الرأي

سابقة تسبق التغيير!

جمال لعلامي
  • 910
  • 2
ح.م

زيارة الرئيس تبون إلى وزير الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، في بيته، هي برأي عقلاء ونزهاء، سابقة تـُحسب لصالح الرئيس الذي مدّ يده للجميع من أجل المساهمة في التوافق حول الحلول والبدائل التي تستجيب إلى مطالب الحراك الشعبي، وبالتالي، لا يُمكن لأيّ طرف، أن “يتفّه” مثل هذه المبادرات، خاصة بالعودة إلى ما اقترفته رموز نظام بوتفليقة، الذي سدّ كلّ الأبواب في وجه “خزان الأمة” لسنوات طويلة بدافع الانتقام والنرجسية!

استقبال شخصيات مثل بن بيتور ورحابي وحمروش، بمقرّ رئاسة الجمهورية، ولقاء الإبراهيمي في بيته، مؤشر سياسي، يجب أن يُقرأ قراءة صحيحة، بعيدة عن كلّ تأويل أو تقليل، فالرئيس تبون، نجح خلال قرابة الشهر من تنصبه الرسمي، في بداية التغيير، وهذه اللقاءات هي واحدة من عوامل إنجاح هذا التغيير الذي يريده الكلّ، والبداية بتغيير الذهنيات ومنهجية العمل وأسلوب التعامل مع الشركاء وحتى الخصوم!

مصيبة النظام السابق، أنه حصّن نفسه بعصابة وحمى ظهره ببطانة سوء وحاشية انتهازية، فقتل بمرور السنوات، كلّ المبادرات ودفن إرادة الخيّرين والفاعلين، وقبر الراغبين في بناء البلد، والأخطر من ذلك، أنه استبدله بمجموعات من الضالين والمغامرين والوصوليين والفاسدين، فعاثوا في الحكم فسادا، وحوّلوا الدولة إلى أداة تحت تصرّفهم، وسرقوا “مفاتيح الكعبة”، إلى أن ثار “فخامة الشعب” في 22 فيفري في “انتفاضة سلمية” رافقها الجيش الوطني الشعبي ولبى أغلب مطالبها إلى غاية انتخاب رئيس للجمهورية في 12 ديسمبر.

رئيس الجمهورية يستكمل الآن، مهمة الاستجابة لمطالب الشعب الشرعية والمشروعة، ولذلك فهو يبحث عن الأفق والتوافق والمخارج المرضية، عند هؤلاء وأولئك، من أجل بناء جزائر جديدة، وإصلاح شامل للدولة، وهذا المسعى الوطني، السياسي والشعبي، أخرجه عبد المجيد تبون من معتقل الفردانية وقرارات الشخص الوحيد، وجعله “شورى” بينه وبين شخصيات وطنية وقيادات حزبية، مطالبة بإبداء الرأي وتصوراتها لمختلف القضايا!

لا يُمكن لأي تغيير أن ينجح ويستمرّ، ما لم يتم التمهيد والتأسيس له بتغيير العقليات البالية، التي أدخلت البلاد والعباد “في الحيط” خلال السنوات الماضية، نتيجة منطق “لا أريكم إلاّ ما أرى”، ومرض “أنا أو لا أحد”، ووباء “أنا ومن بعدي الطوفان”، وهذه كلها أحبال وسلاسل فرملت التطوير وكبّلت المبادرات وأسكتت الطاقات وهجّرت الكفاءات، فكان الانهيار حتما مقضيا، ودخلت المؤسسات نفق “الرجل المريض” الذي مرّض أركان الدولة!

لقد وضع الرئيس تبون خطوة في الاتجاه الصحيح، ينبغي على المعارضين قبل غيرهم، تثمينها ودعمها وإسنادها، لاستكمال المأمورية وبناء جزائر جديدة تحرّر الجزائريين من غرفة الانتظار وتساعدهم على التغيير بالتي هي أحسن!

مقالات ذات صلة