رحلة «الغريب» من قمّة قاسيون إلى ملاذه الأخير!

يبدو ان شهر اوت غروب الكبار في سوريا. اين توفيت أنطوانيت نجيب (1945 ــ 2022) وبعدها بيومين توفي الممثل الفلسطيني السوري المخضرم بسام لطفي (1940 ــ 2022)، الرجل الذي يحمل بطاقة رقم واحد في نقابة الفنانين، ويُعدّ أحد أبرز من أسهموا في تأسيسها. أدّى دور البطولة في تمثيلية «الغريب» وهي الإنتاج الأوّل للتلفزيون السوري عندما كان يبثّ من قمّة جبل قاسيون، وكان حاضراً في أوّل تمثيلية إذاعية سورية، وأوّل فيلم من إنتاج «المؤسسة العامة للسينما».

وسيعثر من ينقّب في تاريخ الرجل على تحفة أثرية تتعلق بأسرته الفلسطينية المناضلة، مع والد مدرّس وصانع جيل ربّاه على مقارعة الاستعمار الصهيوني، وأمّ وقفت كتفاً إلى كتف مع جيش الإنقاذ العربي الواصل من سوريا عند اندلاع حرب عام 1948، إذ ساعدت في تأسيس مستشفى ميداني في مدينتهم طولكرم، ومن ثم تولّت مهمة طهو الطعام لمجموعة كبيرة من الجنود، إلى أن خرجت العائلة كلّها مع الجيش إلى سوريا، بنية العودة بعد فترة.

صعب ان نتحدث في سطور عن اعماله، كونه عامراً إلى حدّ الفيضان بالأعمال الفنية: مسرحيات وأفلام ومسلسلات. لكن يجدر التذكير بأبهى المحطّات وأكثرها إضاءة. في المسرح «شعب لن يموت»، وفي السينما «رجال تحت الشمس» (عن رواية غسان كنفاني، إخراج نبيل المالح) و«دمشق مع حبي» (لمحمد عبد العزيز)، وفي أشهر مسلسل إذاعي سوري وهو «حكم العدالة» (تأليف المحامي الراحل هائل اليوسفي وتعاقب عليه عدة مخرجين عليه). أما تلفزيونياً فله أكثر من مئة مسلسل أبرزها: «هجرة القلوب إلى القلوب» (عبد النبي حجازي وهيثم حقي)، و«التغريبة الفلسطينية» (وليد سيف وحاتم علي)، و«نهاية رجل شجاع» (عن رواية حنا مينه، سيناريو وحوار حسن م يوسف وإخراج نجدت أنزور)، و«يوميات مدير عام» الجزء الأول لزياد الريّس وهشام شربتجي.

سبب وفاة بسام لطفي الممثل السوري

بعد أن أعلنت نقابة الفنانين السوريين أن الفنان السوري القدير بسام لطفي في ذمة الله بدأ الجمهور بالتساؤل عن أسباب الوفاة وهل هي نتيجة مرض أو وفاة مفاجئة، حتى تبين لشروق العربي ومن مصدر موثوق بسوريا ان “الفنان الراحل بسام لطفي توفي في منزله وليس في المستشفى ولم يكن يعاني أي مرض أو عارض صحي، ووفاته كانت طبيعية وصادمة لذويه”.

الشروق العربي في اخر لقاء لها مع بسام لطفي قبل رحيله

حكاية الفنان “بسام لطفي” وقصة انتقاله إلى سوريا والاسم الحقيقي له, كل هذا في لقاء خصه الراحل مع موفد الشروق العربي بسوريا قبل رحليه باشهر وهذا نص الحوار :

أخذت اسم والدي لطفي كنية لي لان دخولي الفن انذاك كان عيب

الشروق : في البداية هل بسام لطفي اسمه الحقيقي إياس أبو غزالة ؟

– إياس أبو غزاله ابني ، و أنا في بداية دخولي عالم التمثيل كانت هذه المهنة عيب على البنات والشباب والمعروف عن عائلة أبو غزالة أنها مهنتهم الأساسية الصيدلة أو الطب فطلب أهلي أن لا اذكر اسم العاىًلة فا أخذت اسم والدي لطفي المعلم والمربي كنية لي ، أما إياس بعد أن تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية أخذ اسم العائلة.

الشروق : هل زوجة بسام لطفي من الوسط الفني وكم ولد لديك ؟

– زوجتي ليست من الوسط الفني ، وعندي لمى خريجة أدب فرنسي وفراس خريج علوم سياسية إدارة واقتصاد والاًصغر إياس.

الشروق : قصة انتقال بسام لطفي برفقة عائلته من طولكرم..

– أثرت والدتي في حياتي بشكل كبير ، ففي عام 1948 وصل جيش الإنقاذ العربي السوري إلى طولكرم.

اتخذ الجيش من المدينة مقراً له, وشهدت المدينة معارك ضارية أصيب خلالها عدد من الجنود السوريين والعرب خلال دفاعهم عن المدينة، مما اضطر الجيش لإنشاء مشفى ميداني في المدينة من قبل الأهالي لمعالجة الجنود وشاركت والدتي في تأسيس المشفى.

تطوعت والدتي بطهي الطعام للجنود مرة واحدة في الأسبوع, وقد سأل الجنود عن المرأة التي تعد الطعام الشهي لهم.

أجاب القائد عن السؤال بعبارة “الشامية” فطلب الجنود منها أن تطبخ لهم مرتين أسبوعياً ،وهو ما رضيت به والدتي.

عند انسحاب الجيش من فلسطين طلب خالي وهو ضابط في الجيش من شقيقتي أن تغادر معهم في زيارة إلى سوريا.

وافق قائد الجيش على انتقال العائلة معهم وأمر لهم بسيارة خاصة وتحولت الزيارة إلى إقامة دائمة.

الشروق : من أين اكتسب الفنان بسام لطفي خبرته ونشاطه الفني … هل من خلال موهبته ؟

– كان نشاطي الفني في دمشق عام 1957، وبداية هواية التمثيل، حيث أسست أنا ومجموعة من الفنانين فرقة مسرحية هي فرقة ” المسرح القومي لنادي الشباب”، وقدموا أول الأعمال فيها عن فلسطين هي “قسماً بالدماء “، ثم التحقت بالمسرح العسكري لمدة 8 سنوات ، وتقديمي لمسرحيتي “الطريق” و”شعب لن يموت” في العراق والكويت وليبيا تونس الجزائر والمغرب، شاركت بأعمال سينمائية عالجت القضية الفلسطينية منها فيلم “رجال في الشمس” عن رواية الكاتب غسان كنفاني، وفيلم “السكين” عن روايته “ما تبقى لكم”.

انا مؤسسي نقابة الفنانين في سوريا

هدفي الاول والاخير إيصال قضية فلسطين من خلال هذا الفن

الشروق : أستاذ بسام فنان قدير وشخصيةٌ متواضعة يتميز برهافة الحس وصدق الأداء يعيدنا إلى الفن الجميل …. هل أنت من مؤسسي المسرح الوطني الفلسطيني في سوريا ، وأيضاً من مؤسسي نقابة الفنانين السوري ؟

– نعم , أنا من مؤسسي المسرح الوطني الفلسطيني في سوريا والمسرح القومي في سوريا عام 1960، ومن مؤسسي نقابة الفنانين في سوريا ، حيث شاركت في العديد من المسرحيات على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في سوريا.

ولم أهتم خلال فترة عملي بالمسرح الوطني الفلسطيني بالجانب المادي بل كان هدفي إيصال قضية فلسطين.

وقد تفرغت للعمل في المسرح وتخليت عن عملي في الإذاعة والسينما والتلفزيون وبدأت جولة مسرحية في البلدان العربية.

الشروق : مسرحياً ما هي الأعمال التي قام بسام لطفي بالمشاركة بها؟

– من أبرز الأعمال المسرحية التي قدمتها كانت “قسماً بالدماء, شعب لن يموت, الطليق”.

شاركت في العديد من أعمال المسرح القومي في سورية منذ العرض الأول «بــراكساجورا» المقتبسة من كوميديا أرستوفان، وحتى مسرحية «بحر الزمن الضائع» لماركيز.

تجربتي المسرحية متنوعة التوجه، وقد عرضت المسرحيات في الكثير من المدن العربية، وأن الفترة التي عملت فيها في المسرح الوطني الفلسطيني في ستينيات وسبعينات القرن الماضي هي فترة إبداع حقيقي بالنسبة لي، حيث كانت المواضيع الوطنية تتصدر قائمة أعمالي الإبداعية،و من أجمل الفترات التي مارست فيها الفن المسرحي ، حيث لم يكن الهدف من العمل في المسرح الوطني الفلسطيني مادياً، بل كان الهدف تقديم ثقافة مسرحية ، وإيصال قضية فلسطين من خلال هذا الفن إلى أكبــر شريحة.

الشروق : كم بلغ مجموع أعمالك المسرحية في المسرح الوطني الفلسطيني وفي المسرح العسكري والقومي؟

– بلغ مجموع أعمالي المسرحية نحو 75 عملاً في المسرح الوطني الفلسطيني و في المسرح العسكري والقومي.

الشروق : أستاذ بسام ما هي المشاركات السينمائية التي قمت بها ؟

– الأعمال السينمائية كانت عن القضية الفلسطينية “رجال في الشمس” و”ما تبقى لكم”وفدائيون حتى النصر” “والقدس حبيبتي”، وشارك كذلك في العديد من المسلسلات منها :”نهاية رجل شجاع”، “يوميات مدير عام”، “حارس القدس”، “بطل من هذا الزمان”، “صقر قريش”، الدبور وغيرهم.

شاركت في فيلم ((زهرة في المدينة)) ،وهو أول ما أنتجت المؤسسة العامة للسينما في دمشق.

الجزائر تذكرني بشبابي.. وهي الدولة الاولى التي فتحت لنا ابوابها

الشروق : الجوائز التي نالت أعمالك السينمائية؟

– نالت بعض الأفلام التي شاركت فيها عدة جوائز، أهمها، فيلم «المخدوعون» الذي حاز على خمس جوائز في عدة مهرجانات، وأثناء عرضه في باريس، كانت التهديدات الصهيونية تتوالى تباعاً، مما أدى إلى تنقل العرض بين أكثر من سبع صالات خوفاً من أي عمل إرهابي.

الشروق : أستاذ بسام كان لك حضور أساسي في الدراما السورية التلفزيونية منذ انطلاقتها ما هي الأعمال الدرامية التلفزيونية التي شاركت بها ؟

– شاركت في مسلسلات عديدة للتلفزيون منها ((أبو كامل، حمام القيشاني، نهاية رجل شجاع، أخوة التراب، يوميات مدير عام، بطل من هذا الزمان، صقر قريش، ربيع قرطبة، فارس بني مروان….)) وغيرها .

الشروق : لتطمن جمهورك و متابعينك عن صحتك وعن تجربتك مع مرض كورونا ؟

– لم يكن معي كورونا ، ولكن ماء حول القلب والحمد لله تحسن وضعي الصحي و أنا الآن في مرحلة النقاهة

الشروق : في النهاية ماذا تود أن تقول وتوجه رسالة عبر مجلة الشروق العربي الجزائرية ؟

– الشكر الجزيل لشروق العربي على هذه الفرصة للتواصل مع جمهوري بالجزائر الحبيبة الذي اشتقت لها , هذا البلد الذي يذكرني بشابي .

الجزائر كانت من اول الدول التي فتحت لنا ابوابها لنقدم اعمال مسرحية تعالج القضية الفلسطينة .

الجزائر نعتبرها مفخرة لنا كعرب, بدون مجالمة انتم شعب محسود .. راجياً لكم دوام الاستقرار والامن وبالامن تدوم السعادة وراحة البال .

—— بسام لطفي الذي يحمل على كتفيه سنوات عمره متجاوزاً الثمانين لم يتوقف عن الإبداع مقدماً للجمهور السوري والعربي كل ما لديه ، لأن سوريا كما يقول بلاده التي يفتديها قولاً وفعلاً فهنا تعلم ونشأ ولم يفكر أن يغادرها أو أن يتركها رغم كل مامرٍّ عليها من ظروف صعبة ، أي كلام عنه لا يمكن أن يعطيه حقه كمبدع له بصمات واضحة في فن التمثيل شاعلاً من قضيته الفلسطينية ..رحمة الله الفقيد واسكنه فسيح جناته

الشروق العربي تعزي جمهوره ومحبيه واهله والوسط الفني السوري والعربي راجيين من المولى عز وجل ان يسكنه فسيح جناته ان لله وانا اليه راجعون