جواهر
عالجت الصحابي الجليل سعد بن معاذ:

رفيدة الأسلمية أول ممرضة في الإسلام

جواهر الشروق
  • 29416
  • 1
ح.م

عرف العهد النبوي نبوغ نماذج نسائية سامقة الهمة، حيث تبوأت المرأة في تلك المرحلة، مكانة مرموقة بفضل إسهاماتها الكبيرة في بناء الحضارة الإسلامية في مراحلها الأولى، فنصرت الرسالة وساهمت في نشرها، تاركة لها ذخرا مشرفا من أعظم المواقف وأزكى المنافع، تسير على دربها الأجيال وتقتبس منها شعلة من نور الإخلاص والتضحية في سبيل النهوض بأمتها، ورحلتنا اليوم سفر على بساط الشوق إلى رحاب الصحابية الجليلة رفيدة بنت سعد الأسلمية رضي الله عنها.

قيل هي امرأة من قبيلة أسلم وقيل من الأنصار، وهي أول ممرضة في الإسلام ، كانت تقوم بمداوة المرضى، وتتكفل بجرحى المسلمين في الغزوات، وكانت رضي الله عنها قارئة كاتبة ملمة بالكثير من الصنائع، وصاحبة ثروة معتبرة، واشتهرت بمهارتها في الطب والعلاج حتى ذاع صيتها، وتطاير ذكرها بين جميع الناس من داخل وخارج قبيلتها. 

بايعت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وشاركت في غزوتي الخندق وخيبر، وكان يطلق عليها اسم الفدائية، لأنها كانت تنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها فوق ظهور الجمال، وتدخل أرض المعركة لتتكفل بمداواة الجرحى، وتضميد جراحهم بمساعدة غيرها من الصحابيات رضي الله عنهن، فاعتبرت خيمتها أول مستشفى ميداني متنقل في التاريخ، وحسب ما تواتر أنه أقيم لها خيمة خاصة وبارزة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كمستشفى لعلاج المرضى والمصابين بجروح، وكوّنت فريقا من الممرضات و قسمتهن إلى مجموعات لرعاية المرضى ليلا ونهارا، ولم يكن عمل رفيدة مقتصرا على الحروب فقط، بل عملت أيضا في وقت السّلم تعاون وتواسي كل محتاج.

ومن أعظم ما سجل لها التاريخ من مواقف، هو نجاحها في علاج الصحابي الجليل سعد بن معاذ يوم الخندق، حيث روي عن عائشة رضي الله عنها ” أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق بسهم أطلقه أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم‏، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم رفيدة أن تقيم خيمة في المسجد ليعوده من قريب ”

كما جاء في كتاب “الإصابة في تمييز الصحابة” للعلامة ابن حجر العسقلاني أن رفيدة الأسلمية عندما رأت انغراس السهم في صدر سعد، تصرفت بحكمة ووعي فأسرعت بإيقاف النزيف، ولكنها أبقت السهم في صدره لأنها كانت تعلم أنها إذا سحبته أو أخرجته سيحدث نزيفا لا يتوقف.

وكانت لرفيدة الأسلمية مكانة خاصة عند الرسول صلى الله عليه وسلم فهي الكريمة المقدرة، التي سخت بجهدها ومالها في سبيل، وكتب لها صفحة ناصعة على جبين التاريخ.

مقالات ذات صلة