-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ريم تاكوشت.. مشوار ممثلة من عالم موازٍ

فاروق كداش
  • 3386
  • 0
ريم تاكوشت.. مشوار ممثلة من عالم موازٍ

اسمها سريالي، وتننتابها نوبات سكيزوفرينيا الشخصيات.. فهي تارة حنان، وحبيبة، وسامية، وأخيرا، حورية، التي جمدت الزمن 30 يوما. امرأة جمعت كل التناقضات والعقد، وتكابر ولا تأبه.. شفافة وانفعالية ومتمردة، ومناضلة من أجل حقوق الممثلات والنساء عامة… هي ريم تاكوشت، المرأة والأم والزوجة والحبيبة.. هي كل نساء الجزائر مجتمعات.

ريم طاكوشت، أو حورية، ممثلة مخضرمة، عاشت كل الحقب السينمائية، والتقلبات الفنية. ولدت عام 1986، في العاصمة. تربت على الموسيقى الأندلسية، منذ الثامنة من عمرها. وتركت دراسة الحقوق، لتلتحق بالمعهد العالي للفنون الدرامية ببرج الكيفان.

فيلموغرافيا ريم تاكوشت طويلة جدا. فمن تربت على المسرح، لا ترهبها الكاميرات، ولا عنجهية المخرجين، ولا كيد الحاقدين. عناوين أفلامها تعكس فلسفتها في الحياة. فهي كالنخيل المجروحة، للمخرج التونسي، عبد اللطيف بن عمار، الذي شاركت فيه عام 2010، الذي تدور أحداثه في بنزرت، عام 1991، إبان الحرب العراقية. وجسدت فيه ريم دور امرأة جزائرية، هربت مع زوجها من العشرية السوداء، لتساند فتاة كلفت بكتابة سيرة ذاتية لكاتب مكتئب.

من أكثر الأعمال السينمائية التي رسخت ريم تاكوشت كممثلة مبدعة في أدوارها، التي لا تبحث عن الدور العادي، بل المركب بكل تفاصيله المشرقة والمظلمة، فيلم “مسخرة” عام 2007، وفيه تقمصت ريم دور حبيبة زوجة رجل يسعى لتزويج أخته، المصابة بمرض النوم المفاجئ ثم يدعي أنها ستتزوج من رجل ثري جدا.. وتتوالى الأحداث، لتنقلب إلى مسخرة أبطالها كل سكان القرية… دور ريم، كان قويا ومتمردا، فرشحها لنيل عدة جوائز، منها أحسن ممثلة في مهرجان قرطاج، وأفضل دور مساند في مصر.

مسخرة حصد العشرات من الجوائز المحلية والعالمية، منها جائزة أفضل فيلم في فرنسا، وجائزة الجمهور في بلجيكا، إلى جانب جائزة لجنة التحكيم، وجائزة لجنة التحكيم في تونس، كأول عرض طويل. وفي مصر، نال جائزة أفضل فيلم عربي.

في فيلم عطور الجزائر عام 2012، خاضت ريم تجربة سينمائية قوية، في دور سامية، الشخصية المعقدة جدا والموغلة في الماضي. فالواقع لم يرحمها، لأن والدها شهيد، والشهيد ميت، فهي إنسانة يتيمة، ويزيد يتمها عند الأشخاص الذين تبنوها، كما تشعر بقسوة اليتم في اليوم الذي يأخذونها فيه إلى زوجها، وتترك أولادها يتامى عندما تموت.

حنان امرأة

هي سيدة الأدوار التراجيدية بلا منازع. وقد سمحت لها أعمالها الدرامية في التلفزيون باكتساب قاعدة شعبية، قربتها من الجمهور، بعيدا عن دور السينما والمسرح.

بدأت ريم خطواتها الأولى في التلفزيون، مع مسلسل حنان امرأة، للمخرج مسعود العايب. واكتشف النقاد قوة هذه الممثلة في تجسيد الأدوار ببراعة، خاصة في السباقات الرمضانية. وصارت ريم اسما مطلوبا في أدوار محورية، وإن لم تكن مركبة في السيناريو. كانت ريم تصبغ عليها التفاصيل الملفتة.

مسلسلات عديدة، شهدت على قدرتها على الانتقال بين ثنايا الشخصية التي تتقمصها، على غرار “ظل الورود” و”أسرار الماضي”و “الوداع الأخير” ومسلسل “ليام”.. وآخرها، مسلسل الدامة، الذي أعاد اكتشاف ريم تاكوشت، بعيدا عن النخبة السينمائية والتلفزيونية. فالأعمال الشعبية عادة هي ما يعلق في الأذهان أكثر، وتحشد للفنان قاعدة شعبية، أو تعززها.

الركح… عشق ريم الأول

لا عجب في أن تكون بدايات خريجة معهد الفنون الدرامية في المسرح. فالركح ليس مساحة مغلقة لريم، بل فضاء فسيح، تتبلور فيه الأفكار، وتسرح كجزيئات في المدى البعيد. أول مسرحة لريم، كانت الجثة المطوقة، لكاتب ياسين، وتلتها أعمال كثيرة للكبار والصغار، وخاصة المونولوغ الذي برعت فيه أيما براعة، في تجارب استثنائية، مثل “زبيدة زف” و”أنوثة” و”سواد في الأمل”.. ويروي هذا المونولوغ حياة “الغالية”، التي تعيش لوحدها في الغابة، رفقة الذئاب، وتخرج من صندوقها العجيب تذكارات، تربطها بمحطات متفرقة من حياتها.

قدمت ريم في رحلة أدائها للعبة الدرامية، على مدار سنوات، ومضات حول الهوية، الذاكرة، الثقافة، المجاهدين، المرأة وقدرها، الشباب المثقف الذي يهرب ويفضل “الحرقة” والذهاب عبر طريق البحر، مفضلا المجازفة بحياته على البقاء في البلاد، وما قدمته على الركح، يعد صرخة حول ما يجري وما جرى وما هو المستقبل.

تقول ريم تاكوشت عن نضال المرأة في ولوج عالم التمثيل والسينما: “أنا أفتخر بأنني ممثلة جزائرية، ومن بين الناس الذين يؤمنون بالفن الجزائري. في السبعينيات، لم يكن للمرأة مشاركات كثيرة في السينما، ولم يكن لها حضور فني بارز في السينما، لكن الآن، المرأة غدا لها رأي ولها مشاركات كبيرة في السينما، وفي سائر الفنون، خاصة أن الفتاة أو المرأة الجزائرية ما عليها إلا أن تدرس وتحضر شهادة البكالوريا، لتدخل المعهد العالي للفنون الدرامية، وهذا، برضى الوالدين. في الماضي، كانت المرأة تواجه صعوبات، وربما كانت غير مقبولة في المجتمع كفنانة. لكن، الآن، الحمد لله، صورة الفنانة صقلت، والشعب الجزائري يقيّم الفنانة الجزائرية كفنانة، بحسب أعمالها المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، في الشارع أو في العمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!