الرأي

سأخدم بلادي بطرق أخرى…

محمد سليم قلالة
  • 3672
  • 10

ليس من مصلحتنا أن نستمر في سياسة تحميل المسؤولية للآخرين في أي مجال من المجالات. ينبغي أن نعتمد منهجية تقوم على اعتراف كلٍّ مِنَّا بذلك الجزء من المسؤولية الذي يتحمله، في ما وصلت إليه البلاد، إن كان إيجابا أو سلبا. منطق “كلنا مسؤولون” بدرجات متفاوتة وبِنِسَبٍ مختلفة هو الأصلح للحاضر والمستقبل في هذا الظرف بالذات الذي تمر به بلادنا…

المرحلة التي نعيشها اليوم، تتطلب الاستثمار في أفضل ما نملك، لا الاستثمار في أسوإ ما نملك. في الانطلاق من الحد الأدنى مما توفر لدينا من الإمكانات والوسائل، لا في السعي لبدء كل شيء من الصفر وكأننا لا نملك شيئا. تلك نظرة خاطئة في البناء.. أن نهدم البيت الذي بناه غيرنا بدل إقامة بيت جديد بجانبه أفضل منه خال من العيوب التي عرفها، وبعدها ليس أسهل من تنظيف المحيط من كل الشوائب.

لعلها ذي أفضل مقاربة.. علينا أن ننظر من خلالها إلى المستقبل. ونسعى من خلالها لتحسين الواقع ببلادنا بمختلف جوانيه، ونحن على أبواب مرحلة تحول نوعي قادمة، إن في السياسة أم الاقتصاد أم التعليم أم الصحة أم غيرها من القطاعات. نحن في حاجة إلى الاستثمار في أي عنصر إيجابي في هذا البلد، ووضع حد لذلك الخطاب العنيف لفظا أو سلوكا وممارسة.

ينبغي ألا نفرح عندما توصف العبارات التي نُطلقها بأنها “نارية”، “مُزَلزِلة”، “قنابل متفجرة”، “قذائف صاروخية”، “صواعق مدوية”.. ألا نشعر بالنشوة عندما توصف مواقفنا بأنها “مَسَحت الآخرين مسحا”، “كنستهم كنسا، “لم تبقهم على وجه الأرض”… إلخ. تلك عبارات ومواقف لا نحتاجها اليوم، بقدر ما نحتاج إلى الهدوء في الطرح، وإلى الإقناع بالحجة، وإلى تفادي اللعبة الصفرية مع الآخرين…

يمكننا ذلك إذا فكرنا بطريقة أخرى، وسرنا على منهج الأقوياء لا الضعفاء، ذلك أننا يمكن أن نخدم بلدنا بأكثر من طريقة وبأكثر من صفة، ليس الحكم وحده هو الوسيلة، ولا سلطة المال وحدها هي الباقية، ولا القوة المادية بأي شكل من الأشكال… بإمكاننا أن نسلك سلوك الكبار عند المنعرجات التاريخية والحاسمة، وأن نتصرف بما يخدم مصالحنا الوطنية العليا لا مصالحنا الشخصية الضيقة.

لقد خطب الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” بعد انتهاء عهدته، وقال كلمة ينبغي أن تكون لنا درسا اليوم، قال إني خدمت بلادي لعهدتين، والقانون يمنعني من عهدة ثالثة. وبرغم أنني مازلت شابا وأستطيع تقديم الشيء الكثير لبلادي إلا أني ألتزم بالدستور، وأعلن أمامكم بأنني سأستمر في خدمة بلادي، ولكن بطرق أخرى…

هي ذي الوطنية الحقة، وهو ذا الإدراك الحقيقي لمفهوم المصلحة الوطنية، وهذا الذي ينبغي أن ننطلق منه اليوم، لزرع الأمل بين الناس لأجل بناء المستقبل…

مقالات ذات صلة