف “الداعشيين” في ليبيا وتعود إلى قواعدها سالمة، وتمتع الخليجيون وهم يشاهدون طائرات بلدهم الحربية التي كادت تنتهي صلاحيتها من دون أن نسمع صوت محركاتها، وهي تقصف المطارات والخنادق التي اختفى فيها الحوثيون في اليمن، وتعود إلى قواعدها سالمة، وأخيرا صار العرب من يقودون ويفعلون، بالرغم من أن أوساطا أخرى حاولت أن تقول، إنهم ينفذون مخططا إسرائيليا أمريكيا في المنطقة، وإنهم مجرد دمى يحرّكها الغرب عن بعد.

دعونا نقتنع بأن أشد الناس عداوة للذين آمنوا هم الصفويون وليس “اليهود”، وأن الحوثيين لو تمكنوا من اليمن فسيفتحون شهية التمرّد، لكل جماعة، خاصة تلك التي لها صلة بإيران من البحرين إلى المغرب، وأن ما قامت به الطائرات الحربية التابعة للتحالف العربي الإسلامي، إنما عن قناعة، ولا دخل للولايات المتحدة الأمريكية فيه، وحتى لو كانت الصحيفة الصهيونية يدعوت أحرنوت قد ثمّنت الضربة الجوية وشجعت على الضربة البرية، وباركتها أمريكا، فهذا لا يعني مطلقا أن التحالف كان عميلا للغرب، فالشيطان والملك قد يلتقيان في أمور كثيرة وهم بالتأكيد يختلفان.

لا يوجد أجمل من منظر الطائرات وهي تؤدّب المعتدين، ولا أرق من أزيزها وهي تطير إلى أهدافها وتعود غانمة، وسيكون نصرا كبيرا وغير مسبوق لا محالة لو خسر الحوثيون المواجهة، ولكن هل سيتكرّر المشهد الجميل مع العدو الأزلي إسرائيل، التي فعلت ما لم يفعله الحوثيون والدواعش منذ ست وستين سنة، ولا تحالف قام ولا طائرة حلقت.. ولا هم يندبون؟

مقالات ذات صلة