-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رسالة إلى المرشحين الخمسة

جمال الصغير
  • 290
  • 0
رسالة إلى المرشحين الخمسة
ح.م

إن الوعود الانتخابية أصبحت مودة قديمة استعملها الاشتراكيون، كانوا يقومون ببناء جسر من الأحلام للناس وبعدها يتبخر هذا الجسر بمجرد الجلوس على الكرسي، لأنهم كانوا يعلمون جيدا أن السبيل الوحيد لحكمهم هي بطون الناس، لكن بعد 22 فيفري 2019 هناك نوعٌ من الوعي انتشر بين النخب الفكرية والثقافية، التي بدورها لم تبخل على المواطن العادي بأفكارها، فلم يعد المواطن يفكر في بطنه أو مسكنه أو مركبه، بقدر ما يفكر في كرامته التي يرى أن الديمقراطية الحقيقية هي السياج الوحيد التي تحميه من  العصابات.

أيها السادة كفانا وعوداً نريد من فضلكم حلولا..

كل خطاباتكم في  الحملة الانتخابية هي وعود وبعض من التحذيرات، أنا متأكد أن مناضليكم فقط يصدِّقونها، لأن الوعد حينما يقطع، يجب أن تتوفر الموارد المالية والبشرية والفكرية من أجل تحقيقه، والوعد الذي يُقطع من دون دراسة ما هو إلى كذبة سياسية قديما كان يصدِّقونها، والآن من مستحيلات السبع أن يطلعوا عليها، فإن كانت قلة خبرة تمنعكم من تقديم حلول مثلا من أجل إنعاش الاقتصاد الجزائري، أو الخروج من التبعية المزمنة للمحروقات، أو كيفية رفع مستوى التعليم في الجزائر، أو إعادة الجامعات إلى المنافسة العالمية… كان عليكم أن تستعينوا بشباب الجامعة أو الدماغ العبقرية، وقبل الحملة تجهِّزون على أقل 10 وعود مهمة في ميدان الاقتصاد، التعليم، الصحة، وكل وعد تقطعونه تقدّمون سير الخطة من أجل تحقيق هذا الوعد، لكن أن تقدموا في كل ولاية تزورونها وعدا وبعض الكلمات الحماسية، أظنه بمجرد انتهاء الحملة يكون أخر مرشح فيكم قطع على الأقل 150 وعد، فكيف يحققها؟.

كل شيء قابل للتغيير بعد 22 فيفري..

كنتُ أتمنى أن يخبرنا من وعد بتحرير الإعلام، كيف سيفعلها؟ ومن وعدنا بإعادة النظر في تمركز السكان في الشمال، كيف سيقوم بها؟ ومن وعد أهل الجنوب بخط لسكة الحديدية، كيف سيوفر الميزانية الضخمة؟ ومن وعد بإنعاش ميدان الفلاحة، كيف سيفعلها؟ الجزائر كل سنة لها تغييراتٌ بالجملة في قانون المالية، هل يا ترى هذا التغيير سببه الكثافة السكانية، أو طالبات الكثيرة، أكيد هذه التغييرات سببها قلة الموارد المالية، كون أننا تعتمد على المحروقات وجميعنا يعلم السوق العالمية كيف هي، ونعتمد على الضرائب وميزان الثروة كدخل ثاني وهذا لن ينفعنا في المستقبل، وأكيد أيها السادة أنّكم شاهدتهم خطاب وزير المالية وحديثه عن الخزينة، ألا تستحق الجزائر منكم تقديم خطة محكمة للعامة، تقومون بسرد فيها كيفية النهوض بالبلاد من الإنعاش، لأننا فعلا نحتاج إلى نهضة وليس إلى كلام فارغ، ونحتاج إلى حنكة سياسية وليس مراهقة طفولية.

الحل الوحيد هو إعادة النظر في الخطاب السياسي..

الرجل السياسي هو مجرد كاهن يصلي نضاليا صباحا ومساءً من أجل الوصول إلى مناصب عليا في البلاد، وأنتم لستم كاهنة وإنما تملكون نوعا من الشجاعة التي جعلتكم تتسابقون على إرثٍ مسموم تركه النظام السابق، فأنا شخصيا أرى مَهمَّتكم صعبة كونها ستحول الرئيس فيكم إلى رجل الإصلاح بطريقة غير إرادية، وهذا ما سيجعل مهمة تحقيق وعودكم مستحيلة جدا، كون أن ترميم سيأخذ وقتكم، وإعادة هيبة البلاد ستكون مهمة شاقة جدا، فأظنه الوقت المناسِب لتحويل خطابكم السياسي من صناعة الوعود إلى تقديم الحلول، يجب أن تتضمن كلماتكم نوعا من النهضة الحضارية الحديثة برؤيتكم الخاصة، لا أريد أن أقول أني أحببت لو رأيت فيكم قيس السعيد، كون أن الرجل لم يقدِّم ولا وعدا ولم يقم بحملته الانتخابية، وهذا ما جعل التونسيين يثقون في قدراته العلمية بدلا من السياسية، عليكم بتغيير خطابكم السياسي حتى تعيدون ثقة الشعب فيكم، أنتم مطالبون بالفوز في معركة الثقة لأن بدونها ستفشلون.

وفي الأخير أيها السادة..

اقتنعنا بفكرة الانتخابات لأنها الفيصل الوحيد للاستقرار الوطن، لأن معظمنا اقتنع بضرورة انتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد، فإن كانت لنا نظرة أمنية وإستراتجية  في الانتخابات، فأتمنى أن تحوِّلها إلى فخر واعتزاز وأن رهاننا على 12 ديسمبر لم يكن محض حتميات وإن كان فرصة حقيقة للتجديد، فلا تقتلوا أمالنا فيكم بقطع وعود مستحيل تنفيذها حتى في دول عالم الأول.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!