-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الممثل الجزائري شاكر بولمدايس لمجلة الشروق العربي

رسالة الفنان هي ترجمة مآسي المواطن.. لتصل همومه إلى المسؤول

طارق معوش
  • 254
  • 0
رسالة الفنان هي ترجمة مآسي المواطن.. لتصل همومه إلى المسؤول
تصوير: عيسى رجاوي

يرى الممثل المسرحي والتلفزیوني شاكر بولمدایس، بأن ظھوره في مسرحية “التافهون”، التي تلقى نجاحا كبيرا عبر ولايات الوطن، تعد قفزة نوعیة في مشواره الفني، مضیفا، خلال الحوار الذي خص به الشروق العربي، أن الأعمال المسرحية الجزائریة التي قدمت مؤخرا، عرفت تطورا ملحوظا، إلى درجة مكنتھا من منافسة ”العروض المسرحية“ العربیة، التي سیطرت في السنوات الماضیة.

كما أكد ابن مدینة قسنطینة أن الواقع الثقافي في الجزائر، في حاجة إلى ثورة للنھوض به، خاصة وأن المواھب والإمكانیات متوفرة لبلوغ قمة العطاء الفني وتقدیم أعمال في المستوى المنشود، من حیث الجودة والإتقان، بحسبه، كما تحدث عن سبب عدم إعادة إنتاج أفلام جزائرية ناجحة، مثلما كان في السابق وأمور أخرى..

الشروق: كیف تقیّم ظھورك في مسرحية التافهون التى تجوب بها حاليا ولايات الوطن؟

ـ ظھوري في «التافهون»، التى تعرض حاليا عبر مسارح الوطن، مغامرة جدیدة بالنسبة إلي، حیث لعبت دورا جدیدا لا یشبه بقیة الأدوار التي تقمصتھا سابقا، وأعتقد أنني كنت في المستوى، ونجحت في أداء الدور على أكمل وجه.

الشروق: ماذا أضافت لك ھذه التجربة الجدیدة؟

ـ كوني لم أحظ بفرص مشابھة من قبل، لقد مكنتني ھذه التجربة الجدیدة الفریدة من نوعھا، من الاحتكاك بممثلین كبار، كما أكسبني ھذا الدور خبرة أكبر في المجال المسرحي، الذي أتمنى دائما أن أشق طریقي فیه بنجاح، خاصة وأن طموحاتي وأحلامي كبیرة في المجال.

الشروق: بما أن المسرح يعد فنا للصراع والجدل، ما الذي وجدته خارج تلك الدائرة في تجاربك الأخرى خلف الشاشة، وهل ترى بأن الحاجة المادية قد تملي على الفنان خياراته في الجزائر؟

– غالبًا ما يتّجه الممثل من المسرح إلى التلفزيون أو السينما من أجل توسيع رقعة الشهرة لديه، وإيصال رسالته إلى عدد أكبر من الجمهور، فالممثل المسرحي يقدّم عروضًا طيلة سنوات ويصنع لنفسه مكانًا في المسرح، مع هذا، يبقى مجهولًا لدى فئة كبيرة من المواطنين عدا الجمهور المسرحي، في المقابل، يمنحه الظهور التلفزيوني جمهورًا كبيرًا وعريضًا من كلّ الفئات، إضافة إلى أن العروض المالية تكون أكبر مقارنة بالمسرح، لكن يبقى المشكل الأكبر برأيي، أننا لا نملك صناعة سينمائية حقيقية وصلبة، ولا حتى صناعة درامية قويّة مقارنة بدول أخرى، لهذا يتّجه الممثل إلى العمل في بعض الإعلانات التي تغطي نسبيا حاجته المادية.

الشروق: يعدّ الممثل ركيزة العمل الفنيّ أيا كان موضوعه، إذ يكفيه مكان عرض فقط مهما كانت ظروفه لصنع عرض متكامل، فأين يجد شاكر بولمدايس نفسه أكثر، على خشبة المسرح أم خلف الشاشة (تلفزيونيا أو ركحيا)؟

– إنّ الفنان هو الحلقة الرئيسية في أي عمل فنّي، سواء كان ذلك في المسرح أم التلفزيون أم السينما، شخصيا، أعمل بشكل أفضل على خشبة المسرح، وأجد نفسي فيها بشكلٍ كبير. يجب أن تكون هنالك بين الفينة والأخرى، تجليات علاقة مباشرة بين الممثل وجمهوره من خلال العروض، لأن التواصل بين هذين الطرفين يكون أصدق وأقوى مقارنة مع تلقي العمل من خلال الشاشة، كما أن هناك متعة أكبر يصنعها تركيب العرض على المباشر، مع ذلك، يبقى لكل ميدان أدواته ومتعته، وجمهوره الخاص الذي وجب أن يُحترم.

استطعنا بفضل أعمال جزائرية كثيرة.. أن ننافس الدراما العربیة

الشروق: قد يصنع المسرح والسياسة مشهدًا مجتمعيا واقعيا وصريحًا موجهًا نحو المتلقي. هل تظنّ أنّ الفنان الموغل في قلب السياسة قد يكون أكثر إفادة للمواطن عامة، أكثر من الفنان المنزوي بعيدًا عنها؟ وهل تؤثّر خياراته السياسية على غزارة نشاطه؟

– بصراحة، أعتبر الإفصاح عن مواقفنا السياسية المخالفة للسلطة نقمةً بحقّ على فرص العمل الشحيحة بالأصل، لأنّ الفنان الذي يحمل فكرة أو رسالة اجتماعية كانت أو سياسية، يصطدم دائمًا بشحّ فرص العمل لديه في مثل مجتمعاتنا الخاضعة كما يعلم الجميع، فلم يعد خفيا على أحد كيف تسير الأمور في الكواليس، حيث يقبع الكثير من المبدعين حاليا في دهاليز التهميش، كل ذلك سعيًا من المسؤولين عن هذا القطاع وعن البلد عمومًا لتكميم الأفواه في بلد يقال عنه بأنه “ديمقراطي”.

للأسف، نحن نعايش واقعًا مريرًا يُجبر الفنان على العيش أخرس وأبكم عما يجري من حوله، رغم أن رسالة الفنان الأولى هي ترجمة مآسي الشعب والمواطن والحديث على لسانه لتصل همومه إلى المسؤول، لكن ما يحدث في اعتقادي، إرادة سياسية محضة هدفها تحطيم الثقافة الحقيقية في الجزائر.

الشروق: شاركت بالعديد من الأعمال الدرامية أبرزها كان عنتر نسيب شداد ومؤخرا مسلسل البوهالي، برأيك، ماذا ینقص الدراما الجزائریة لتنافس نظیرتھا العربیة؟

ـ الحمد الله، استطعنا بفضل أعمال جزائرية كثيرة، أن ننافس الدراما العربیة خلال شھر رمضان الفارط، حیث لاحظنا أن ھناك متابعة كبیرة للأعمال الجزائریة، مقارنة بالسنوات الماضیة، نحن لا نزال في بدایة الطریق، وإن شاء الله نرى أعمالا أخرى محترفة في المستقبل القریب.

الشروق: برأيك، كيف ھي حال الكومیدیا وھل یوجد فرق بین كومیدیا أمس والیوم خاصة؟

ـ نعم ھناك فرق واضح، كومیدیا الیوم تفتقر إلى الروح، ویغلب علیھا التكلف، فالكثیر من الممثلین الیوم تجدھم متصنعین في أدوارھم الكومیدیة، لكن دون أن أعمم، فھناك ممثلون ممتازون لھم القدرة على إضحاك المشاھد بتلقائیتھم. الكومیدیا في الماضي كانت تلقائیة وعفویة وھذا أھم سبب لنجاحھا، زمان كنا على طبیعتنا، فكان المشاھد یتذوق ما نقدمه من أعمال كومیدیة لا تزال محفورة في الذاكرة إلى یومنا ھذا، وكثیرا ما یستوقفني المواطنون في الشارع، للحدیث عن بعض أدواري في الأعمال التي قدمتھا في السابق.

الوسط الفني یحتاج إلى أكسیجین نقي ولتطویر أنفسنا وفننا علینا التخلي عن شعارات السبعینيات

الشروق: أصبح حضورك في الأعمال الفنیة خلال السنوات الأخیرة محتشما، بدليل السنة الفارطة، قدمت عملا واحدا وهو “البوهالي”، ھل ھذا بسبب قلة العروض أم إنك تنتقي أعمالك بعنایة كبیرة؟

ـ أنا لا أتلقى الكثیر من العروض من طرف المنتجین، لأسباب غیر معروفة، وھي حال الكثیر من الأصدقاء بالمجال الفني، غیر أنني أحرص كثیرا على انتقاء أدوار مناسبة تلیق بشخصیتي وبمشواري المحترم، فأنا أرفض الظھور من أجل الظھور وتسجیل الحضور، خاصة عندما يكون العمل ضعيفا.

الشروق: برأيك، ھل غیاب الاستثمار في صناعة الفن یقف وراء ضعفه؟

ـ لیس وحده، وإنما یرجع أیضا إلى ضعف السیناریو وغیاب رؤیة إخراجیة لدى المخرجین، بالإضافة إلى الصراعات الموجودة بین الممثلین في ذاتھم، إلى جانب اقتحام من ھب ودب لھذا المجال، وتھمیش الممثلین ذوي الكفاءة، فطاقم العمل ككل یعاني من اختلالات، والوسط الفني یحتاج إلى أكسجین نقي، ولتطویر أنفسنا وفننا، علینا التخلي عن شعارات السبعینيات ومواكبة التطورات الحاصلة في المیدان.. ولإعطاء دفع أكثر للفن، یجب الاستثمار فیه، وإیلاؤه أھمیة كبیرة، باعتباره قطاعا منتجا یساھم بشكل كبیر في النھوض بالاقتصاد الوطني في ظل الوضع الراھن، وكذا إعطاء فرصة للشباب في مجال الإخراج، بدل أن یبقى حكرا على أشخاص بعینھم.

الشروق: ھل أنت مع فكرة الاعتماد على المشاھیر والمؤثرین على مواقع التواصل الإجتماعي؟

ـ إنھا ظاھرة غیر صحیة، أثرت سلبا على واقع الفن في الجزائر، فأصبح الاعتماد على ھؤلاء المؤثرین بشكل واسع، على حساب المواھب الحقیقیة بھدف تحقیق الربح، لكن المؤسف، أن بعض ھؤلاء لا یستمرون، لأنھم دون محتوى، وسرعان ما یزول نجاحھم.

الشروق: شاكر بولمدايس ممثل مسرحي بامتياز بشهادة كبار المخرجين بالجزائر.. برأيك، ما دور المسرح في حياة الشعوب؟

ــ المسرح عامة هو القادر على رصد الحياة في ضوء المعرفة والمستجدات، وهو أكثر الفنون التصاقاً بالجماهير، والمتلقي يكون أكثر تواصلاً وحميمية. كما أن المسرح هو فن جماعي تآلفت وتضافرت فيه كل الجهود، مثل المؤلف والمخرج والممثلين والديكور والموسيقى والإضاءة والمكياج والألبسة.. كل هذه العناصر مجتمعة، خلقت جوا مسرحيا نعيش معه بأحاسيسنا ووجداننا، ليعكس لنا فنا وفكراً تتآلف معه الروح والعقل. وكما أن الموسيقى هي فن تآلف الأصوات، فإن المسرح هو فن تآلف الأرواح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!