الشروق العربي
الفنانة المعتزلة سعاد بوعلي للشروق العربي:

“سألت الأئمة وأجازوا لي الغناء وحوّلت مساري للمديح الديني”.

الشروق أونلاين
  • 13878
  • 0
ح.م
الفنانة سعاد بوعلي خلال أداء مناسك العمرة

مطربة صاحبة صوت فيروزي رقيق وعذب، سطع نجمها وسط جيل من عمالقة الأغنية الوهرانية خلال سنوات الثمانينات، قدمت رصيد من أجمل الأغاني التي لايزال يتذكرها الكثيرين منا على غرار “غرّد البلبل”،”كيف أعمالي أو حيلتي” وغيرها.. إنها الفنانة المحبوبة سعاد بوعلي التي اختفت منذ ارتدائها الحجاب سنة 2011، لتقرر العودة مؤخرا بعمل جديد تخبرنا عنه، وعن تجربتها مع الحجاب ورأيها في “ألحان وشباب” بعد عودة المدرسة وغيرها:

 

** كثيرون يجهلون أن بداياتك الأولى في مجال الغناء كانت من بوابة برنامج “ألحان وشباب”، وتحديدا خلال سنوات الثمانينات،  ماذا تبقى لك من ذكريات هذه الفترة؟.

– تسرح ثم ترد مبتسمة: أنت تعيدني إلى بداياتي الأولى، حين دخلت مجال الغناء من بابالهواية فقط، بعدما وجدت التشجيع من محيطي للمشاركة في برنامج “ألحان وشباب” سنة 82 بوهران. وأذكر أنني تأهلت للتصفيات النهائية بالجزائر العاصمة رفقة كلا من سامية بن نبي ومحمد خليفاتي الشهير بالشاب مامي.. بعدها انضممت إلى الفرقة الصوتية لإذاعة وهران الجهوية سنة 84، وهي الإذاعة التي أنتجت العديد من الأغاني لفنانو تلك الفترة مثل سامية بن نبي، جميلة ساحلي، بارودي بن خدة وحورية بابا وغيرهم.

 

**لكن الجمهور عرفك لأول مرة بأغنية “غرّد البلبل”، أي قبل أن تقدمي “الديو” الشهير”كيف أعمالي وحيلتي” الذي جمعك بالفتان أحمد فتحي؟

– صحيح، وكانت “غرّد البلبل” أول عمل خاص بي من تلحين الموسيقي المرحوم عبد القادر مغني، بينما كتبت كلماتها المذيعة السابقة مبروكة بوساحة، المعروفة باسم نوال آنذاك، ثم أديت أغنية “ديو” مع الفنان أحمد فتحي بعنوان “كيف أعمالي وحيلتي” التي تعتبر نقلة نوعية في مسيرتي الفنية، لتتوالى بعدها الانتاجات على مدار الثمانينات.

 

** على ذكرك لبرنامج “ألحان وشباب”، كيف وجدت النسخة الجديدة والمعدلة من المدرسة؟

– مقبولة ولجنة التحكيم هذا العام ممتازة. كذلك الطلبة هذا العام محظوظين كونهم سيكونون تحت إشراف وتأطير الكبير رابح درياسة، والسيدة نادية بن يوسف، والموسيقي محمد روّان، لكن في المقابل أنا لديّ مأخذ أو لنقل تسأل..

 

** ماهو؟.

– لجنة التحكيم التي رافقت الطلبة في تصفيات الكاستينغ الأولى(عبدو درياسة وريم حقيقي وسليم الشاوي) هل هي مؤهلة لهذه المهمة؟. كذلك البرنامج في شكله الجديد – ومن دون قصد طبعا- علّم الطلبة الغرور.

 

** كيف ذلك؟.

– الطلبة وهم داخل المدرسة، لديهمامكانيات التي لم تكن متوفرة على أيامنا من مسرح كبير وفرقة موسيقية على مستوى عالي. لكن بعد خروجهم من البرنامج سيصدمون بالواقع المرير للوسط الفني والمناخ الانتاجي، خصوصا عندما لا يجدون من يدعمهم ويأخذ بيدهم. صحيح نحن شقينا طريقنا بمفردنا وحفرنا في الصخر، لكن الاذاعة الوطنية كانت تسجل لنا الأغاني وتصوّرها من دون أن ندفع من جيوبنا. 

 

** في اعتقادك، ما الفرق بين الأغنية الوهرانية في تلك الحقبة مقارنة بالوقت الراهن؟

– طبعا هناك فارق كبير.فترتنا هي الفترة الذهبية للأغنية، ليس بالنسبة لجيلي من الفنانين فقط، بل الثقافة عموما في ولاية وهران كانت تعيش حينها زخما فنيا وثقافيا مميزا بالرغم من الإمكانيات المادية المحدودة، كما أن الجمهور الوهراني معروف ذواق لكل أنواع الأغنية بالرغم من عشقه أنداك لأغنية الراي.

 

**رغم ارتدائك الحجاب وأداءك مناسك الحجلازالت لديك الرغبة في الغناء، من وجهة نظرك ألا يتعارض هذا الأمر مع ذاك؟.

– الحمد لله، لقد ارتديت الحجاب وأديت فريضة الحج وهذا فضل من رب العالمين، وقد سبق وقلت أنني اعتزلت غناء الطابع الذي كنت أؤديه، أي الطابع الغرامي، بعدما اتجهت إلى الغناء الملتزم والأنشودة الدينية والوطنية. 

عموما أنا لا مانع لديّ من الغناء في مكان غير مختلط، أي للنساء فقط. كما حدث مؤخرا خلال عيد المرأة على هامش الأسبوع الثقافي الذي أقيم بولاية النعامة.

 

** هل سألت أهل الاختصاص في هذا الشأن؟.

– نعم سألت أهل الفتوى وقالوا لي أنه لا يجوز الغناء في الأماكن المختلطة. وللأسف في الجزائر نفتقر إلى قاعات غناء خاصة بالنساء فقط، لهذا اعتذرت عن بعض العروض التي لم تكن مكيّفة مع توجهي الجديد ولم أندم على ذلك، لأنه لا ينفع أن تندم على شيء بعدما ترى الكعبة التي أتمنى زيارتها لكل مسلم. 

 

** لكن بعض العلماء  حرموا الغناء؟

– هو ليس حرام !!، إنما الغناء في الأماكن المختلطة هو الأمر الذي حرمه العلماء.. والحمد لله لست من الفنانات اللاتي غنين في الأماكن السيئة.

 

** لحظة ارتدائك الحجاب هل كانت صعبة؟.

– قد لا يصدق البعض أنني ارتديت الحجاب ساعة واحدة فقط قبل سفري إلى البقاع المقدسة. 

وقد كانت رغبتي في زيارة بيت الله الحرام وراء قراري هذا. فأنا سافرت لأكمل خامس ركن من أركان الإسلام، والحمد لله الذي أنعم عليا بهذه السُترة الجميلة.

 

** فنيا، كيف تخططين للمرحلة المقبلة؟.

– حوّلت مساري إلى أداء المديح الديني طالما أنه لا يتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف.

 

** صراحة هل ندمت على اختيارك طريق الفن أو الغناء؟.

– لالم أندم يوما على ذلك،أولالأنني لم أغني ما أخجل منه أمام أبنائي أو زوجي، وثانيا من يطلع على مسيرتي الفنية بلا شك سيُدرك ذلك.كما أنني دّرست الموسيقى في الطور المتوسط وعلاقتي بتلاميذي كانت دائما علاقة مربية بأولادها. باختصار لقد أحببت الفن لدرجة أنني قمت بتدريس الموسيقى ومن يحب شيء مهما كان فهو لا يندم عليه.

 

** ما رأيك في بعض الفنانات اللاتي خلعن الحجاب بعد زيارة البقاع المقدسة؟.

– الرب واحد، والقرآن واحد، وفي الأخير كل فنانة وقناعتها الشخصية. بالنسبة لي ما الفائدة من زيارة بيت الله الحرام إذا لم أعمل بالآية القرآنية التي تؤكد فرض الله للحجاب؟؟. 

 

**البعض يرى أن الأغنية الوهرانية تراجعت شعبيتها، وأصبحت تحتل المرتبة الثانية بعد أغنية الراي، ما تعليقك؟

– لا أبدا، لست مع هذا الرأي، فالأغنية الوهرانية لها جمهورها من داخل وهران وخارجه.

المشكل أن العائلات الوهرانية ترفض أن تحضر الحفلات التي تختلط فيها النغمة الوهرانية بأغنية الراي، لذلك أنا دائما أقول لما لا تنظم تلك المواعيد الفنية بقاعات السينما المتوفرة بوسط مدينة وهران؟.. عندها أكيد سنرى جمهور الأغنية الوهرانية.

** ماذا أعطاك الفن.. وماذا أخد منك في المقابل؟.

– أكيد أعطاني الشهرة وحب الناس الذي أعتبره نعمة كبيرة جدا لا تقدر بثمن. وأخد مني حريتي الشخصية. فالفنان بحكم أنه تحت الضوء كل خطواته محسوبة، لكن صدقني كل شيء يهون من أجل حب الناس وتقديرهم لك.

 

**ما هو جديد سعاد بوعلي خلال الفترة المقبلة؟.

– جديدي أغنية قدمتها هدية للمرأة الجزائرية والعربية تحمل عنوان “سيّدتي” بمناسبة عيدها العالمي، وهي من تأليف داودية زيتوني وتلحين توفيق بوملاح يقول مقطع منها: 

“سيّدتي أنت حقا سيّدتي يشهد عليك تاريخ أمتي.. كم من عالم للنور أخرجتي.. طبيبا محاميا مهندسا وضعت”.

 

** ماذا عن الأنشودة الدينية، خاصة أنه بلغنا أنك تحضرين ألبوم في هذا النهج؟.

– هناك أنشودة دينية واحدة لسيد الخلق، محمد صلى الله عليه وسلم، تحمل عنوان “سعدي بسيدنا محمد” سجلتها بالفعل. وشخصيا لو وجدت منتجا متحمسالمثل هذه الأعمال مؤكد سأقدم ألبوم كامل، فما أجمل أن أوظف صوتي خدمة للدين.

 

**كلمة أخيرة؟.

– شكرا لكم على الحوار، وأتمنى من الوزارة الوصية على الفنانين الالتفاتة إلى من أعجزهم المرض عن العطاء من فنانينا، أو من أدارت لهم الدنيا ظهرها، أتمنى أن تدعمهم ماديا من أجل أن تضمن لهم حياة كريمة بقية حياتهم، فالفنان يبقى دائما رمزا للعطاء والشمعة التي تذوب في صمت من أجل أن تنير للآخرين.

مقالات ذات صلة