-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رفقا بعقول أبنائنا!

رفقا بعقول أبنائنا!

تعيشُ العائلات الجزائرية هذه الأيام على الأعصاب بسبب الامتحانات الرّسمية التي حولت يوميات التّلاميذ وأوليائهم إلى جحيم لا يطاق، جرّاء كثافة الدّروس المحشوة بكمٍّ كبيرٍ من المفاهيم والأرقام والتعاريف والتّواريخ وغيرها من المعلومات التي يتعيّن على التلميذ حفظها عن ظهر قلب دون أن تكون لها فائدة تذكر.
ورغم النداءات التي أطلقها المختصون بضرورة إعادة النّظر في البرامج التربوية، والتخلي عن الأساليب البالية في التدريس من خلال الاعتماد على الحفظ وتكديس المعلومات في ذهن التلميذ الصغير، دون أن يكون قادرا على فهمها، وإقحامه في مواضيع بعيدة عنه تعود إلى تاريخ الدولة البيزنطية وما قبلها، وإلزامه بحفظ عدد كبير من التّواريخ وأسماء الشّخصيات التّاريخية والأماكن والمدن وغيرها.
وربما هناك من يجادل بأنّ البرامج المعمول بها حاليا لا تركّز كثيرا على الحفظ، بل إنّها تعتمد ما يُسمى بـ”المقاربة بالكفاءات” من خلال إقحام التلاميذ في عدد من الأنشطة المدرسية غير التقليدية كإنجاز المشاريع والمشاركة في الأعمال البيداغوجية خارج القسم، إلّا أن الواقع غير ذلك تماما.
ولعل ذلك يعود إلى نقص التّكوين للطواقم البيداغوجية، وكذلك إلى نوعية الموارد البشرية التي يتم الاستعانة بها وهم من خرّيجي الجامعات في كل التخصّصات من الذين لم يتلقّوا تكوينا بيداغوجيا يسمح لهم بمزاولة مهنة التّدريس، فضلا عن تراجع المستوى العام لمنتوج الجامعة الجزائرية التي أصبحت توصف بتخريج طلبة شبه أميين.
ومع الإجراءات التي بدأ العمل بها منذ انتشار جائحة كورونا، والتي قلّصت الحجم الساعي بالنسبة للتلاميذ إلى النصف، ازداد الوضع سوءا، وأصبح الأستاذ يسابق الزمن من أجل إتمام البرنامج الدراسي، وغالبا ما يطلب من التّلاميذ أعمالا منزلية تتجاوز الواجبات المكمِّلة للدرس الحضوري، بل إن الكثير من الأساتذة يشجّعون التلاميذ على الالتحاق بالدروس الخصوصية لاستدراك النّقص المسجل.
آن الأوان لوضح حد لهذا الوضع الخطير، وعلى وزارة التّربية أن تسارع إلى مراجعة المقررات وتخفيفها والاستماع إلى نصائح المختصين الذين يقولون إن الكثير من المواد ليست ضرورية في السنوات الأولى من التعليم، وأن الأولى هو تعليم التلميذ القراءة والكتابة بدل إرهاقه ببرامج كثيفة ودروس في التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية وغيرها، وتصوروا درسا في السّنة الرابعة ابتدائي عنوانه “مبدأ الأواني المستطرقة” ماذا يمكن أن يفيد التلميذ، إلا تشويش ذهنه بمعلومات غريبة لا يفهمها الأستاذ فما بالك بالتلميذ؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مجنون

    غياب التلميذ يحتاج تبرير غياب الحبيب يحتاج الى استئناف الحكم غياب الحب بشكل يحتاج الى قبر عميق يفر اليه السقيم المحب