رمضان 2024 سيكون استثنائيا..

تشير كل المعطيات المتوفرة في الأسواق أن رمضان 2024 سيكون استثنائيا، فالموادّ الأساسية متوفرة والأسعار مستقرة، والمتعاملين الاقتصاديين انخرطوا بقوة في إنجاح الأسواق التضامنية، ويبقى ترشيد الاستهلاك من طرف المواطنين، وانخراط التجار في حملة تخفيض الأسعار، السبيل الأمثل لتحقيق اللحمة المجتمعية في الشهر الرحمة والغفران.

استنفار في وزارات التجارة والفلاحة والصيد البحري
لقاءات مراطونية وإجراءات استباقية لضبط الأسواق
سعت الحكومة، لتدارك جميع الاختلالات قبيل شهر رمضان، وعلى جميع المستويات، فجنّدت جميع الفاعلين من وزارات التجارة والفلاحة والصيد البحري، وبمرافقة اتحاد التجار والحرفيين وجمعيات حماية المستهلك، لجعل رمضان 2024 استثنائيا، وهو ما سجّلناه أياما قبل حلول الشهر الفضيل.
وفي هذا السياق، انطلقت وزارة التجارة في التحضير لاستقبال رمضان منذ أكثر من 6 أشهر، في سابقة هي الأولى من نوعها، وبتعليمات من رئيس الجمهورية، عن طريق عقد لقاءات تشاورية تشاركية ودوريّة مع ممثلي التجار وجمعيات حماية المستهلك، والسماع لمقترحاتهم ومناقشتها، ما سمح بالإطلاع عن قرب على مختلف الاختلالات والسهر على حلّها عبر سياسة “اللقاءات التشاورية والتنسيقية” التي يعتمد عليها وزير التجارة الطيب زيتوني منذ تعيينه على رأس القطاع.

اللحوم الحمراء في متناول المواطنين
الانطلاقة كانت بشعبتي اللحوم الحمراء والبيضاء، حيث تم الترخيص باستيراد أمهات الدواجن والبيض المخصب من الخارج، لسد النقص الحاصل في الإنتاج المحلي بسبب عوامل مختلفة، أما بالنسبة للحوم الحمراء، فأعطت السلطة تعليمة لاستيراد 11 ألف طن لحوم طازجة استعدادا لرمضان، حيث كشف الأمين العام لإتحاد التجار والحرفيين، عصام بدريسي في تصريح لـ”ّالشروق”، عن منح 59 رخصة لاستيراد اللّحوم الطّازجة، تم استيراد 25 ألف طن في انتظار وصول الرقم إلى 80 الف طن قبل دخول شهر رمضان.
وتوقع محدثنا، انخفاض أسعار اللحوم الحمراء الطازجة خلال رمضان إلى أقل من 1200 دج للكلغ، بينما لن يتعدى سعر اللحوم الحمراء بالعظام المستوردة من أوروبا 1350 دج خلال رمضان، وتوعد وزير التجارة الطيب زيتوني، الجزارين المتلاعبين بأسعار اللحوم المُستوردة، بعقوبات ردعية صارمة.

لا نُدرة في السّكر والزيت والسميد والحليب في رمضان
وللمرة الأولى، يتم توفير جميع المنتجات الغذائية واسعة الاستهلاك قبل رمضان ودعوة المصانع لزيادة انتاجها، من زيت وسُكّر وحليب، إضافة إلى مادة السميد والتي كانت ستعرف نقصا حادا أياما قبل رمضان بسبب كثرة الشراء من طرف صانعي الحلويات الرمضانية، ما جعل وزارة التجارة تستبق الأمر، وتطالب المطاحن بزيادة الإنتاج بـ60 بالمائة في اجتماع ضمّ التجار وأصحاب المطاحن ومُختلف الفاعلين في 14 ديسمبر 2023.
وجميع هذه المنتجات باتت متواجدة وبكثرة على رفوف المحلات وبأسعارها المقننة، وبدون مضاربة فيها، بسبب نجاعة قانون مكافحة المضاربة والغش، والذي ساهم في “أخلقة” القطاع التجاري.

ضبط الأسعار.. وويلٌ للمضاربين
وتم توفير جميع أنواع البقوليات والتي كانت تشهد ندرة وغلاء خلال الأشهر المنصرمة، وبأسعار مناسبة للقدرة الشرائية للمواطن، مع إشهار أسعارها للرأي العام، تجنبا للمضاربة والاحتكار فيها من قبل بعض التجار.
وفي خطوة ايجابية، أقدمت وزارة الفلاحة على نشر أسعار جميع أنواع الخضر والفواكه واللحوم والبيض، لدى تجار الجملة والتجزئة، عبر نشرة يومية موجهة للمواطنين، للوقوف على الأسعار الحقيقية.
وجميع هذه الإجراءات تكون مراقبة من طرف خلايا محلية تم انشاؤها بتعليمة من الإتحاد العام للتجار والحرفيين، مُكوّنة من الأمين الولائي لاتحاد التجار وممثلين عن فدراليات الخضر والفواكه، الخبز، موزعي الحليب، المواد الغذائية بالجملة، والمراقبون يقومون بالتبليغ عن المضاربين والمخالفين مع المساهمة في حملات تحسيسية بين التجار.

541 سوق جواري.. والمُنتجون حاضرون
ومن جهة أخرى، ستفتح 541 سوقا تضامنية جوارية أبوابها أمام المواطنين، عبر جميع دوائر الوطن، والتي سيعرض فيها تجار الجملة والتجزئة منتجاتهم مباشرة للمستهلك، وهو ما سيعطي منافسة تساهم في خفض الأسعار أكثر. مع امكانية فتح أسواق جوارية بالأحياء السكنية الجديدة، استجابة لمطالب رفعها اتحاد التجار وجمعيات حماية المستهلك لوزارتي السكن والتجارة.

” الصّولد” بدون رخصة مسبقة..
وستعرف الأسعار بالأسواق الجوارية انخفاضا ملحوظا بسبب مشاركة المتعاملين الاقتصاديين في عملية البيع الترويجي، كما سينخرط التجار في عملية البيع بالتخفيض “الصولد” بدون الحصول على رخصة مسبقة من وزارة التجارة كما هي العادة، وهو ما يساهم في تراجع أسعار الملابس والأحذية والأواني والأجهزة الكهرومنزلية خلال رمضان.
أما تجار الجملة للخضر والفواكه، فسيواصلون نشاطهم بكل أريحية خلال رمضان، بعد إقرار فتح مطاعم إفطار يومية لهم على مستوى أسواق الجملة عبر الوطن، يشارك في تمويلها التجار أنفسهم، وبتعاون مع الهلال الأحمر الجزائري والكشافة الإسلامية.

” أخلقة” قطاع التجارة والإدارة
ويرى، الأمين العام للتجار والحرفيين، عصام بدريسي، بأن المؤشرات الملاحظة “تجعلنا نتفاءل بأن رمضان سيكون مميزا، من ناحية استقرار الأسعار ووفرة المنتجات الرئيسية، ووفرة المحاصيل الفلاحية، والتي ستتراجع أسعارها أكثر في رمضان”.
وقال لـ”الشروق” بأنّ الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها السلطة استعدادا لرمضان، ستُساهم في “أخلقة العمل التجاري والإداري، وتعزيز القدرة الشرائية للمواطن، والرهان أن تستمر هذه الإجراءات طيلة السنة ولا تبقى حصرا على رمضان فقط”.

المنتجات الرئيسية متوفرة لتموين السّوق بأريحية
وطمأن الإتحاد العام للتجار والحرفيين، المستهلكين بأن الأسعار في رمضان ستتناسب والقدرة الشرائية، وأكد للتجار والحرفيين والمتعاملين الاقتصاديين أن كل المواد الواسعة الاستهلاك متوفرة وبكميات كافية لتموين السوق بكل أريحية.
وثمّن عبر بيان تحوز “الشروق” نسخة منه، ما اعتبره “استراتيجية الحكومة في معالجة اختلالات السوق، والقضاء التدريجي على تذبذب توزيع المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك بمختلف أنحاء الوطن”، ومُشيدا بما وصفه نجاعة المقاربة التّشاركيّة والإجراءات الاستباقية التي قامت بها وزارة التجارة وترقية الصادرات، بالتعاون مع وزارتي الفلاحة والتنمية الريفية ووزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، وبالتنسيق مع كل الشركاء والمتدخلين، لضمان الوفرة والتموين المنتظم للسّوق بكل المواد الغذائية والفلاحيّة الأساسية وحُسن توزيعها، والتي تشهد إقبالا ملحوظا ويتزايد عليها الطلب خلال شهر رمضان الفضيل.
وقال بيان اتحاد التجار، بأن “القرارات القوية والشجاعة لرئيس الجمهورية، هدفها الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين”.

ترشيد الاستهلاك ومحاربة التبذير والابتعاد عن اللهفة
وفي سياق ذي صلة، دعا الإتحاد العام للتجار والحرفيين، كافة التجار والحرفيين والمتعاملين الاقتصاديين والحرفيين تحت لوائه، إلى التحلي بالوعي والضمير المهني والأخلاق الحميدة والتراحم مع إخوانهم، بتخفيض الأسعار في هذا الشهر المبارك من باب المواطنة والتكافل الاجتماعي والتضامن الوطني بين أفراد المجتمع الواحد. كما دعا المستهلكين إلى التخلي عن السلوكيات المُشينة بترشيد الاستهلاك والابتعاد عن اللهفة والطوابير والتبذير، لأن جميع هذه الإجراءات لن تأتي بثمارها الميدانية، حسب محدثنا، اذا لم تتضافر جهود المواطنين والتجار معا، فدعاهم بدريسي إلى تغليب الضمير المهني والأخلاقي في شهر الرحمة، وأن يكونوا قدوة لغيرهم في التضامن مع إخوانهم المواطنين.
وشدّد الإتحاد من جهة أخرى، على دعوة المتعاملين الاقتصاديين وتجار الجملة والتجزئة والحرفيين “للمشاركة بقوة والانخراط في الأسواق الجوارية التضامنية الرمضانية وإنجاحها، تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية في الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، وتثمينا لمساعي وزارة التجارة وترقية الصادرات، ومساهمة في تعزيز القدرة الشرائية للمواطن.

رحبت بإجراءات ضبط الأسواق.. منظمات المستهلكين:
سنرافق جهود الدّولة في التوعية والرقابة
رحّبت منظمات حماية المُستهلك، بما وصفته “إجراءات استباقية” من السلطة، في استقبال شهر رمضان المعظم في أحسن الظروف المتاحة، وأكدت بأنها سترافق مساعي الدولة طيلة الشهر الكريم، عن طريق عملية التّحسيس الجواري للتّجار والمُستهلكين على حدّ سواء.
وشاركت منظمات حماية المستهلك، في الاجتماعات التنسيقيّة التي عقدها وزير التجارة، الطيب زيتوني مع مختلف الفاعلين تحضيرا لشهر رمضان المعظم، بحيث قدّمت كل مُنظمة مُقترحاتها بشأن التحضير لاستقبال الشهر الكريم، وثمنت استماع الوزير إلى جميع المقترحات ومناقشتها.
وفي هذا الصّدد، رحب الناطق الرّسمي لمنظمة “حمايتك” لإرشاد المستهلك، لواسع سفيان، بما وصفه إجراءات “استباقية” اتخذتها السلطة ومن خلفها وزارة التجارة، تحضيرا لاستقبال شهر رمضان في أحسن الظروف، خاصة وأن رمضان لديه خصوصية من ناحية زيادة الطلب على المواد الاستهلاكية ذات الاستهلاك الواسع، من سكر وزيت وحليب وخضر وفواكه.
كما رحّبت “حمايتك” بما وصفته تعزيز استيراد اللحوم الحمراء من الخارج، بعد ما عرفت أسعار اللحوم المحلية ارتفاعا كبيرا.
ومن جهة أخرى، أكد لواسع في تصريح للشروق اليومي، تقديم منظمتهم مقترحا لوزير التجارة، متمثلا في فتح أسواق جوارية بالأحياء السكنية الجديدة من مختلف الصيغ “لغرض تقريبها من المستهلك، ولتخفيف الضغط على أسواق البلديات، خاصة في رمضان”.
وقال المتحدث “وزير التجارة استمع إلى الكل، ومن تعليماته التي رحّبنا بها ابقاء أسواق الجملة للخضر والفواكه مفتوحة طيلة أيام الأسبوع، أي بدوام يومي طيلة شهر رمضان”.
ومن جهته، أكد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك “أبوس” مصطفى زبدي، على أنهم ملتزمون بمراقبة وتحسيس التجار طيلة الشهر الكريم دعما لإجراءات وزارة التجارة، قائلا “نتمنى أن لا ينتهز بعض التجار فرصة رمضان لرفع أسعار بعض المنتجات الغذائية”.
وحسب المتحدث لـ”الشروق”، فالإجراءات الاستباقية مثل افتتاح الأسواق الجوارية أسبوعين قبل دخول شهر رمضان “هو في حدّ ذاته اجراء مطمئن للمستهلكين، كما أنه سيساهم في استقرار أسعار المنتجات الغذائية الأساسية”.

5 آلاف شاحنة خضر وفواكه تدخل يوميا سوق واد العثمانية
وفرة كبيرة للمنتجات الفلاحية
أكد رئيس المكتب الولائي لوكلاء تجار الجملة للخضر والفواكه لولاية ميلة، يعقوب بحاري، بأن الخضر والفواكه تعرف وفرة نوعية خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية، وحسبه جميع المنتجات متوفرة ولا تشهد أي ندرة، وهو ما جعل مثلا سوق الجملة بواد العثمانية والذي يعتبر من اكبر أسواق الجملة وطنيا، يستقبل يوميا 5 آلاف شاحنة خضر وفواكه، استعدادا لشهر رمضان، بكمية تتراوح بين 2500 إلى 3 آلاف طن من المنتجات الفلاحية، مع تهيئة جميع ظروف الاستقبال في أسواق الجملة.
وقال محدثنا، بأن أسعار الخضر والفواكه ستكون مستقرة في رمضان ومتوفرة بكميات معتبرة “في ظل استحداث نقاط بيع مباشرة من الفلاح إلى بائع التجزئة، وأيضا من الفلاح إلى المستهلك على مستوى الأسواق الجوارية التضامنية”.
وناشد المتحدث المواطنين، بتجنب اللهفة في الشراء لقطع الطريق على المضاربين في رفع الأسعار، وقال “وللمساهمة في استقرار السوق، نظمنا أياما تحسيسية لتوعية التجار بضرورة مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين” على حد قوله.
ويتوقع المتحدث انخفاضا محسوسا في أسعار الخضر والفواكه، مع دخول شهر رمضان الكريم.