الرأي

زيارة الشيخ الدكتور عمر عبد الكافي.. محــــــــاولة فهم وتفسيــر

حسن خليفة
  • 1882
  • 0

كثر المتسائلون في سياق هذه الزيارة التي جاء فيها الشيخ عمرعبد الكافي إلى بلدنا، وتنوّعت تساؤلاتهم وطروحاتهم، ومنها:

ـ هـل خَلتِ الجزائر مــن العلماء حتى “نستورد” لها علماء من خارجها ؟

ـ لماذا نُقبل على العالِم غير الجزائري ونُهمل العالم الجزائري؟

ـ وما هو السّـر في الإقبال العريض على علماء المشـرق؟

ـ لماذا يبدو الجزائري منبـهرا بـ”الغريب” (غير الجزائري) مزدريا للجزائري؟

ـ….وهكذا يخـرج من كل سؤال أسئلـة ..حتى وصل الأمر إلى التساؤل:

ـ إ ذا كان لا بد من حضور هؤلاء (وكأنهم أجانب) فليتم اختيار الأفضل على الأقل، ولنبتعد عمّن تلاحقهم “شبهات”.

وهذا كلام يشــير إلى “العقليات” والنفسيات التي لا ترى خيرا في أي شيء تقريبا .

لعـلّ هذا الأمر، وقد امتدّ وانتشـر وتباينت فيه الرؤى وتباعدت فيه الآراء يحتاج الى بعض التمحيص لرفع اللبس وتقريب الحقائق وتنوير العقول وبناء تصوّر منطقي مقبول في الغالب الأعم.

فأما وفادة العلماء إلى بلدنا فهذا أمر قديم معروف، لم تخلُ منه فترة، وتنوّعت الجهات التي تستضيف هؤلاء العلماء: رسمية، شعبية، جمعيات الخ . فكثيرا ما كان لبعض الجمعيات من خلال أهل البرّ واليُسر دور في استقدام علماء ينشـرون العلم والخير ويعظون الناس، ومثلها تفعل الهيئات الرسمية كالشؤون الدينية، وغيرها .

وإن شئنا العودة قليلا إلى الوراء فإن “ملتقى التعرّف على الفكر الإسلامي” كان مؤسسة رائدة في هذا المجال؛ حيث يأتي علماء من أقطار الأرض كلها (وبينهم غير مسلمين) وكانت تلك الملتقيات جامعة راقيـة حقيقية تجتمع فيه عقول كبيرة تناقش وتحلل وتطرح وتصوّب وتجادل أمام أكثر مـن 500 مدعو(مشارك)، لمدة أسبوع تقريبا، ما جعل بلدنا قِبلة للعلماء على مدار سنين عددا، وكان “الخيـر” الذي يحصـل من ذلك لا حدود لـه: خير علمي، وفكري، وتعليمي وتكويني تدريبي (لأن معظم الحضور من طلبة الجامعات والثانويات)، فضلا عن كل ذلك فإن “سُمعـة” بلدنا تـعلو وتعظُم حتى قيل عنها: “كانت الجزائر عاصمة العلماء والمثقفين وعاصمة النقاش الحضاري العالمي”.

وقد خسرت الجزائر الكثير بالانكفاء وإهمال مثل تلك الملتقيات المشبعة بالخير، والثقافة، والسياحة الراقية، والتعريف بمدن الجزائر، وتاريخها وعاداتها…وكان الإقبال على استضافة العلماء من أبناء الشعب في بيوتهم، في المدن والقُرى شيئا لا مثـيل له في أي مكان آخر.. وقد ترك ذلك من الانطباعات ما ترك في نفوس وعقول العلماء والمثقفين والإعلاميين المدعوّيــن .

إذن ..

ومما يجب التنبيه عليه: إنـّه ليس صحيحا أن الإقبال على العالم غير الجزائري أكثر من الإقبال على العالم المحلّي، فقد شهدنا، في عدد من الولايات، تجمعات وندوات ولقاءات وملتقيات كان الحضور فيها كبيرا ولافتا، ولم يكن من علماء الخارج أحد . والأمور نسبيــة في كل الأحوال.

لعل مما يستوجب النظر في هذه المسألة، بناء على هذا الإقبال، أن نعمل على تنويع الأشخاص فنجتهد في مؤسساتنا المسجدية في استقدام الأئمة والدعاة إلى مساجد المدينة، من مدن وولايات أخرى، في صيغة (القوافل الدعوية) فنحقق بعض المراد، إن لم يكن كل المراد، فنعرّف بدعاتنا، وننوع في الحضور الشخصي، وننوع أيضا في طرائق الطرح والموضوعات التي تُتناول، وهذا في الممكن المتاح .

(“فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”)ـ والله المستعان .

وفي الأخير أورد بعض الملاحظات:

لا ننسى أن مثل تلك الصور التي تمثل الإقبال العريض على هذا الداعية (أو غيره من العلماء والدعاة ) فيها ما فيها من رسائل يجب أن تُفهم على حقيقتها ومنها:

وقد ضيّعنا فرصا كبيرة وعظيمة، فلا ينبغي أن نضيّع المزيد منها ؛ لأننا لن نحصّل شيئا دون أن نفهم حقيقــة هذا الشعب وهذا المجتمع في أن الدين هو الركن الأركن في بنياته وحركته، حتى وإن ظهر فيه الفساد والغش والعفَن والانحراف .

مقالات ذات صلة