الجزائر
أكثر من 400 مليون للكيلوغرام.. غير مكلّفة وتضمن العملة الصعبة

زراعة “الذهب الأحمر” تنعش قرى فقيرة ومنسية في أعماق الجزائر

صالح سعودي
  • 23066
  • 10
ح.م

تعرف عديد قرى باتنة والأوراس ومناطق أخرى من ولايات الوطن خطوات نوعية في زراعة الزعفران المعروف بلقب “الذهب الأحمر”، وهو الأمر الذي وقف عليه المتتبعون خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بفضل مبادرات عديد المستثمرين، وتحت إشراف ومتابعة وتأطير جمعية لحزامات الفلاحية بباتنة، ما جعل زراعة “الذهب الأحمر” تساهم في إنعاش قرى فقيرة ومنسية في أعماق الجزائر.

أنهى، مؤخرا، فلاحو عديد مناطق الأوراس وولايات أخرى عملية زراعة الزعفران، وهي فترة تتزامن مع نهاية شهر أوت إلى غاية النصف الأخير من شهر سبتمبر، حيث يؤكد بعض الناشطين على توسيع رقعة زراعتها، سواء في قرى الأوراس أو في مناطق أخرى من ولايات الوطن، وهو الأمر الذي وصفه الكثير بالمشجع، خاصة وأنها مربحة وغير مكلفة. وفي هذا المجال، لم يخف السيد سليمان قادري، رئيس جمعية لحزامات أولاد سعدون بباتنة، تفاؤله بمواصلة تفعيل وتوسيع زراعة الزعفران محليا ووطنيا، خاصة وأنها حسب قوله مربحة وغير مكلفة، والأكثر من هذا فهي تضمن مداخيل هامة بالعملة الصعبة، حيث يصل سعر الكيلوغرام في الأسواق العالمية من 600 إلى 800 مليون سنتيم، ما يتطلب حسب محدثنا تشجيع الشبان والمرأة الريفية على إنجاح وتوسيع دائرة زراعة “الذهب الأحمر”، خصوصا وأنه تم إدراج الزعفران كشعبة فلاحية من طرف الجهات الوصية.

انتشار واسع لزراعة الزعفران مهد لإدراجها كشعبة ولائي

تشير بعض الأرقام التي استقتها “الشروق” مؤخرا، بأن سعر الغرام الواحد من الزعفران في الجزائر يقدر بـ 4000 دينار، أي أن سعر الكيلو يصل في حدود 400 مليون سنتيم، في الوقت الذي عرفت أسعار البذور (البصيلات) انخفاضا نسبيا هذه السنة بين 11 ألف و14 ألف دينار للكيلوغرام الواحد، وحسب السيد سليمان قادري مسؤول جمعية لحزامات الفلاحية فإن زراعة الزعفران عرفت انتشارا مهما في مختلف مناطق الأوراس، معطيا عديد الأرقام التي تعكس ذلك، ففي ولاية باتنة تم زراعة نحو 60 ألف بصيلة في قرية أولاد سعدون ببلدية إينوغيسن، وفي قرية الشيحات بعين التوتة تم زراعة 240 ألف بصيلة، أما في نقاوس بلغت 25 ألف بصيلة، وسريانة نحو 80 ألف بصيلة، أما تازولت 5 آلاف بصلية، والمعذر 11 ألف بصيلة، وإشمول نحو 20 ألف بصيلة، وفم الطوب قرابة 9 آلاف بصيلة.

أما في ولاية بسكرة قد تم زرع 120 ألف بصيلة، مقابل 10 آلاف بصيلة في تبسة، و90 ألف بصيلة في سطيف، وفي أم البواقي تم زرع 15 ألف بصيلة، فيما عرفت سوق هراس زرع 200 ألف بصيلة، مقابل 190 ألف بصيلة في ولاية خنشلة. وقد وصف الناشطون في هذا المجال مثل هذه الأرقام بالمشجعة، خاصة وأن هذه الجهود كللت بإدراج الزعفران كشعبة فلاحية من طرف الوزارة المعنية.

هكذا تطوّرت زراعة الزعفران في الجزائر

وقد عرفت زراعة الزعفران بمنطقة باتنة والأوراس وولايات أخرى عدة تطورات وتحولات مهمة خلال عامين فقط، وفي هذا الجانب يؤكد رئيس جمعية لحزامات الفلاحية سليمان قادري لـ”الشروق” بأنه قبل عامين من الآن لم يكن لزراعة الزعفران أي أثر واضح، مضيفا بأن أول خطوة تمت هو تنظيم يوم دراسي الأول من نوعه حول زراعة الزعفران في منطقة الأوراس، وذلك يوم 27 مارس 2016، وفي منتصف أوت من العام ذاته تم تنظيم يوم تكويني، ثم الشروع لأول مرة في زراعة الزعفران بباتنة تحت إشراف جمعية لحزامات الفلاحية، وذلك في قرية أولاد سعدون بإينوغيسن، ثم في إشمول وسريانة وعين التوتة، وتوسعت إلى سطيف وأم البواقي. وقد وصف محدثنا الحصيلة المحققة في العام الأول بالمشجعة. وفي سنة 2017 نظمت جمعية لحزامات الفلاحية أياما تحسيسية تقنية في وادي الماء وعين التوتة وبومقر والشمرة وبسكرة بالتنسيق مع مختلف الجهات المختصة، كما عرفت زراعة الزعفران في نقاوس والمعذر وتازولت والشمرة ومروانة وزانة البيضاء وفم الطوب، كما مست العملية مناطق في ولايات خنشلة وبسكرة ووادي سوف وسطيف والبليدة وأم البواقي. أما في العام الجاري 2018، فنظمت الجمعية المذكورة يوما دراسيا في ولاية غرداية وصفه محدثنا بالناجح، بدليل وجود طلبات من عدة ولايات من أجل تعميم زراعة الزعفران .

زراعة مربحة وغير مكلفة

من جانب آخر، دعا رئيس جمعية لحزامات الفلاحية بباتنة سليمان قادري جميع الناشطين في الجانب الفلاحي، وخاصة للشباب والمرأة الريفية، داعيا إلى التوجه نحو زراعة الزعفران، لأنه حسب قوله مشروع مربح وزراعته سهلة، كما أن محصوله يساهم في جلب العملة الصعبة، مشيرا في هذا السياق بأن هناك قرى كانت فقيرة في دول مجاورة، ثم أصبحت غنية بفضل زراعة الزعفران. وإذا كان سليمان قادري قد اشتكى من غياب الدعم المادي من طرف المصالح الفلاحية ومحافظة الغابات والغرفة الفلاحية أثناء برمجة أنشطة في هذا الجانب، إلا أنه نوّه بالدعم المعنوي الذي لقيته جمعيته، مؤكدا بأن الغاية هو توسيع دائرة زراعة الزعفران حتى تنعكس بالإيجاب على مستقبل الفلاحة لخلق الثروة وتعزيز المدخول الوطني بشكل عام، بدليل أن زراعة 3 كيلوغرامات من بذور الزعفران التي تقدر بنحو 5 ملايين قد تنتج كمية معتبرة من شعيرات الزعفران التي تباع بأكثر من 4000 دينار للغرام، وكلما زادت الكمية المزروعة من البذور كلما زادت أرباح الفلاحين والمستثمرين من منتجات “الذهب الأحمر”.

نحو التصدير من بوابة الأوراس

وتراهن عدة جهات صناعية وفلاحية بباتنة ومناطق أخرى على تفعيل عملية التصدير من خلال عدة مواد ومنتوجات، وإذا كانت الخطوات الأولى لعملية التصدير خلال الموسم المنصرم قد كانت من بوابة مجمع سيرام ديكور الذي صدر مادة الخزف إلى دول عربية وإفريقية، فإن الكثير يتطلع إلى توسيع هذه العملية في الشق الصناعي وبقية القطاعات الإستراتيجية، خاصة في ظل تنوع الأنشطة المسجلة في الجانب الفلاحي، حيث نوّه الكثير بجهود الفلاحين في إنتاج محاصيل مهمة ونوعية من فاكهة التفاح على مستوى الجهة الشرقية لولاية باتنة، ما يرشحها للتصدير مستقبلا، وهذا موازاة مع الحرص على تغطية السوق الوطنية، كما ذهب البعض إلى التأكيد بأن زراعة الزعفران بمنطقة الأوراس تعد هي الآخرى نشاطا فلاحيا مربحا، خصوصا وأن الكيلوغرام الواحد من الذهب الأحمر تتراوح قيمته في الأسواق العالمية بين 400 و800 مليون سنتيم، ما جعل بعض الجمعيات الفلاحية تسعى إلى تحفيز الفلاحين والمستثمرين إلى خوض تجارب نوعية في هذا الجانب، وفي مقدمة ذلك جمعية لحزامات بقيادة رئيسها سليمان قادري الذي نظم ندوات ونشاطات ميدانية في بلديات باتنة ومناطق تابعة لولايات مجاورة مثل خنشلة وسطيف وبسكرة وغيرها.

مقالات ذات صلة