-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رمضان وتغيير الحياة

رواسب ما قبل التّوبة

سلطان بركاني
  • 703
  • 13
رواسب ما قبل التّوبة
ح.م

طالما ارتفعت أصوات الأئمّة والخطباء من فوق المنابر تنادي الشّباب، وتدعوهم ليتوبوا إلى الله العزيز الوهّاب، وطالما بحّت أصواتهم من النّداء والعتاب، لكنّهم ما وجدوا من أثر لتلك الدّعوات وتلك النّداءات إلا قليلا.. ولمّا أراد الله بمنّه وكرمه أن يهدي من شاء، كان ما كان، يوم حلّ رمضان ولاحت أنواره وفاحت نسماته فشرح الله بها صدور آلاف الشّباب الذين ملأوا بيوت الله وكلّهم يرجو رحمة الله ويتمنّى الثّبات على الطّاعة والاستقامة حتّى الممات.
لا شكّ في أنّه ما من عبد مؤمن صادق إلا وهو يتمنّى لنفسه الهداية والاستقامة والثبات، ويتمنّى من سويداء قلبه لهؤلاء الشّباب التّائبين أن يثبتوا على توبتهم في رمضان وبعد رمضان حتى يلقوا الله الواحد الديان، ولا يريد لهم أن يعودوا إلى ظلمات الحرمان بعد أن ذاقوا حلاوة الطّاعة والإيمان، ويعودوا إلى أسر الشّهوات بعد أن تحرّروا منها إلى رحاب الطّاعات، وإلى مجالسة الغافلين المعرضين بعدما صفّوا أقدامهم بين الرّاكعين والسّاجدين.
أخي الشابّ.. يا من تُبت في شهر التّوبة والغفران.. لا أظنّك قد تبت في رمضان وأنت تضمر العودة إلى المعاصي في شوّال، وإنّما هي فطرة الخير التي انتفضت في نفسك مع بداية رمضان لتعلنها عودة إلى الرّحيم الرّحمن، لتطلّق حياة الغفلة والحرمان، وتبدأ حياة الطاعة والإيمان.. هل تعلم أخي أنّ الله قد فرح بتوبتك؟ نعم، أنت باسمك ورسمك قد فرح الله بتوبتك، بل ربّما تكون ممّن يباهي بهم ملائكته.. أيّ حياة أرفع من هذه الحياة؟ أن يرضى الله عنك ويحبّك ويباهي بك ملائكته الكرام. إنّها الحياة التي لا تشترى بالأموال ولا تحصّل بالوساطات.
لقد تبت -أخي الشّابّ- ووجدت لتوبتك حلاوة وأنت الذي لا تزال مصرّا على بعض رواسب حياتك قبل رمضان.. هل تخيّلت كيف ستكون حياتك لو تخلّصت من تلك الرّواسب؟ لا شكّ في أنّك ستعيش جنّة الدّنيا. نعم جنّة الدّنيا، جنّة الرّضوان؛ يوم ترضى عن الله ويرضى عنك ويحبّك، فيحبّك أهل السّماء وأهل الأرض.. ستتساءل أخي: وما هذه الرّواسب التي تحول بيني وبين رضوان ربّي؟ ما هي هذه المخلّفات التي تحول بيني وبين جنّة الدّنيا والآخرة ؟ فأجيبك: تبت أخي من ترك الصّلاة ولكنّك لا تزال تنام عن صلاة الفجر.. ربّما لا تعلم أنّ تهاونك في هذه الصّلاة قد يكون سببا لترك الصّلاة بعد رمضان.. كم مرّة حاولت المحافظة على الصّلاة ثمّ تركتها ولم تبحث عن السّبب؟ إنّه النّوم عن صلاة الفجر.. ربّما تكون -أخي المؤمن- تُبت من إضاعة الصّلاة وصرت تصلّي الفجر في المسجد، لكنّك ربّما لا تزال لم تتب من معصية إطلاق العنان للنّظرات، في الشّوارع وأمام الشّاشات وفي بحار الأنترنت، لا تزل أسيرا للأهواء والنّزوات. إنّ ذنبا كهذا ربّما يكون سببا في إعراض الله وتخلّيه عنك، فما تلبث أن تعود في شوّال إلى ما كنتَ عليه قبل رمضان.. ربّما تبت –أخي-من ترك الصّلاة وتبت من النّظرات لكنّك ما تبت عن التّدخين؛ لا تزال تقول إنّه ذنب هيّن والله غفور رحيم.. اعلم أخي أنّه لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار. كنتَ تتعلّل بأنّك لا تستطيع ترك التّدخين قبل رمضان، فها أنت قد تركته في نهار رمضان، فما الذي يردّك عن تركه في ليل رمضان كما تركته في نهاره؟ تحتاج فقط إلى صدق وعزيمة ومعرفة بربّك الذي تعصيه.. ربّما تُبت –أخي الشابّ- من ترك الصّلاة ومن النّظرات ومن التّدخين ومن السّهرات، فهنيئا لك. لكن ما بال هذه السّلسلة التي تطوّق رقبتك؟ ما بال هذه الخواتيم التي تملأ يدك؟ أما تعلم أنّها من المحرّمات وأنّها ربّما تكون من أسباب انتكاستك ونكوصك وعودتك إلى ذنوبك ومعاصيك؟ أنت رجل ولا يحلّ لك أن تتزيّن بزينة المرأة، فأطلق أخي وثاقك وألق عنك هذه الرّواسب وهذه المظاهر التي لا تليق بك كرجل، كيف وأنت مسلم وتعلم أنّ دينك يحرّم هذا؟ إنّ التّنعّم والتّرفّل في الزّينة من خصائص النّساء ونحن نريدك رجلا كامل الرّجولة في مظهرك ومخبرك وفي كلامك وحركاتك.
وأنتِ أيتها المؤمنة.. ها قد تُبت في رمضان ووضعت الخمار على رأسك.. ها أنت تصلّين التّراويح في المسجد بلباس طويل ساتر.. لماذا لا تجعلين هذه المحطّة الرّمضانيّة منطلقا لك للتّحرّر من التّقليد؟ تقليد المتبرّجات والعابثات والتّعبّد للخرق والموديلات.. أنت مؤمنة ولك رسالة تؤدّينها في هذه الحياة، وأنتِ أكبر من أن تكوني أَمة متعبّدة للمظاهر الجوفاء.. ها أنتِ قد لبست الحجاب للمسجد والتّراويح، فهل نسيت أنّ الذي يراك في المسجد باللّيل، لا تخفين عليه وأنت تجوبين الشّوارع بالنّهار وتلبسين ما لا يرضاه لك ولا يليق بك كامرأة مسلمة عفيفة طاهرة؟.. اسألي نفسك أيّتها المؤمنة: كم حلقة من حلقات المسلسلات تابعت حتّى الآن؟ ماذا جنيت منها؟ ماذا استفدت من العكوف عليها؟ هل ستمضي حياتك حلقات وحلقات حتّى تنثني من ظهرك الفقرات فلا صدقة ولا صلاة ولا قيام ولا طاعات؟.
أخي المؤمن.. لا تزال أمامك أيّام من رمضان قد تجعل منك إنسانا آخر تجد بعدها طعم الحياة الحقيقيّة، يوم ترضى عن ربّك ويرضى عنك، وتصبح صاحب همّة عالية، وصاحب هدف وغاية في هذه الحياة.. تب أخي من كلّ ما تعلم أنّه ذنب ومعصية، وإن عدت إلى الذّنب فعد إلى التّوبة والاستغفار وإياك إياك والإصرار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • سامي كريمي

    يا سلطان برطانمي علي علماءئ الامة ان يتوب الي الله اولا وقبل الشعوب وقبل الشباب لانهم لا يخدمون دين الاسلام بل يخدمون امريكا وبني صهيون والسلاطين والامراء
    علماء العرب ودعاتهم لا وزن لهم عند امة المسلمين لانهم سكتوا عن غزة وفلسطين وبيع الاقصي الشريف والقدس المبارك من طرف ال سعود الوهابيون السلفيون كلاب امريكا والصهاينة
    السديس بارك قتل المسلمين باليمن وكذا فعل ال الشيخ والعريقثفي والقرني
    نحن نعيش في زمن النفاق والكذبيا سي بركاني
    علي علمائنا ان يتوبوا الي الله قبل فوات الاوان

  • جلال

    ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ ) هذه حقيقة الحياة وليس ذم لها كما فهمونا إياها إنها لا تساوي جناح بعوضة فلماذا خلقها الله أصلا . والحق أنه لا آخرة بدون دنيا ولا دنيا بدون آخرة وتلك المفاهيم المغلوطة عن الدنيا هى التي جعلتنا في مؤخرة الركب فلا نحن بدنيا ولا بآخرة .لقد غيبونا عن ساحة الفعل الإنساني عن طريق الإرهاب الفكري والمادي ومصادرة العقل وما يسمى بالصحوة ماهى الا غفلة ليس لها أثر في الفكر وتغيير المفاهيم وترك المفاهيم التي عاشت ضمن فترات زائلة

  • هوز

    في حالة القوة و التمكين يرهبون الناس و يخضعونهم لمشروعهم بالقوة ، لكن في حالة الضعف و الخنوع يدبجون نفس المقال الخالد الذي يدعون فيه الناس للعودة الى التدين و الانصراف عما يسمونه لهوا،و هم لن يكفوا عن هذا التسول ابدا لان دافعهم امراض سيكولوجية و ليس قناعات فكرية
    الحياة تؤديهم لذا يلجؤون الى مهدئ الدين و يدعون الاسوياء ان يلتحقوا بهم في مشافيهم

  • الحكيم

    الدين فطرة الناس الا انه يتوسل اليهم ان يتبعوه و يمضي وقته في معاتبتهم على التخلي عنه و يحذرهم مما يعتبره غير فطري فيهم، الدين هو زوجة الاب التي تقول للابناء اتركوا امهاتكم و سارعوا الي فانا امكم، اذا كان سبب التدين هو الانانية و الاستئثار و الحرص على المصلحة الدنيوية فانه من المنطقي ان يترك الناس الدين متى ما تحققت لهم تلك المصلحة، ليس منطقيا ان يداوم المرء اخذ الدواء بعد الشفاء
    الدين وسيلة من عدة وسائل يتوسل بها الانسان حين الضعف و لا يمكن ان يتذكرها حين القدرة، و الداعون اليه ضعفاء يقولون القادرين انتم منحرفون ضائعون عودوا الى تدينكم، هكدذا كانوا و هكذا سيبقون

  • الحكيم

    مند بداية الاسلام كان يقال ان المعاصرين أقل تدينا من السابقين، و هذا البيت لأبو ذر الغفاري يقول :
    ذهب الدين يعاش في اكنافهم
    و بقيت في خلف كجلد الاجرب
    فاذا كان المعاصرون للرسول يشكون من تدني مستوى التدين فمتى كان التدين صحيحا و قويا ؟
    نسبة ضعف التدين الى الاغراءات المادية و الشهوات خرافة ايضا لان آدم عصي ربه دون اغراءات و بفعل الوسوسة ، الغواية داخلية و لا تنبع من الخارج
    يصفون التدين القديم بالفطرة بينما الاسلام يقول ان الفطرة هي الاسلام فكيف تكون الديانات البدائية من الفطرة و تكون الديانات التوحيدية كاليهودية تحريفا للفطرة ؟

  • ابجد

    القران يقول" و يعبدونني خوفا و طمعا" يعني ان الشعور الديني هو هو و دوافعه لم تتغير، و الفرق بين الاديان القديمة و الاديان القائمة اليوم هو الدجل و تجارة الخشوع و الاحقاد و تغليف الصراع على الدنيا بالدين
    ليس هناك فرق بين المسلمين المعاصر ين و المسلمين من السلف فالانسان هو هو و الدين هو هو ، الانسان مذ كان اناني مادي يبحث عن مصلحته الدنيوية و لا يلجأ الى الدين الا لتحقيق تلك المصلحة و الدين مذ كان شعور بالضعف ممزوج بالخرافة و الوهم ، و الانسان المتدين اكثر البشر حرصا على المصلحة الدنيوية المادية و كلما حقق الانسان اشباعه المادي يبتعد عن الدين و لدلك لا يلجا الى الدين الا الاراذل

  • الحكيم

    لذا فان الناطقين باسم الدين جلهم يسيئون اليه و كلما قطع بعضهم في شوطا في الدعوة يخرج من يفسد له عمله، فان وجد من يقول للناس افرحوا فالدين لا يمنع الفرح يخرج غربان اخرون لهم نفس الحق في الحديث باسم الدين و يفندون قوله ،و لهذا يكون الدين مثل امراة ولدت ملايين المرضى ينشرون هلوساتهم باسمها او بيت بدون صاحب كل من دخله يدعي الاحقية في تسييره و يرفض مشورات الاخرين، لم يعد الدين نصا لنقبله او نرفضه بل اصبح اراء و مواقف شتى بلا حصر تناقض بعضها بعضا

  • الحكيم

    مشكل الدين انه لا يستطيع تحديد ممثليه و من يتكلمون باسمه او يدافعون عنه، بما انه فكرة و عقيدة فان ايا كان ينتدب نفسه للحديث عنه، و لا توجد اي جهة يمكنها ان تبيح لهذا او تمنعه ذاك لان لا احد منح حق تمثيل الدين، الدين اصبح كما يقول المصريون : وكالة من غير بواب، هو نفسه فتح الباب لكل من شاء ان ينطق باسمه اد دعا الى النهي عن المنكر و الامر بالمعروف و امر المسلمين جميعا بالتواصي بالخير و الحق دون تحديد معايير، حتى ظهور المؤسسات الدينية لم يستطع تحديد من له هدا الحق و كلما ظهرة مؤسسة انبرى لمهاجمتها من لا يشاطرها الرأي، و لذا فان الناطقين باسم الدين جلهم يسيئون اليه

  • الحكيم

    على الدين ان يفهم انه مستضعف قليل التأثير و يتوسل الى الناس بالدنيا و الفرح و الاعياد لكي يرضوا عنه، ان زوج الام العجوز الذي كان يدمي اجساد الاطفال اليتامى و يقمع رغباتهم صار كسيحا و هم شبوا و استقووا و اغتنوا و لم يعد امامه الا ان يعتذر و يطلب الصفح لكي يتركوا له ركنا و لقمة، ان الاارهاب الذي لجا اليه الدين هو حشرجة الاحتضار ، و لم يعد له الان الا التودد للدنيا لانه لعب كل اوراقه، فتاوى الانفتاح ليست منة من الدين بل هي السبيل الوحيد الذي بامكانه ان يعصمه من الانقراض

  • الحكيم

    على الدين ان يتمسح بالفرح و الاحتفال ان هو اراد ان يبقى على قيد الوجود ، الدنيا هي طوق نجاة الدين الذي يمنعه من الاندثار، لم يعد بامكان الدين ان يقمع فطرة الناس كما كان يفعل في ازمنة القحط المعيشي و القيض الحضاري، الان يجب عليه ان يفهم انه لم يعد قويا و يتودد للحياة ان هو اراد الاستمرار في الوجود، يجب عليه ان يرقع سواده بالوان الحياة الزاهية و يدخل رأسه في جلباب الفطرة البشرية لكي يحظى بشيئ من الاعتراف، يجب عليه ان يترك الناس يمارسون حياتهم لكي يعطفوا عليه ببعض اللحظات بعد ان ينفض سوق الدنيا البهيج

  • لا يهم

    يقررون و يقرون بأن البشر عبيد للدنيا ، لكنهم يستنتجون ان الاسلام هو فطرتهم، حاجز سيكولوجي يحول بينهم و بين الاستنتاج المنطقي و البديهي و هو ان فطرة الناس هي الاقبال على متع الدنيا، و هم في ما يقولونه يناقضون الدين نفسه ،اذ ان القران يصف الانسان عامة و ليس الكفار بانهم مفطورون على حب الشهوات :
    “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة”
    فكيف يكون من يحب الشهوات مفطورا على تجنبها ؟
    يقولون للناس ان ما عند الله افضل، و هم هنا ايضا يناقضون القرآن الذي يقر بأن الانسان لا ينتظر الآخرة كما يلي : ” قل تحبون العاجلة و تذرون الاخرة”

  • لا يهم

    حينما نرى عدم التطابق بين العبادة المثالىة و سلوك الناس لا نجد سوى سببين للمسألة :
    اما ان يكون الخلل في الدين و بالتالي يتوجب عليكم الكف عن لوم البشر
    و اما ان تكون العلة في البشر المفطورين على حب الإستمتاع و بالتالي نتسائل :
    كيف غفل الله عن طبيعة مخلوقاته و فرض عليهم دينا هم عاجزون عن تطبيقه كما ينبغي ؟
    ما الجدوى من فرض دين اذا كان الناس لن يستطيعوا مسايرته و لا يطيقونه ؟
    اين و متى وجد هذا المسلم الذي يطبق الدين كما ينبغي ؟
    اذا عجز المسلمون في خير القرون عن تطبيق للاسلام فكيف بمن هم أدنى منهم ؟
    ألم تحدث في خير القرون تناحرات و حروب أهلية دموية بين خيرة الصحابة و المبشرين بالجنة ؟

  • عمار

    من اهم عوامل الانحراف مصاحبة قرناء السوء
    ولكي تكون التوبة نصوحا يجب ان تكون بدايتها صحيحة
    وبداية التوبة من الانحراف لاتكون بالشروع في الصلاة وانما بترك اصدقاء السوء وتطليقهم بالثلاث والندم على صحبتهم والعزم على عدم الرجوع اليهم ومجالستهم لافي رمضان ولا بعده الا من تاب منهم واصلح
    ثم تاتي الصلاة وبقية الخيرات وذلك لان التخلية مقدمة على التحلية
    فاذا تخلص الشاب من اسباب الانحراف سهل عليه الانخراط في سبل الخيرات
    بالوفيق