الجزائر
"الشروق" ترافق الدرك وتنقل كواليس الطرقات

سائقون يحوّلون أيام وليالي رمضان إلى مآتم ومجالس عزاء

نوارة باشوش
  • 3871
  • 9
ح.م

إنه الموعد الأخير مع مائدة الإفطار… طرقات تتحول إلى مضامير لسباقات السرعة وسائقون يتفنون في مراوغات ومناورات خطيرة سويعات قليلة قبل أذان المغرب.. فالجميع يهرولون في كل الاتجاهات كأنه يوم البعث العظيم .. ويتذرعون بـ “دوخة الصيام” ويتسببون بذلك في مجازر رهيبة.. فيما يستغل أصحاب الضمائر الغائبة مواقيت الإفطار لتمرير أطنان من لحوم “الجيفة”.. فبين التوسل واستعطاف أصحاب البذلة الخضراء تحت غطاء “شهر الرحمة والغفران” فإن القانون لا يعترف بذلك أمام إنقاذ آلاف الأرواح من الموت المحتوم.
الساعة تشير إلى الخامسة ونصف، أي ساعات قليلة قبل الإفطار عندما انطلقنا من المجموعة الإقليمية للدرك، بباب جديد رفقة الرائد عبد القادر بيزيو من خلية الاتصال لقيادة الدرك وعدد من ضباط المجموعة الإقليمية لدرك الجزائر العاصمة، نحو المدخل الشرقي للعاصمة وكانت أول وجهة، الحاجز الثابت في السواشات بالرويبة، حيث يتموقع أعوان الدرك لتأمين الطريق الولائي رقم 149 الرابط بين الرويبة والعاصمة.
ومن المعروف أن هذا الطريق يشهد اختناقا مروريا في أوقات الذروة، لاسيما أنه يربط عدة اتجاهات سواء إلى وسط العاصمة أو إلى المطار الدولي بالدار البيضاء أو إلى الرويبة مرورا بعين طاية، حيث تلج إلى هذا الطريق ما يقارب 50 ألف سيارة يوميا، وهو ما يستدعي تزويده بفرقة خاصة بأمن الطرق للسهر على تنظيم حركة المرور، وفي عين المكان علمنا أن العديد من التجار يحاولون تمرير سلعهم الفاسدة إلى أسواق العاصمة.

تجار يحاولون تمرير أطنان من الجيفة قبيل الإفطار
وجهتنا الثانية قبيل موعد الأذان بساعة و10 دقائق، وعند الحاجز الأمني للرغاية الواقع على الطريق الوطني رقم 61، وقفنا على مشاهد غير عادية، حيث كشف لنا النقيب مولود مصطفى من سرية أمن الطرقات لدرك الرغاية، عن الوجه الأخر لعدد من التجار الذين يستغلون مواقيت الإفطار ويحاولون تمرير أطنان من لحوم “الجيفة”، غير أن هذه الحيل يقول النقيب لا تمر على حواجز الدرك، مؤكدا أن مصالحه تحجز ما معدله 7 شاحنات ثلاجة معبأة بلحوم بيضاء أو حمراء فاسدة.
ويضيف النقيب مولود، أنه في اليوم الأول من رمضان وقبل ساعة واحدة من أذان المغرب، تم حجز شاحنة كبيرة، وخلال تفتيشها من طرف أعوان الدرك تبين أنها تحمل كمية من الديك الرومي والدجاج وهي ممزوجة بالتراب ومغطاة بالبلاستيك غير نظيف، حيث قمنا بإتلافها وتحويل المعني إلى الجهات القضائية.
وقال النقيب مولود إن الدرك يقوم بإحضار الطبيب البيطري المعتمد، وهو الذي يحدد ما إذا كانت هذه اللحوم مطابقة للمواصفات، في حين إثبات أنها فاسدة فإن الدركيين يحررون محاضر إتلاف ويحولون الملفات على العدالة.

بكاء.. جنائز ومرضى للنجاة من سحب الرخصة
تهور، قلق وجنون وتحدي للقانون من طرف عدد لا يستهان به من السائقين المتهورين ساعة واحدة قبل الإفطار، وهم يتذرعون بحجج واهية للهروب والإفلات من سحب رخصة السياقة ودفع “البروسي”.. هي مشاهد سجلناها على مستوى الحاجز الثابت بالرغاية، أين يرصد الرادار من 50 إلى 60 مركبة تسير بسرعة قبيل ساعة واحدة من أذان المغرب حسب ما كشف عنه النقيب مولود مصطفى، حيث لا حظنا تصرفات بعض السائقين الذين يتوسلون ويتحججون لاسترجاع رخصهم، إلا أن توسلات هؤلاء لم تشفع لهم أمام تطبيق القانون، “نحن لا نطبق السوسيال”، إلا في الحالات الاستعجالية على غرار المرض وفي هذه الحالة يقول الضابط الأمني ذاته يتحول الشعار إلى “دعه يمر” بل نسهل ونفتح الطريق.

موعد مع الإفطار الأخير…!
كثير من عشاق السرعة تسببوا في تحويل أيام رمضان المباركة لعائلاتهم وعائلات الآخرين إلى مجالس عزاء ومآتم وأحزان، وكل ذلك بسبب إفراطهم في السرعة، يقول رجال سرايا أمن الطرقات للدرك الذين تحدثت إليهم “الشروق”، أحد الأعوان الذي أطلق عليها “الظاهرة الرمضانية”، قال “..قبل لحظات قليلة من آذان المغرب والإفطار، تلاحظهم وكأنه يوم البعث العظيم، فالجميع يهرولون في كل الاتجاهات سواء المشاة أو أصحاب المركبات، حتى تخلو الشوارع والطرقات .. إنها ظاهرة من الظواهر والمشاهد الرمضانية السلبية”.

عائلات تحج إلى العاصمة ومساجد مملوءة عن آخرها
بعد الإفطار وفي حدود الساعة العاشرة ليلا تنقلنا إلى الحاجز الثابت لدرك “نادي الصنوبر”، وهناك لاحظنا توافد المئات من السيارات المرقمة من خارج العاصمة في طريقها إلى سطاولي لقضاء ساعات من المتعة، حيث كانت أنغام الراي على شاكلة “الواي الواي” تنبعث من سيارات بعض الشباب والفتيات، فيما فضّل عدد كبير من الجزائريين التوجه إلى المساجد لأداة صلاة التراويح، وهو ما وقفنا عليه على مستوى مسجد أولاد فايت، أين تم تنصيب تشكيل أمني محكم لرجال الدرك “SSI ” مرفوقين بكلاب مدربة لإحباط أي محاولة إجرامية متوقعة، خاصة أن هذا المسجد يعرف حركية كبيرة وتوافد كثيف للمصلين.

34 قتيلا و179 جريح في 4 أيام
وكشف الرائد عبد القادر بيزيو من خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني، عن تسجيل91 حادثا مروريا خلال أربعة أيام الأولى من شهر رمضان، أسفر عن مقتل 34 شخصا وجرح 179أخر، وكانت الأسباب الرئيسية وراء هذه المجازر حسب الضابط الأمني هو السرعة المفرطة، كما أن وقت الذروة التي سجلت أكبر عدد من حوادث المرور هو الساعات التي تسبق موعد الإفطار.

مقالات ذات صلة