-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عبد الله حمادي يعيد "التيفاشي" إلى سوق اهراس ويؤكد:

رموزنا تُسرق وتنسب إلى غيرنا ونحن نتفرج

زهية منصر
  • 1297
  • 0
رموزنا تُسرق وتنسب إلى غيرنا ونحن نتفرج
أرشيف
الدكتور عبد الله حمادي

نبه الدكتور عبد الله حمادي إلى خطورة السكوت عن سرقة رموزنا الثقافية، بطريقة ممنهجة، حيث توقف حمادي خلال محاضرة بعنوان “نظرية الموسيقى الأندلسية لدى التيفاشي السوق أهراسي” من خلال كتابه “متعة الأسماع في علم السماع”، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي المرافق للطبعة 11 من مهرجان المالوف، المنعقد بقسنطينة، حيث توقف حمادي عند الدراسات والأبحاث التي تنسب التيفاشي إلى قفصة بتونس، بينما هو من سوق أهراس من قرية تيفاش، التي كانت في عهد الرومان كقاعدة معروفة.
وقال حمادي خلال مداخلته، إن العديد من الرموز الجزائرية، تنسب لغيرنا مثل ابن رشيق التلمساني الذي أصبح قيرواني وكما يسعى البعض أيضا إلى نسبة القديس اغسطين إلى الجيران. وعاد الدكتور حمادي إلى مسار التيفاشي، أصيل سوق أهراس، الذي عاش في عهد الموحدين الذين حكموا الأندلس حتى لبيا، وعرف التيفاشي بولعه بالشعر والنشر، وتخصصه في صناعة الأحجار الكريمة، الأمر الذي قربه من الملوك والسلاطين.
كما عاد المحاضر إلى الدراسات التي تنسب التيفاشي إلى قصفة بتونس، ومنهم الإسباني قارسيا قومز، الذي أورث هذه المغالطة لطلابه، ومن كتب بعده عن التيفاشي من الباحثين المشارقة كنجوى عثمان.
وقاد عبد الله حمادي الحضور في رحلة تاريخية ثرية بالمعطيات في حياة التيفاشي، ودوره في التاريخ للنظرية الموسيقية الأندلسية، حيث تجول التيفاشي بين الجزائر ومصر ودمشق والأندلس، وترك العديد من الكتب في تخصصات عدة، منها الطب والفلك والموسيقي، تثبت علو كعبه في عصره. وقد ساعدته على ذلك عدة عوامل، منها العصر الذي عاش فيه، الذي كان يزخر بالتيارات الصوفية والعلمية والفلسفية، وعاصر عدة قامات في تلك العصور، على غرار ابن عربي، وشهد انتصارات معركة أراك وعصر انتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبين في معركة حطين.. فقد عاش التيفاشي عصر ازدهار الحضارة الإسلامية في أوج قوتها.
كما فند عبد الله حمادي، من خلال محاضرته، العديد من المغالطات، على غرار دور زرياب في إطلاق مدرسة موسيقية أندلسية. بينما مات زرياب في 327 سنة بعد التيفاشي. وهذه مدة كبيرة جدا تسمح بالوقوف على التطور الذي عرفته الموسيقي زمن الأندلس. فقد ترك التيفاشي، بحسب عبد الله حمادي، شهادة تاريخية تؤرخ لهذه الموسيقي، ثلاثة قرون بعد زرياب، وتصحح الكثير من المغالطات.
فالكتاب الذي توقف عنده المحاضر، قال إنه تضمن 47 بابا في الموسيقي، لا تزال في أغلبها معتمدة إلى اليوم مثل قوانين الألحان العربية وأوتار العود والهيئة التي يجب أن يكون عليها المغني لما يعتلي المنصة، والشروط التي يجب توفرها في المغني.
وكشف المحاضر أن التيفاشي وقف على ثلاث مراحل مرت بها الموسيقى في الأندلس، منها المرحلة الأولى التي كان فيها لكل فريق من العرب الفاتحين والمسيحيين واليهود طريقتهم في الغناء، محافظين فيها على الخصوصيات، ولم تكن لهم قواعد في تلك المرحلة، وكانت هذه هي المدرسة الأولى للغناء في الأندلس. ومرحلة ثانية، تميزت بوصول زرياب في القرن الثامن الهجري، حاملا تراث أستاذه إسحاق الموصلي. وقد تميزت هذه الفترة ببداية اختلاط الوافدين بأهل البلد الأصليين، حيث نشر زرياب ما جاء به من الشرق، وقد تبنى الناس هذه الطريقة، وتركوا ما دونها، فكانت بداية ميلاد المدرسة الثانية في الغناء الأندلسي. وتلتها المدرسة الثالثة، التي عرفت ميلاد الأزجال والموشحات، حيث قام الفيلسوف أبو بكر بن باجة السراقسطي، أستاذ ابن رشد وابن طفيل، الذي أخذ موسيقى المشرق ومزجها بالتراث المسيحي في الغناء، فخرجت منها المدرسة الثالثة الأندلسية في الغناء.
وقال حمادي إن الجزائر أول من عرف دخول هذه المدرسة، وكان من حظها، أنها استقبلت في القرن 11 الميلادي أولى الهجرات الأندلسية، بعد انتصار المرابطين في معركة الزلاقة، ولم تنتظر الجزائر سقوط الأندلس في القرن 15 لاستقبال الهجرات، فكانت هذه الموسيقى أول ما دخل إلى الجزائر مع إمارة بني حماد في بجاية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!