الرأي

روح جديدة.. وأولويات قبل فوات الأوان!!!

محمد سليم قلالة
  • 736
  • 3
ح.م

أمام تحديات الداخل والخارج، بلادنا اليوم في حاجة بالفعل إلى روح جديدة، بديلة عن روح التحدي  والمواجهة، الفعل ورد الفعل، الطرح ونقيض الطرح… روح جديدة تتماشى والأسلوب الحضاري الذي اُعتمد لمواجهة الأزمة عن طريق الحوار. روح لا تقوم على مبدأ التصعيد مقابل التضييق، والرفض مقابل عدم الاستجابة، إنما على مبدأ التدرجية في استعادة الثقة عن طريق رفع شعار لنتفق حول الأولويات إذا لم نتفق حول الكليات والغايات الكبرى.

روح لا تقوم على مبدأ التنازل لبعضنا البعض عن بعض الأهداف (المبدأ الذي يرفضه البعض)، إنما على  مبدأ الارتقاء ببعضنا البعض نحو  الاتفاق على أولوية الأولويات لبلوغ مشترك وطني واحد يسعنا جميعا.

– هل أولوية الأولويات هو ملف المساجين المتهمين في قضايا الفساد حتى نبدأ في التفكير في كيفية  إجراء محاكمات تبث مباشرة عبر القنوات التلفزيونية؟

– أم هو ذهاب الحكومة الحالية وذهاب رئيس الدولة؟

– أم التحول نحو العصيان المدني مهما كانت نتائجه كما يدعو إليه البعض؟

– أم الإصرار على مبدأ تحقيق كل شيء أي التغيير الجذري للنظام أو لا شيء؟

– أم هي الدولة المدنية؟

– أم هو دور المؤسسة العسكرية؟

– أم هو فتح ملفات الفساد على المستوى المحلي ومتابعة صغار المفسدين مثل كبارهم؟

– أم هو فتح ورشة تعديل الدستور والقوانين؟

–  أم كل هذه الأهداف وغيرها مجتمعة فيما يُطلق عليه بتغيير النظام هي التي ينبغي أن تتحقق دفعة واحدة وإلا نكونوا قد حِدنا على الطريق؟

يبدو لي أننا اليوم في حاجة إلى النظر إلى أزمتنا، ليس فقط من منظور مواجهة السلطة السياسية القائمة، إنما من منظور علاقة هذه السلطة بالشعب وعلاقة ذلك بحالة الدولة ومدى قدرتها على مواجهة التحديات الخارجية الكثيرة التي تُواجهها…

ولعلي أكاد أجزم أن هناك تربصا خارجيا حقيقيا وشيكا بالجزائر، وإذا ما استمرت جبهتها الداخلية مُزعزعة ومُنقسمة لمدة أطول، بين اتجاهات سياسية عدة، وإذا ما لم نُشِيع روح التسامح بيننا بدل روح  التشفي وتصفية الحسابات، وإذا تجاوزنا حدود ما ينص عليه القانون في معاقبة المجرمين إرضاء الغريزة الانتقام، وإذا استمرينا في عدم الاكتراث بمصالح الدول الأجنبية ببلادنا ونحن على حال الضعف الاقتصادي والتبعية الغذائية التي نحن عليها، فإننا قد نضطر إلى الدخول في مرحلة اضطرابات لا يعلم مداها إلا الله.

لذا فإني أدعو مِن على هذا المنبر جميع فرقاء الساحة السياسية من شعب أو سلطة أو معارضة إلى الدخول في عقد اجتماعي يُتَّفَقُ بشأنه حول أولويات المرحلة (وليس أهداف المرحلة)، دون مزايدات من أي طرف في جو من التسامح والإخاء بين كافة الأطراف الذين هم جميعا في آخر المطاف جزائريون يسعون للارتقاء ببلدهم نحو هدف مشترك وطني واحد … وهي المنهجية الأفضل لاستعادة المبادرة في الحل، ومنع أن يأتي هذا الحل، إذا أتى، بعد فوات الأوان…

مقالات ذات صلة