الرأي

“رشقة” بأموال سوناطراك

لا أفهم إلى حد الآن، كيف تسمح الدولة، لشركة سوناطراك “الحالب” الرسمي لبترول البلاد، بأن توزع “حليبها” على بعض من يلعب الكرة من دون حسيب ولا رقيب، حتى وإن تحوّلت هذه الأموال الطائلة التي من المفترض، أنها هي قوتُ الجزائريين، إلى “رشقة” في حفلة ماجنة في ملهى يهيم فيه زائروه بين الخمر والراقصات، ويتقاذف “الرشقة” لاعبون، من المفترض أنهم يقذفون الكرة في شباك منافسيهم من القارة السمراء، وليس على رأس “وردة” وأخواتها في الملاهي؟

نعلم جميعا أن فريق مولودية العاصمة الذي يكنّ له الجزائريون الكثير من الحبّ والاحترام، قد خرج بطريقة فيها الكثير من الرداءة من المنافسة القارية عندما واجه فريقا مغربيا، فلعب من أجل أن لا يخسر وليس من أجل أن يربح، ونعلم جميعا أن سوناطراك هي من أكبر الشركات في القارة السمراء، وأن فريق المولودية هو الأكثر شعبية أيضا على الأقل في بلاد المغرب العربي، ومع ذلك يعجز هذا النادي الذي تتهاطل عليه أموال البترول من سوناطراك عن تقديم لاعب واحد بإمكانه أن يزيِّن تشكيلة الفريق الوطني، وأكثر من ذلك يجد هؤلاء الرابحون ماديا في زمن الفقر وكورونا، الجرأة على أن يكسروا البروتوكولات الصحية التي تمنع العرس الشرعي بين العائلة الواحدة، ويرقصون في ملهى ويبعثرون المال بالملايين على رأس الراقصات.

سوناطراك هي شركة وطنية وهبها الله من رزقه أموالا طائلة من العملة الصعبة، ومساعدتها للرياضة ولبعض الأندية الجزائرية من صميم وظيفتها، وكما هو مطلوبٌ منها أن تبحث في الفيافي والبحار عن مزيدٍ من الحقول وتطور صناعتها، مطلوب منها أيضاً أن تساعد الرياضة الجزائرية ببناء هياكل دائمة يستفيد منها جيل البترول وما بعد البترول من مسابح وقاعات وحتى مركَّبات رياضية ضخمة، وليس أن تقدِّم المال لفاقدي البصيرة من رؤساء أندية ومدرِّبين ولاعبين اكتشفنا بأن بعضهم يصرفه في الملاهي، وما خفي أعظم بالتأكيد.

لقد طرح كثيرون أسئلة منطقية بقيت من دون إجابة عن اختيار سوناطراك لبعض الفرق من دون أخرى، لتساعدها بأموال طائلة تجعل إدارةَ هذه الأندية أشبه بالمصارف البنكية التي تدخلها الأموال فتوزعها كما تشاء من دون أن تبذل أي جهد في التكوين أو رفع المستوى العامّ للعبة، ودخلت الجزائر عهدا جديدا وبقي الحال على ما هو عليه من غموض، وبقيت تلك الأسئلة تحلق من دون إجابة، ولكن أن يتداول الناس وعلى نطاق واسع فيديوهات للاعبين أساسيين في فريق شعبي يحتفل بمئويته ويشتق اسمه من مولد خير الأنام ويزدحم تاريخُه بالشهداء، من الذين يتقاضى كل واحد منهم مرتبا لا يتقاضاه فريق قسم جراحة بكل أفراده في أهمّ مستشفيات البلاد، وهم يرقصون في ملهى ليلي ويرمون بالأموال على أجساد الراقصات، فإن الأمر لا يمكن السكوت عنه ويجب أن لا يتوقف العقاب على شباب طائش أعطوه المال من الريع، فتلف عقله كما تاه من سيّروا هذا الأمر غير السويّ.

مقالات ذات صلة