-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

زواج من “دون متعة” بين إيران وتركيا

زواج من “دون متعة” بين إيران وتركيا

الدروس النظرية والتطبيقية، المتهاطلة على البلدان العربية، التي هبّت عليها عواصف الربيع الدامي، من كل مكان، مازالت من دون أدنى دراسة أو تحليل أو استخلاص للعِبر. فبينما بلغت العلاقة بين الكثير من البلدان العربية درجة القطيعة، بين متخندق مع الروس أو الأمريكان، ومتحزب مع الأتراك أو الفرس، يقدّم المشهد السياسي والديبلوماسي العالمي نموذجا من التآلف، أشبه بعزف على نفس الإيقاع من جوق واحد، من طرف كل البلدان، التي تصب الزيت على النار في مختلف البلدان العربية التي اندلعت فيها نيران الفتنة، وبات إخمادها مستحيلا.

وعندما تعلن أنقرة، بأن رجلها الأول، السيد طيب رجب أردوغان، سيطير في نهاية الشهر الحالي إلى طهران، لأجل تدعيم العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين اللذين يجمعهما الإسلام، نتساءل عن الفتاوى التي ظل يطلقها الداعون إلى “الجهاد” في سوريا بتكفير العلويين والشيعة واعتبار الأتراك “بقايا” سلف صالح ضمن حلف سني لم تعترف به تركيا أبدا، وبين مقاتلين قادمين من جنوب لبنان، مؤمنين بأن إيران هي الأمل الوحيد لفلسطين، واعتبروا الفرس ضمن حلف شيعي لم تعترف به إيران أبدا، ولا نفهم كيف تلتقي روسيا مع الولايات المتحدة في أكثر من عشرين اجتماعا منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، وستلتقي إيران وتركيا، وهما اللذان لم يفترقا أبدا، ويبقى الفرقاء في سوريا وفي مصر وفي البحرين، وفي غيرها من البلدان ينتحرون ويقدمون أنفسهم قرابين للدولة العبرية، التي كانت تحاربهم وتنتصر عليهم، وصارت الآن تنتصر عليهم من دون أن تحاربهم.

لقد حققت تركيا تقدما اقتصاديا منذ أن تفتّحت على دول الخليج العربي وشمال إفريقيا، فاقتطعت لنفسها قطعة من كعكة ليبيا، وحاولت في مصر وفي سوريا، من دون أن تضحّي بعلاقاتها مع روسيا أو إيران أو حتى مع الكيان الصهيوني لأجل عيون البلدان التي تسمي نفسها سنية والجماعات التي تزعم السلفية. وحققت إيران تقدما نوويا وديبلوماسيا، معتمدة على دعم العراق وسوريا وجنوب لبنان ورعب بعض الدول الخليجية، فاقتطعت لنفسها قطعة من كعكة العراق بالخصوص، وقد تأخذ من السلّة السورية كل الفاكهة، من دون أن تضحي بعلاقاتها مع تركيا وفرنسا لأجل عيون الدول والجماعات التي تسمّي نفسها بالشيعية، وقد تستعيد علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية قريبا. وفي كل الحالات تبقى المنطقة العربية من مشرقها إلى مغربها، في أحسن الأحوال، مجرد قطعة حلوى، يتقاتل من حولها الجياع والمتخمون والمخبولون أيضا من أبنائها، من دون أن يلتفتوا إلى ما يحيط بهم من تهافت للأمم على قصعتهم.

 

في 1948 حاربت عصابات الصهاينة، ثمانية جيوش عربية فغلبتهم، وأسست لدولتها العبرية. وفي 1956 استعانت بفرنسا وإنجلترا للاعتداء على مصر وتأديب البقية. وفي 1967 ساعدتها الولايات المتحدة لإدخال العرب في نكستهم الموجعة. وفي 1973 أوهمتهم بالنصر وجرّتهم إلى سلام كما أرادته. وها هي الآن تمزّق كل وثائق السلام، وتخبئ كل أسلحتها، لأنها صارت تنتصر من دون أن تحارب. درس فهمه الأتراك والإيرانيون وغيرهم، وقد ينتهي الدرس دون أن يفهمه الأغبياء..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!