سارة بأي ذنب قتلت؟
لن نختلف في أن الجريمة لا دين لها، وهي لا تعترف بالمكان ولا بالزمان فإذا كان عمر بن الخطاب قُتل وهو يصلي الصبح بالصحابة في جامع المدينة المنورة، وقُتل علي بن أبي طالب بين آله في الكوفة،
-
وسالت الدماء في مكة كما تسيل في كل بقاع العالم، لأن قدسية المكان لا تعني بالضرورة قدسية الأشخاص كما قال حسن البصري، فإننا سنختلف بالتأكيد في قراءة الجريمة التي تعرضت لها صبية جزائرية في أيام عيد وفي أرض طاهرة تمنح الأمان لكل من يدخلها بينما كانت رفقة والدها الذي منحها هدية العمر فضيّعت العمر كله.. وما يحزّ في النفس أن الذين هللوا للرسومات الكاريكاتيرية المسيئة لخير خلق الله، وشجّعوا فرنسا على منع ارتداء النقاب في الأماكن العمومية، وتمنوا لو حذت كل دول العالم حذوها، وهللوا لنية القس الأمريكي في إقامة مهرجان لحرق نسخ القرآن الكريم، استغلوا الحادثة وراحوا يقارنون ما بين سنوات “أمن” طويلة قضتها البنت الجزائرية المسلمة وسط نصرانيي فرنسا وما بين أيام “جحيم” قصيرة تعرضت فيها إلى أبشع ما يمكن أن يحدث لإنسان على وجه الأرض، في قلب عاصمة الإسلام وفي عز أيام الإسلام، وإذا كان الرد الجاهز الذي يمكننا أن نرد به على هؤلاء في تذكيرهم بإحصاءات الفاتيكان عن جرائم الاغتصاب وهتك العرض والقتل والتعذيب التي تعرض لها أطفال أبرياء على أيدي قساوسة في قلب الكنائس، إلا أن إحصاء آثام الآخرين للدفاع عن إثمنا هو بحث بائس عن تبرير الجرائم، وتأجيل غير مبرّر لموعد معالجة هذه الآفات التي تجرّأت على الأماكن المقدسة والأزمان المقدسة والأجسام البريئة المقدسة، وإذا كنا نجد للدبلوماسية بعض الأعذار في صمتها وحذرها في التعامل مع مثل هذه الجرائم التي تطال الجزائريين في الخارج خاصة أن الجرائم هي عمل فردي ليس للبلاد ولا للحاكم ذنب فيها، فإننا نتساءل كيف لوسيلة إعلام ثقيلة مثل تلفزيوننا الذي سبق له وأن تحدث عن اختفاء طفلة في ألمانيا واغتصاب أخرى في بلجيكا ومقتل مصرية في ألمانيا، أن يتجاهل الجريمة الشنعاء التي طالت جزائرية من باب “الخبر” وذاك أضعف الإيمان في الأداء الإعلامي حتى لا نترك التلفزيونات الإنجليزية والألمانية وحتى الإسرائيلية تتعاطف مع عائلة البريئة بحق أريد به باطل .
-
هل يكفي أن نقدم التعازي لوالد البريئة ونقول له إن ابنتك توفيت في أطهر أرض وفي أعياد الإسلام، ودفنت إلى جوار الصديقين والأطهار، هل يمكن أن نطهّر أيدي السفاحين بهذه المواساة وننسى أن الصغيرة تعرضت لأنجس الأفعال ونتجاهل الغجابة عن السؤال الكبير بأي ذنب قتلت سارة؟
-