-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رمضان من دون مساحيق!

سلطان بركاني
  • 1889
  • 0
رمضان من دون مساحيق!

نشرت جريدة الشروق اليومية، قبل سنوات، خبرا طريفا مفاده أنّ موظّفة في إحدى الإدارات الجزائرية، واجهت موقفا صعبا في أوّل أيام رمضان، عندما رفض عون الحراسة السّماح لها بالدّخول، وطلب منها إظهار بطاقتها المهنية، مع أنّها اعتادت الدّخول قبل ذلك يوميا من دون أن يطلب منها ذلك، والسّبب أنّ الحارس لم يتعرّف على الموظّفة بعد أن تخلّت عن وضع المساحيق في أوّل أيام رمضان! ولا شكّ في أنّها فعلت ذلك لاعتقادها أنّ أصباغ الوجه تفسد الصيام.

 هذا الذي فعلته هذه المسلمة، تفعله كثير من المسلمات في رمضان، فتجد بعض النّساء اللاتي لا يفارقهنّ “الماكياج” طول العام، ولا تستطيع الواحدة منهنّ أن تتخلّى عنه كلّما أرادت الخروج من بيتها، تتغيّر قناعاتهنّ فجأة مع بداية رمضان، فيتخلّين عن هذه العادة، ليس لأنّهنّ يتبن إلى الله من التزيّن خارج البيت، وإنّما لظنّهنّ أنّ “الماكياج” من المفطرات التي تفسد الصّيام، وهذا اعتقاد خاطئ، لأنّ هذه الأصباغ والمساحيق التي لا تصل إلى الحلق، ليست من المفطرات، وإنّما هي من الممنوعات التي ينبغي للمسلمة اجتنابها في سائر الأشهر وسائر الأيام، إذا أرادت الخروج من بيتها، والمرأة المسلمة تتزيّن لزوجها، ويجوز لها أن تخرج في زينتها أمام محارمها فقط.

الحقّ يقال إنّ هذا السّلوك هو واحد من سلوكات رمضانية كثيرة يظهر فيها اهتمام كثير من المسلمين بصورة الصيام وغفلتهم عن حقيقته؛ يهتمّون بما يبطل الصيام من المآكل والمشارب، ولا يهتمّون بما يقطع ثوابه ويفسد ثمرته من المعاصي والمخالفات.

فتجد تحرّزا مشكورا عند الصّائمين ممّا يدخل الجوف مهما كان صغيرا، بل إنّ من الصّائمين من يصل إلى المبالغة والتضييق على النّفس في مباحات الصيام، فتجد بينهم من لا يقتنع بأنّ قطرات العين والأذن لا تفطر، وربّما يرفض مداواة عينه في نهار رمضان حتّى لا يفسد صومه، وتجد من يتملّكه الوسواس من بلع ريقه! والغريب أنّك تجد بين هؤلاء من يظلّ مصرا على أكل الحرام في عمله وتجارته في رمضان كما كان قبل رمضان، ومن هو مصرّ على أخذ حقّ أخواته من الميراث، ومن هو سادر في حيازة الأملاك العامّة والاستئثار بها!

النّفس من طبعها أنّها أمّارة بالسّوء إلا ما رحم ربّي؛ تحاول شغل صاحبها عن ترك الحرام بجوانب أخرى يظنّ أنّ اهتمامه بها يغنيه عن الاهتمام بالأصل والأساس، فتجد المدخّن مثلا يجادل كثيرا في تأثير التّدخين على الوضوء، ويتعجّب عندما تقول له إنّ تعاطي السّجائر وإن كان يفسد رائحة الفم ويمنع المصلّي من صلاة الجماعة إلا أنّه لا ينقض الوضوء، وفي المقابل لا يقبل أن تنقل له إجماع العلماء على حرمة تعاطي السّجائر، ويتهرّب من نقاش المسألة ويجد لنفسه المبرّرات والأعذار!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!