الجزائر
رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، عباسي مدني يخرج عن صمته:

زروال كان صادقًا في الحوار وبتشين سعى لإطفاء النار

الشروق أونلاين
  • 43407
  • 0
الارشيف

في ظل الجدل السياسي والإعلامي الذي صنعته شهادات الجنرال خالد نزار حول وقف المسار الانتخابي، إثر استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في 11/01/1992، وما أعقبها من تداعيات خطيرة، خرج رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة الشيخ عباسي مدني عن صمته، ليتحدث عن مسارات الحوار الوطني وقتها مع قيادة “الفيس”، في سجنها العسكري بالبليدة، حيث كشف لقناة المغاربية التي تبثّ من لندن، أن الجنرال ليامين زروال أبلغهم، بمجرد تولّيه وزارة الدفاع الوطني، بالرغبة في مقابلتهم، بغرض التشاور والتفاوض، لإيجاد مخرج للأزمة التي تعصف بالبلاد، بناء على تكليف من طرف المجلس الأعلى للأمن، وأوضح المتحدث أنه قد حصل الاتفاق على عدم غلق الباب في وجه أي محاولة للحوار، مؤكدين لزروال الترحيب بالمبادرة، قبل أن يلتقوا به مباشرة لأول مرة، في مكتب النائب العام للمحكمة العسكرية، رفقة اللواء دراجي، حيث حصل التعارف بين الرجلين.

وأضاف الشيخ عباسي مدني، أن اللقاء بوزير الدفاع الوطني، قد تميز بالصراحة الكاملة، وأكد أن زروال طلب منه فعلاً التنديد بما يجري من أحداث عنف، لكن عباسي ردّ عليه بالقول” نحن لا ندد، بل نفعل حينما نقتنع، فلنتعاون على إطفاء هذه الجمرة”، وكشف الرجل الأول في الحزب المحلّ، أنه قد عرض على زروال الإفراج عن شيوخ “الجبهة” لإيقاف الفتنة ثم العودة للسجن، لكن وفد السلطة (زروال ودراجي) رفض الفكرة، فتوقف الحوار مدة معينة.

 

رسالة عباسي مدني وراء استئناف الحوار مع زروال

وقال عباسي مدني، إنه هو من سعى لاستئناف الحوار المعلّق، وذلك حينما أبرق برسالة لرئيس الدولة ليامين زروال، عشية لقائه بالأحزاب المعتمدة، قصد بحث الأزمة، والوصول لحلّ مشترك، أثناءها، يكشف عباسي، “كتبت له رسالة، ليس فقط لأعبّر فيها عن الاستعداد لاستئناف الحوار، بل ذهبت أبعد من ذلك، إذ اقترحت أجدى الحلول لما عرفته المحنة من تعقيدات، قدمت من خلالها أرضية للحوار”، وبهذا الصدد، أوضح عباسي، أن الرئيس زروال تقبّلها، ووعد بنشرها، وتقديمها للأحزاب عند الاجتماع بها، “ففعل كل ذلك، حيث نُشرت على وسائل الإعلام الوطنية، ثم تناولتها المنابر الدولية”، مثلما يؤكد عباسي مدني، والذي قال إن هذا الموقف يحسب للرجل، “فقد جاءت الاستجابة منه تلقائية“.

وبناء على ذلك، استأنف الطرفان المفاوضات من جديد، وكان ممثل السلطة في الجولات اللاحقة هو ممثل الرئيس ومستشاره الأمني اللواء محمد بتشين، الذي أشرف على استكمال الحوار، وفي ذات السياق، كشف عباسي مدني “أنّ بتشين كان أول من سعى لتحقيق الاجتماع الأول بين قيادة الفيس وبين الرئيس الشاذلي يبن جديد“.

 

عباسي: نعم رفضت إدانة العنف مقابل حريتي!

وعاد الشيخ عباسي مدني لتوضيح موقفه من أحداث العنف التي عرفتها الجزائر، إثر إلغاء انتخابات 26/12/1991، حيث كشف أنه استقبل الضابط بوعزة، وهو في السجن ساعتها، والذي أبلغه أن السلطة تطلب منه أن يكتب رسالة، تُقدّم عبر التلفزيون، ينادي فيها بوقف العنف، وبعدها يخرج مباشرة من السجن، ويعلّق عباسي على هذه الواقعة بالقول “لقد رأيتها تلاعبا بالذمم، أن يصبح خروجي من السجن مشروطا بشرط لم أره مشروعا، لا دستوريا، ولا قانونيا، ولا أخلاقيا، لأن الحرية هي من حقوقي الطبيعية بدون شرط”، مضيفا في كلامه “كيف أقدم مصلحتي الشخصية على حساب الشعب، وأتصرف في أمر خطير، من ذاتيتي ومطمع تحريري، وأنا لم أعلم شيئا مما حدث”، ولهذا يقول عباسي” صرخت، وناديت على مدير السجن، قائلا له: من أعطاك حق الإذن لهذا الرجل حتى يدخل عندي، في وقت أنا محروم من أسرتي والإعلام والمحامين، لأكون على علم بما يجري من حولي”، فأخبره مدير السجن بأنّ الضابط بوعزة مبعوث من طرف وزير الدفاع حينها ليامين زروال، فردّ عليه عباسي مدني “لا يمكن أن أقبل من زروال، ولا أي كان، أن يقايضني في حريتي بمصلحة أمتي”، لكن عباسي يوضح فيما بعد، أنّ الرئيس زروال نفى له لاحقا أن يكون قد أرسل له هذا الرجل!.

ويرتقب أن يستكمل الشيخ عباسي مدني شهاداته بشأن الحوار مع السلطة في تلك الفترة الحرجة، ما قد يميط اللثام على كثير من الحقائق التي ما زالت في طيّ الغموض، بفعل شحّ المعلومات، أو الإدلاء بها من طرف واحد.

مقالات ذات صلة