الرأي

رحلت‮ ‬نظيفا‮ ‬يا‮ ‬سي‮ ‬محساس

رشيد ولد بوسيافة
  • 4181
  • 8

قلائل هم الذين قدّموا كل شيء للوطن، ولم يأخذوا منه شيئا، ومن بين هؤلاء الراحل علي محساس، الذي كان من أوائل الذين ناضلوا من أجل استقلال الجزائر.. نعم، له يعود الفضل في اكتشاف قيادات الثورة، وتأطيرهم، وتكوينهم، وتركيز جهودهم نحو هدف واضح وهو الاستقلال…

 

الرجل،‮ ‬ليس‮ ‬من‮ ‬مجاهدي‮ ‬19‮ ‬مارس،‮ ‬ولا‮ ‬حتى‮ ‬قبل‮ ‬ذلك،‮ ‬وإنما‮ ‬بدأ‮ ‬يعد‮ ‬للثورة‮ ‬منذ‮ ‬الحرب‮ ‬العالمية‮ ‬الثانية‮. ‬وكان‮ ‬بحق‮ ‬أحد‮ ‬آباء‮ ‬الثورة‮ ‬الذين‮ ‬خططوا‮ ‬ونفذوا‮ ‬وضحوا‮ ‬بشبابهم‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬أن‮ ‬يروا‮ ‬الجزائر‮ ‬مستقلة‮.‬

لقد كان علي محساس يمثل صوت الحكمة والعقل خلال كل الأزمات التي كادت تعصف بالجزائر، سواء خلال الثورة التحريرية عندما نشب النزاع المسلح بين جبهة التحرير والمصاليين إلى الأزمة التي أعقبت الاستقلال، إلى كل الأزمات التي ضربت الجزائر.

كان محساس دائما منحازا إلى مصلحة الوطن، متخذا موقف الحياد في النزاعات بين الإخوة الفرقاء. وإذا تحرك فلا يتحرك إلا لتقريب وجهات النظر والحث على تجاوز الخلافات والتشجيع على فكرة التنازل لصالح الجزائر.

لكل ثورة بطل.. ومحساس واحد من أهم أبطال الثورة التحريرية. هي حقيقة لا يمكن أن تطمسها تلك المقولة التي تقال هنا وهناك، وهي أن الشعب هو البطل، وهي كلمة حق أريد بها باطل، لأن الشعب بطل بالفعل لأنه احتضن الثورة ودعمها، لكن هذا يجب أن لا يلغي فضل مفجرها بأبسط الوسائل‮. ‬

لولا علي محساس وقلة من أمثاله، الذين اجتمعوا وقرروا أن يفجروا الثورة في وجه المستعمر، لاستمر الشعب الجزائري تحت نير الاستعمار، ولكان أحسن وصف يطلق على الجزائريين اليوم هو السكان الأصليون أو الأهالي.

لقد رحل محساس نظيفا، ولا يمكن لأحد أن يحمّله المسؤولية في كل الفتن والأزمات التي ضربت الجزائر، بل لم يتدخل إلا وفق ما يمليه عليه ضميره الوطني، بل إن الرجل لم يتول يوما منصب المسؤولية، ولم يكن له دور في كل الإخفاقات بعد الاستقلال.

رحل‮ ‬محساس،‮ ‬وهو‮ ‬ممتعض‮ ‬من‮ ‬الوضع‮ ‬الذي‮ ‬آلت‮ ‬إليه‮ ‬الجزائر،‮ ‬التي‮ ‬أصبحت‮ ‬مقترنة‮ ‬بفضائح‮ ‬الفساد‮ ‬ونهب‮ ‬المال‮ ‬العام،‮ ‬كما‮ ‬أصبحت‮ ‬مرتبطة‮ ‬بالإخفاق‮ ‬اقتصاديا‮ ‬وسياسيا‮ ‬وثقافيا‮ ‬وعلميا‮ ‬وفي‮ ‬كل‮ ‬ميادين‮ ‬الحياة‮.‬

مقالات ذات صلة