-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الباحث صالح صالحي يكشف في حوار لـ"الشروق" عن مشروعه

رقمنة نشر الأبحاث ستحميها من السرقة والنهب العلمي

إلهام بوثلجي
  • 27
  • 0
رقمنة نشر الأبحاث ستحميها من السرقة والنهب العلمي
أرشيف
الباحث صالح صالحي

تماشيا والتوجه نحو رقمنة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، قدم الدكتور صالح صالحي، مدير مخبر الشراكة والاستثمار بجامعة سطيف 1 مشروعا متكاملا لرقمنة نشر الرسائل والأطروحات من شأنه أن يحفظ أعمال الباحثين من السرقة، وفي هذا الحوار الذي خص به “الشروق” يشرح لنا أهمية المشروع.
قدمتم مشروعا لرقمنة الرسائل والأطروحات والمكتبات الجزائرية، في حين أنه خلال السنوات الأخيرة تمت رقمنة الرسائل والأطروحات في صيغة “بيدياف”، وهي متاحة للتصفح الرقمي عبر المنصات الرسمية للجامعات والمكتبات التابعة لها، فما الإضافة التي سيقدمها مشروعكم؟
تتفاضل الدول والمؤسسات الجامعية بمستوى مساهمتها في المنشورات العلمية، من خلال ارتفاع مؤشر النشر العلمي، واكتمال مراحل الرقمنة من الحفظ والتخزين والفهرسة، إلي عمليات الطباعة الإلكترونية والنشر والتسويق وحماية حقوق الملكية في الداخل والخارج، وبالتالي فإن رقمنة عملية نشر الرسائل والأطروحات والدارسات في إطار منصة جزائرية للمنشورات العلمية الجامعية، هو اقتراح لتثمين الجهود الحالية والبناء عليها للانتقال من الوضع الذي يُتاح فيه تحميل تلك المخرجات مجانا في الداخل والخارج على مواقع المؤسسات الجامعية بصيغتها الإلكترونية.

هل تقصد بأن الصيغة الحالية لرقمنة الرسائل الجامعية لا تحافظ على الملكية الفكرية للباحثين الجزائريين؟
للأسف.. أكبر مشكلة تواجه المخرجات الأكاديمية لمؤسسات التعليم العالي هي مشكلة تهريب الثروة العلمية والمعرفية وغياب سياسة لحماية الإنتاج العلمي الوطني فتحرم جامعاتنا من عملية التصنيف، إذ أن وضع الرسائل العلمية في صيغة “بيدياف” وإتاحتها للتحميل منذ أزيد من 20 سنة أدى إلى تهريب آلاف الرسائل والأطروحات لصالح الدول الناشرة، الأمر الذي يؤدي إلي تزايد حالات انتهاك وقرصنة حقوق الملكية الفكرية، وتحويلها لدول وجامعات أجنبية، خاصة في حالات إخفاء الهوية الأكاديمية للباحثين ومؤلفاتهم من قبل مؤسسات النشر الأجنبية، وعمليات السرقة المركبة الدائرية بين المؤسسات الجامعية، وانتحال الصفة وغيرها، والانتقال إلى مرحلة جديدة اقتصادية أكثر تطورا من خلال الحماية الذكية الرقمية المستدامة في الداخل والخارج للإنتاج العلمي لمؤسسات التعليم العالي ومخابر البحث ومراكز الدراسات.

برأيكم ألم تفكر الوزارة في مثل هذا المشروع لاسيما أنها صممت عدة منصات رقمية لفائدة القطاع في إطار مشروع العصرنة، وأيضا قرار صفر ورق، إذ لا توجد الآن الصيغة الورقية للدكتوراه، حيث إن مشروع الرقمنة الذي تقوم به الوزارة مس جميع النواحي البيداغوجية والخدماتية في القطاع؟ وكيف تقيم الجهود المبذولة للرقمنة؟
لقد بُذلت جهود معتبرة من قبل العديد من الهيئات، ومنها تلك التي تمت في إطار المركز الوطني في الإعلام العلمي والتقني، وما يرتبط به ويكمل كالنظام الوطني للتوثيق عن بعد، والبوابة الوطنية للإشعار عن الأطروحات بدءا من مرحلة اقتراح الموضوعات وامتلاكها من قبل الباحثين إلى مرحلة المصادقة عليها، وصولا إلى مرحلة وضع النسخة الإلكترونية، وإنشاء الملف المركزي لتخزين الأطروحات وقاعدة البيانات (القرار رقم 153 المؤرخ في 14 ماي 2012) وغيرها، وتكفي الإشارة إلي أن عدد المواضيع المقترحة المشعرة خلال الفترة من سنة 2000 إلى سنة 2023 قد تجاوز 90000 موضوع، ومعظمها تحولت إلي أطروحات، وإذا أضفنا لها الفترة قبل سنة 2000، فهي أكثر من 100000 أطروحة ورسالة، نسبة هامة منها تستحق النشر الرقمي، وبعضها كنوز مدفونة وأصحابها في عداد المغمورين، وهو رقم يجعل الجزائر في مقدمة الدول الإفريقية.

هل ترى أن كل هذه الآليات غير كافية؟
نعم، لأن محدودية آليات الهيئات الحالية لاستكمال بعض المراحل، ومنها المركز الوطني في الإعلام العلمي والتقني وغيره، والذي لا يعد مسؤولا عن المواضيع المقترحة، ولا عن الأطروحات الإلكترونية المودعة، باعتبارها مسؤولية المؤسسات الجامعية، تقتضي الانتقال إلى مرحلة اقتصادية جديدة من الحماية الذكية للمخرجات العلمية والشروع في الطباعة الرقمية والنشر والتوزيع الإلكترونيين لأهم الرسائل والأطروحات، لترقية المكانة التصنيفية الوطنية.

وفقا لما قدمته من شروحات، ما هي أهداف مشروع رقمنة الرسائل والأطروحات، والفائدة التي ستعود على القطاع منه؟
إن تجسيد هذا المشروع الوطني الهام في إطار المنصة الجزائرية للمنشورات العلمية الجامعية يسعى لتحقيق عدة أهداف منها حماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بمخرجات مؤسسات التعليم العالي في الداخل والخارج، وحماية الإنتاج العلمي من مخاطر العمليات المنظمة للقرصنة الرقمية، وللسرقات الذكية باستخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى حماية حقوق الباحثين من السرقة العلمية وانتحال صفة المؤلفين في الداخل والخارج، مع تقييم جهود الباحثين وتثمينها وترقيتها وتحفيزهم، والاستفادة من تحاليلها التشخيصية للمشكلات القطاعية بمقترحاتها وتوصياتها، فضلا عن المساهمة في النشر الرقمي الدولي والتوزيع الإلكتروني، وترقية المكانة التصنيفية للدولة ومؤسساتها الجامعية ووحداتها التعليمية.

في ملف مشروعكم تحدثتم عن ضياع الملايير من الأموال التي كانت تصرف وتذهب في مهب الريح دون تحقيق الهدف المنشود، كيف ذلك؟
لو تمت الموافقة على المشروع سنتمكن من تحقيق أهم هدف ألا وهو وقف ظاهرة تهريب المخرجات العلمية وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، بالإضافة للتخلص من تكاليف تضخيم فواتير وإراداتها، وتخفيض مخصصات التوثيق والتكاليف ذات الصلة بها، وهذا دون أن تتحمل الوزارة أي تكاليف إضافية على موازنة الدولة إذ نهدف إلى نشر 50 ألف كتاب إلكتروني برقم إيداع قانوني، وترقيم دولي موحد للكتب في المدى المتوسط، كما أصبو إلى إصدار مشروع قانون للنشر الرقمي والحماية الذكية ومحاربة السرقة والتهريب وتضخيم الفواتير.

كيف يمكن تجنب تضخيم الفواتير وإهدار المال العام؟ وما هي آليات حماية ونشر الإنتاج الوطني العلمي من رسائل وأبحاث؟
إن الحد من السرقات العلمية ووقف نزيف برمجيات الذكاء الاصطناعي، والحد من تضخيم فواتير الواردات من الكتب التي هي بالأصل ملكية فكرية للجامعات الجزائرية، وتضخيم فواتير مشتريات المؤسسات الجامعية ووحداتها التعليمية في مجال التوثيق، يتطلب إطلاق أكبر عملية للرقمنة والطباعة الإلكترونية والنشر العلمي وللرسائل والأطروحات والمذكرات والدراسات الهامة، دون تحميل الهيئات الوصية أي تكاليف إضافية على موازنة الدولة، حيث يصبح لكل الأطروحات المختارة رقم إيداع قانوني وطني عادي وإلكتروني، وترقيم دولي عادي وإلكتروني موحد للكتب، وهذه إحدى العمليات المعتمدة دوليا في تصنيف مساهمة الدول ومؤسساتها في النشر العلمي.

ما هي خطوات تجسيد مشروع رقمنة الرسائل والأطروحات والدراسات؟
يمكن تجسيد هذا المقترح من خلال المشاركة بين وزارة التعليم العالي ووزارة الرقمنة، ومؤسسة الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية، ومؤسسات النشر الخاصة، والمؤسسات الناشئة والمؤسسات الجامعية ووحداتها التي تتخصص في النشر الرقمي من خلال مراحل عدة، بداية بالطباعة الإلكترونية المتخصصة، حسب ميادان التكوين، بعد التأكد من سلامتها من الغش بالبرامج الخاصة بنسب الاقتباس المقبولة، ويتجسد ذلك من خلال رقم إيداع قانوني إلكتروني، وترقيم دولي إلكتروني موحد للكتب لكل الأطروحات والرسائل المختارة، ثم مرحلة وضع ملخصات وافية بثلاث لغات على المنصة لكل الأطروحات والرسائل، والدراسات المنشورة، لتأتي مرحلة النشر والتوزيع الإلكترونين وما يرتبط بهما من اشتراكات ومبيعات إلكترونية وورقية على المستوى الوطني والدولي، ثم مرحلة الحماية القانونية والرقابة المتخصصة لمؤسسات النشر، وما يتعلق بها في معارض المنشورات المتعددة، للقضاء على ظاهرة استيراد الإنتاج العلمي المهرب للأطروحات والرسائل، إلا في إطار الاتفاقيات الثنائية المحققة للمصلحة الوطنية، وأخيرا مرحلة الطباعة التوثيقية العادية للأطروحات والرسائل الهامة في جميع التخصصات بإعداد محدودة لصالح المكتبات الجامعية، وتحفيز الأساتذة والباحثين على المستوى المادي والمعنوي وعلى مستوى الترقية، للقضاء على عمليات الاستغلال التي يعني منها المؤلف الجزائري، والإجحاف الذي تمارسه دور النشر الأجنبية بما فيها من إخفاء الهوية الأكاديمية والوطنية، وفرض الأسماء الثلاثية، لتسهيل عملية تسويقها في بلدانها وتصديرها للدول التي هُربت منها.

بعد اكتمال هذه المراحل هل يمكن أن نقول بأن الرقمنة بهذا الشكل ستقدم إضافة للقطاع؟
أكيد، لأن الرقمنة وفقا للمراحل السالفة الذكر وبعد اتباع جميع الخطوات ستقدم حماية شاملة توثيقية ورقمية داخل الجزائر وخارجها للأطروحات والرسائل والمذكرات والدراسات المخبرية، والحماية العادية التوثيقية من جميع أشكال التهريب والسرقة والانتحال، والحماية الرقمية الذكية لمواجهة مخاطر الاستخدام السلبي لتقنيات الذكاء الاصطناعي للاستحواذ على الموارد العلمية والمعرفية غير المسجلة لمؤسسات التعليم العالي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!