الجزائر
بساتين قرى وبلديات دائرة إشمول بباتنة

ريادة في إنتاج التفاح ومعاناة من الجفاف والتلوث وغياب السدود

صالح سعودي
  • 3476
  • 9
ح.م

تعيش هذه الأيام، قرى وبلديات دائرة إشمول بباتنة على وقع موسم جني فاكهة التفاح التي تشتهر بها المنطقة، على غرار ما هو حاصل في مناطق إشمول وإينوغيسن وفم الطوب وغيرها من المناطق الرائدة في انتاج هذه الفاكهة، في صورة وادي الطاقة وثنية العابد، إضافة إلى المناطق الحدودية التابعة لولاةي خنشلة، وفي مقدمة ذلك بوحمامة ولمصارة ويابوس وغيرها.

تشير المعطيات الحالية، على السير الايجابي لعملية جني فاكهة التفاح في مختلف مناطق الأوراس، وهذا وفق ما وقفنا عليه في عديد المناطق التي تشتهر بها، على غرار إشمول وإينوغيسن ووادي الطاقة وفم الطوب وسيدي معنصر وبوحمامة ويابوس وغيرها من المناطق المشهورة بإنتاج التفاح على مستوى ولايتي باتنة وخنشلة. ويبدو أن الحديث في المناطق الجبلية والشرقية لعاصمة الأوراس لا يخرج عن نطاق تفاح روايال وهانا وقالا ووقولدن دلسيوز وستاركريمسون وغيرها من الأنواع التي باتت محل طلب التجار والزوار على حد سواء، حيث تعد مناطق إشمول وإينوغيسن وآريس وفم الطوب ووادي الطاقة، وصولا إلى مريال بنواحي سيدي معنصر وعيون العصافير بمثابة أقطاب لافتة للانتباه في إنتاج التفاح، وهذا دون نسيان منطقة حيدوسة والرحاوات المطلة على دائرة مروانة التي تحمل هي الأخرى نفس مواصفات المناطق الجبلية، وهو ما يشكل محفزا كبيرا للمصالح الفلاحية في مواصلة تشجيع الفلاحين والمستثمرين على حد سواء، ما يجعل الطموحات منصبة على توسيع المساحة المخصصة لهذه الشعبة وفقا للإمكانات المتاحة، وفي مقدمة ذلك ضرورة توفر الموارد المائية اللازمة، خاصة وأن مديرية الفلاحية لولاية باتنة قدرت عدد الفلاحين الناشطين في مجال زراعة التفاح بحوالي 1500 فلاح مختص في هذا الجانب، وهو رقم يصفه المتتبعون بالمهم.

إشمول بين الريادة في التفاح وكابوس التلوث وغياب الحواجز المائية

تعد بلدية إشمول بباتنة من المناطق الرائدة في إنتاج التفاح على مستوى منطقة الأوراس، وهذا بناء على البساتين التي تزين مختلف القرى التابعة لها، على غرار المدينة القديمة ولعناصر وملوجة وتاجرة وبويزدوضن ودشرة أولاد موسى وغيرها، إلا أن الإشكال القائم يكمن في ظاهرة الجفاف التي شكلت متاعب بالجملة على الفلاحين الذين يجمعون على حاجة المنطقة إلى تشييد سد أو مجموعة حواجز مائية للتقليل من أزمة الجفاف، خاصة في ظل الأعباء المالية التي تكلفها عملية انجاز الأحواض المائية التي أصبحت ليست في متناول الفلاحين البسطاء، يحدث هذا في الوقت الذي تعرف مياه الوادي الأبيض تلوثا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، ومنه تسقى بساتين بعض قرى إشمول، مثل حقول تاجرة والحمام ودشرة أولاد موسى والحجاج وغيرها، ما جعل البعض يؤكد على ضرورة تشييد محطة لتصفية المياه الملوثة على مستوى منطقتي إينوغيسن وإشمول. وبالحديث عن فاكهة التفاح التي تشتهر بها إشمول ومناطق مجاورة مثل إينوغيسن وفم الطوب ووادي الطاقة، فإن الإشكال القائم يكمن في غياب آليات التسويق والتخزين، خاصة في ظل غياب وحدات تحويل فاكهة التفاح، إلى جانب عدم وجود سوق خاص بهذه الفاكهة في المنطقة، علما أن بلدية إشمول تتوفر على مناطق إستراتيجية في إنتاج فاكهة التفاح، على غرار المدينة القديمة ولعناصر ودشرة أولاد موسى وتاجرة ومولجة وبويزدوضن وغيرها من المناطق التي تعد مقصد تجار الجملة وكذا المستثمرين الذين لم يتوانوا خلال السنوات الأخيرة في إقامة مستثمرات فلاحية مختصة أساسا في شعبة التفاح.

شير وتافرنت بإينوغيسن.. رهان على قطب فلاحي رغم تجاهل السلطات

من جانب آخر، وإذا كانت بساتين بلدية إينوغيسن تعيش هي الأخرى على وقع جني فاكهة التفاح التي تشتهر بها، فإن فلاحي المنطقة يراهنون خلال السنوات الأخيرة على جعل منطقتي شير وتافرنت قطبا فلاحيا في المستقبل القريب، خاصة في ظل موقعها الاستراتيجي المتواجد في المرتفعات، والكلام نفسه ينطبق على أماكن أخرى يسير فلاحوها على نفس الخطى، مثل غيل أوموسي وتاجرنيت وتاجرة وتيزقاغين ولمصارة أولاد سعدون والبقية، حيث أوضح البعض بأن فلاحي شير وتافرنت بذلوا جهودا كبيرة من أجل تحويل أراضي بور وغابات للأشجار البرية إلى بساتين تنتج أجود الخضر والفواكه، وفي مقدمة ذلك فاكهة التفاح، وهذا موازاة مع حفر عدد معتبر من الآبار الارتوازية، وتشييد الأحواض المائية، بالشراكة بين الفلاحين وفق إمكاناتهم الخاصة، بغية تفادي أي متاعب خلال مرحلة السقي التي تتزامن عادة مع فصلي الربيع والصيف. ويبقى الإشكال القائم حسب الفلاحين يكمن في غياب الدعم من طرف الدولة، خاصة في ظل المطالبة بالكهرباء الريفية التي تفتقد إليها المنطقة، وكذا حاجتها إلى شق المسالك والطرقات لتسهيل مهمة الفلاحين في عمليتي النقل والتنقل، في الوقت الذي يجمع الكثير بأن مستقبل بلدية إينوغيسن الاقتصادي يكمن في ضرورة إعطاء أهمية لمنطقتي شير وتافرنت، لمواصلة توسيع النشاط الفلاحي الذي شرع فيه الفلاحون بإمكاناتهم الخاصة، والتي تبشر حسبهم بآفاق واعدة، مطالبين الجهات الوصية بتشجيع جهود الفلاحين، وتخصيص أغلفة مالية وبرامج خاصة بالكهرباء الريفية والطرقات والمسالك الفلاحية والآبار الارتوازية والبناء الريفي، مع المتابعة التقنية الدورية والإرشاد الفلاحي.

التسويق والجفاف وغياب غرف التبريد أبرز متاعب منتجي التفاح

ولم يتوان سكان وفلاحي مختلف قرى وبلديات إشمول إلى مطالبة السلطات المحلية والولائية بتقديم يد العون، لإنقاذ بساتينهم من شبح الجفاف، خاصة في ظل الأعباء المالية التي تكبدوها جراء انجاز الأحواض المائية، وكذا الشبكات التي توضع لتفادي إصابة المحاصيل الفلاحية بحبات البرد نتيجة المطار الرعدية التي تعرفها المنطقة خلال حلول فصل الخريف، حيث يتزامن ذلك عادة مع فترة جني فاكهة التفاح. وفي هذا الجانب، قدمت جمعية الوئام الفلاحية الناشطة في قرية المدينة القديمة بإشمول جملة من المطالب اتجاه الجهات الوصية تصب في خانة الدعم الفلاحي في المناطق الجبلية، من خلال الدعوة إلى إنشاء وترميم المسالك الريفية، والتعويض للفلاحين الذين أنجزوا الأحواض المائية، إضافة إلى انجاز سواقي جديدة للبساتين الذين يشربون من عين العرش، وكذا إقامة دورات تحسيسية خاصة بفلاحي المناطق النائية، والحرص على توجيه الفلاحين للتكوين المهني من أجل التكوين والحصول على شهادات في اختصاصات متنوعة كتلقيم الأشجار المشتلة وتربية الأغنام والنحل  والأبقار وغيرها، كما طالب فلاحو المدينة القديمة بإشمول إلى ضرورة دعمهم في إنشاء مخازن التبريد الخاصة بفاكهة التفاح، مع توفير الأسمدة ومساعدة الجمعيات الفلاحية باللوازم الخاصة وإقامة دورات تكوينية في الخارج لاكتساب الخبرة، وهي نفس المطالب التي رفعها فلاحو إينوغيسن وفم الطوب وغيرها من المناطق المشهورة في إنتاج فاكهة التفاح.

وبعيدا عن المطالب والتحديات القائمة لترقية فاكهة التفاح من الناحية الكمية والنوعية، فإن الإشكال الذي يلاحق الفلاحين يكمن أساسا في قنوات التوزيع والتسويق، خاصة في ظل الإمكانات المحدودة للكثير من الفلاحين، ما يجعلهم أمام حتمية بيعه بأثمان بخسة للتجار الذين يخوضون غمار المضاربة في الأسواق على حساب الفلاحين الذين يعانون تبعات التكاليف الناجمة عن السقي والأدوية، ناهيك عن افتقادهم للإمكانات التي تسمح لهم بتشييد أماكن التخزين وغرف التبريد التي من شأنها أن تحافظ على صلاحية المنتوج أطول مدة ممكنة. وفي هذا السياق يأمل الكثير في انجاز سوق كبير بمنطقة الأوراس، يكون مجالا متاحا للفلاحين من أجل تسويق وبيع منتوجهم بعيدا عن الابتزاز والمضاربة.

مقالات ذات صلة