-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

زبائن بلا بضاعة!

زبائن بلا بضاعة!

كلُّ التقارير اليومية الواردة من الولايات الساحلية، تحدَّثت عن أرقام مليونية غير مسبوقة، من المواطنين السياح، الذين اختاروا الاصطياف في الجزائر، وكل التقارير اليومية البرية والبحرية والجوية، أكدت بأن الجزائريين رفعوا أقدامهم بشكل واضح عن الوجهات السياحية الخارجية التي كانت دائما المبتغى، حتى لا نقول الحلم بالنسبة لكل جزائري مهما كان الرصيد الذي يمتلكه في الجيب أو في البنك، إلى هنا الأمر مثير للغبطة، ولا يمكن لأي بلد في العالم أن يطمع في أكثر من هذا، وهو ارتفاع الطلب على صناعة لا تتطلب أكثر من قارورة ماء ومظلة ولحظة أمان وابتسامة، أو كما يسمي بعض الاقتصاديين السياحة، بـ”الصناعة الناعمة” التي لا تحتاج إلى كثير من البذل المالي والمعنوي، ولا إلى حروب ولوبيهات وذكاء، لأجل صنع البضاعة في وجود زبون.. عفوا أكثر من خمسةٍ وأربعين مليون زبون جاهز للدفع.
قد تكون الجزائر هي البلد الوحيد في حوض البحر المتوسط التي لم تُشهر للسياحة على أرضها، بل إن وكالات السياحة الجزائرية التي تمنحها الدولة الاعتماد والمساعدة المالية والإدارية، نراها تُشهر لسفريات في كل بلاد العالم، ولا تكاد أي منها تذكر عنابة أو مستغانم أو شرشال، وهو البلد الوحيد الذي يتغزل بمناظره الطبيعية والتاريخية الأجانبُ أكثر من أهله، فصار لزاما الآن تفجير “الديكليك” لصناعة سياحية راقية، تساهم في رقي المواطن وترفعه من سياحة “السوسيال” التي أوصلتنا إلى مراحل، أن صارت بعض العائلات تفترش الأرصفة المقابلة للشواطئ لقضاء ليلتها، أو تبيت في مستودعات لمساكن على الساحل الجزائري، بعد أن تكون قد “تدبّرت” لباسها وطعامها.
في أوروبا كلما انطلق الموسمُ الاجتماعي، إلا وباشرت الأسر التحضير لفترة الراحة، من خلال تحديد المكان والزمان المقبل، وخاصة الاقتصاد المالي من خلال اقتطاع مبلغ مالي من كل مرتب، ومع مرور الأيام والأشهر، يتحول الفعل السياحي إلى ثقافة وحضارة قائمة بذاتها، وفي المقابل تكون الدولة وخاصة الخواص من أصحاب المنتجعات البحرية والغابية والأثرية، قد جهَّزوا كل المتطلبات لأجل راحة السائح، وفي عز الحرارة المميتة، تنبعث الحياة السياحية في حملة “فيدونج” حقيقي للتعب الذي رسم خرائطه على جسم كل مواطن ولبّه، وتجد الدولة لنفسها متنفسا اقتصاديا، يسد بعض العثرات أو حتى الزلازل الاقتصادية التي حدثت في فصول السنة الأخرى.
في تونس على سبيل المثال، ما إن يحلّ هلال الصيف، حتى تولي الحكومة أنظارها إلى المدن الساحلية بين طبرقة وسوسة وجربة ونابل والمنستير، لأجل اقتطاع أموال الضرائب والكراء، وغيرها من الثمار التي تجنيها من مدنها الساحلية الثرّية بسياحتها، بينما عندنا مازالت الولايات الساحلية بمجرد أن يحل فصل الصيف، حتى تمدّ يدها للدولة طالبة المساعدة المالية لإنجاح موسمها، وعندما تستقيم هذه المعادلة، فقد نطرق باب الصناعة السياحية لأننا نمتك الجغرافيا والتاريخ والسائح من الداخل ومن الخارج، ولا تنقصنا سوى البضاعة فقط!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!