الرأي

“ريفكا”.. هابي بيرث داي تو يو!

جمال لعلامي
  • 2097
  • 6
ح.م

حكاية “ريفكا” الذي جمع 10 آلاف مدعو عن طريق “السنابشات” للاحتفال معه بعيد ميلاده في مقام الشهيد، استدعى التوقف بالتحليل والنقاش والتساؤل والاستغراب، ووضع النقاط على الحروف، ليس أمام هذا “الريفكا”، أو العشرة آلاف “مناصر” ممّن تجمعوا في رمشة عين، ولكن أمام هذه الظواهر الجديدة على المجتمع الجزائري، صنيعة التكنولوجيا!

ليس عيبا لو قلنا أن الانترنت هزمتنا في بيوتنا، مع أولادنا وزوجاتنا، هزمت السياسيين، والأحزاب والحكومة، والمعارضة والموالاة والصحافة والمساجد ودور العلم والمدارس والجامعات والجمعيات.. هزمتنا أخلاقيا واجتماعيا وماليا وثقافيا وإعلاميا، أفلا نعترف أخيرا وليس آخر؟

الأحزاب التي تهرول خلال 21 يوما في الحملات الانتخابية، بواسطة نشر وإطلاق مئات المترشحين، و”تحريش” آلاف الداعمين والمموّلين والمساندين والمنتفعين و”الغمّاسين”، هزمها الآن “الشاب” ريفكا، مثلما هزم الكثير من الأطراف بعيد ميلاده!

ليس عيبا لو اعترف السياسيون بسقطتهم أمام هذا الفايسبوك والتويتر وغيرها من الوسائط الاجتماعية، التي نجحت في ما فشلوا فيه، بشأن تجنيد الناس وإقناعهم وحتى إغماض أعينهم وقيادتهم إلى حيث أرادت!

ليس عيبا لو اعترف الصحفيون بأنهم لم يعودوا قادرين على منافسة هذه الوسائط، التي جعلت من كلّ الناس صحفيين ومصوّرين ومحللين ومعلقين وناقلين للخبر، بالصوت والصورة، وفي الوقت المناسب، ومن كلّ مكان، ودون زيادة ولا نقصان!

من الطبيعي أن “يموت” النشاط الحزبي والسياسي والوزاري، و”يموت” تأثير وسائل الإعلام التقليدية، من جرائد وإذاعات وحتى تلفزيونات، ومن الطبيعي كذلك أن “تموت” قدرة “كبار الدوار” على التأثير والتخدير والإقناع والتجنيد وإطفاء النيران، حينما يحين الجدّ!

علينا جميعا، أن لا نبحث عن طرق لوأد هذه الانترنت، التي قلبت المفاهيم والوقائع رأسا على عقب، وإنّما علينا كلّ في موقعه وتخصصه، أن نبحث عن الآليات المتاحة لتحقيق ما حققته الوسائل التكنولوجية الحديثة، وتوظيفها فيما ينفع ويخدم، ولا يضرّ أو يهدم!

لم يعد من السهل، أو الممكن، تغطية الشمس بالغربال، والتعتيم على الأحداث والحوادث والحقائق، مثلما لم يعد متاحا على السياسيين والمسؤولين والإعلاميين وحتى المواطنين العاديين، إخفاء أخطاء محتملة، أو تجاوزات أو انتهاكات أو فضائح أو جرائم، فعدسات الانترنت بالمرصاد!

حتى البيوت لم يعد لها أسرار، فكلّ التحركات والتصريحات تحت الأضواء، ولا حيلة لسترها أو التستّر عليها، ولذلك، لا يجب تتفيه ظاهرة “ريفكا”، بل من المفيد الاستفادة منها وفهم خرجات جيل جديد لم يعد يفهم لغة الأوّلين!

مقالات ذات صلة